"إجراءات الغربلة التي تمارسها الكثير من البلدات الجماهيريّة في إسرائيل التي لا تحمل مميّزات خاصّة، تنتهك على نحوٍ قاسٍ الحقَّ الدستوريَّ في الكرامة والحقّ في المساواة، وكل ذلك دونما غاية جديرة". هذا ما صرّح به المحامي غيل غان مور (من جمعيّة حقوق المواطن) في المداولات التي دارت الثلاثاء أمام هيئة موسّعة ضمّت تسعة من قضاة المحكمة العليا، وذلك في الالتماس المقدَّم لإلغاء قانون لجان القبول. قدّمت الالتماس جمعية حقوق المواطن ، ومجموعة "مستقبل مسغاف" التي تتكوّن من مواطنين يسكنون في بلدات جماهيريّة في "مسغاف"، ويعارضون إجراءت الغربلة في بلداتهم، ومبادرات صندوق ابراهيم.  ناقشت المحكمة هذا الالتماس والتماسًا آخر تقدّم به مركز "عدالة" ومثّلته أمام المحكمة المحامية سهاد بشارة.

فحص درجة ملاءَمة ضروريّة لحماية بلدات جماهيريّة صغيرة

ادّعى ممثّلو الدولة في الجلسة أنّ القانون الذي صادقت عليه الكنيست في آذار عام 2011 يحظر التمييز على نحو قاطع وصريح ويتيح، عوضًا عن ذلك، فحص درجة ملاءَمة ضروريّة لحماية بلدات جماهيريّة صغيرة. المعطيات التي عُرضت على المحكمة تكشف أنّ الحديث يدور عن بلدات تضمّ مئات السكّان وأكثر من ذلك، وهي لا تحمل ميزة خاصّة، ولا تمارس ثقافة متميّزة، ولا حياة مجتمعيّة استثنائيّة، ولا تشبه الأُطُر الجماعية التّشاركيّة -كالكيبوتسات.

لجان القبول ترفض قبول المرشّحين بالاستناد إلى درجة ملاءَمتهم للمجتمع المحلّيّ القائم

أكّد المحامي غان مور في الجلسة أنّ لجان القبول ترفض قبول المرشّحين بالاستناد إلى درجة ملاءَمتهم للمجتمع المحلّيّ القائم. لا يمكن لهذا الاختبار أن يشكّل اختبارًا شرعيًّا عند تخصيص أراضي الدولة، إلاّ في ظروف خاصّة لا تسري في بلدات الضواحي التي يسري عليها القانون المذكور، والتي لا تتحلّى فيها المجموعة السكّانيّة بمميّزات خاصّة. أكّد المحامي غان مور كذلك أنّ لجان القبول التي تعمل في البلدات أقصت (وما زالت تقصي) الكثير من الشرائح السكّانيّة في المجتمع الإسرائيليّ بواسطة جهاز مقابلات اعتباطيّ يديره مواطنون غير مؤهلين لذلك. وفي معرض إجابته عن سؤال القضاة حول ما إذا كانت إضافة بند في القانون يحظر التمييز بدافع القوميّة والدين ومعايير أخرى غير كافية لمنع التمييز، قال المحامي غان مور إنّ القانون يمنح اللجان صلاحيّة رفض مرشّحين بالاستناد إلى ذرائع مختلفة نحو "عدم الملاءَمة لحياة المجتمع المحلّيّ" أو "عدم الملاءَمة للنسيج الاجتماعيّ- الثقافيّ". هذه الذرائع ضبابيّة وتوفّر غطاء للرفض بدوافع غريبة وعجيبة. هذه الذرائع هي بطبيعتها تستوجب تطرّقًا إلى هُويّة المرشّح مقارنة بالنسيج الثقافيّ لسكّان البلدة. ومن هنا فإنّ بند عدم التمييز المُدْرَج في القانون لا يمنع التمييز، بل إنّه مجرّد ورقة توت لتغطية العورة، ويعكس بطبيعة الحال الوضع القانونيّ القائم.

القانون يرسّخ ممارسات قائمة منذ فترة طويلة

يبتغي القانون في الأساس إقصاء العرب كما أعلن عن ذلك عدد من أعضاء الكنيست الذين بادروا إلى سَنِّهِ. نتيجة سنّ هذا القانون، تضرّرت مجموعات سكّانيّة أخرى في المجتمع الإسرائيليّ، ومن ثَمّ قطعت عليهم طريق الوصول إلى أراضي الدولة التي هي ملْك الجميع. من هذه المجموعات: العائلات الأحاديّة الوالديّة، والأزواج المثليّون، والمتديّنون، والمسنّون، وذوو المحدوديّة، وغيرهم كثيرون.

سأل القاضي غرونيس وقضاة آخرون في الجلسة عمّا إذا لم يكن من الأجدر الانتظار على ضوء سَنّ القانون لحالات عينيّة يصل فيها مواطنون رفضتهم لجان القبول في إطار القانون الجديد إلى المحكمة. وأجابت عن ذلك المحامية أورنا لين، عضو إدارة مبادرات صندوق أبراهيم، قائلة إنّ القانون يرسّخ ممارسات قائمة منذ فترة طويلة، وطُرِحت على المحكمة العليا مرّاتٍ عديدةً وعلى امتداد سنين طويلة. وأضافت المحامية لين أنّ "القانون يحمل في طيّاته قدرة تثبيط العزائم، لذا فإنّ الناس الذين يشعرون بأنّهم قد يتضرّرون سيتوقّفون عن محاولة الالتحاق بالبلدات. الحالات القليلة التي قد تصل إلى المحكمة لن تمنع إلحاق الضرر بالجمهور. خلال السنوات التي ستمضي إلى حين اتّخاذ قرار قضائيّ في المسألة سيكون الضرر جسيمًا طالما بقي القانون على هذه الصيغة".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]