في أعقاب التماس مركز عدالة وجمعية حقوق المواطن ومجموعة من المنظمات المدنية أصدرت المحكمة العليا بعد ظهر اليوم أمرًا مشروطًا ضد "قانون المقاطعة" يلزم الدولة أن تشرح خلال أربعة أشهر لماذا لا يتم إلغاء هذا القانون الذي حظي بانتقادات حادة من قبل حقوقيين ومحامين ومن ضمنهم المستشار القضائي للكنيست. كما قررت المحكمة توسيع الهيئة القضائية التي تنظر في الالتماسات ضد القانون.

وتعقيبًا على هذا القرار، قالت المحامية سوسن زهر من عدالة التي مثلت الملتمسين أمام المحكمة أن "نحن سعداء أن قضاة المحكمة العليا أدركوا الإشكاليات الدستورية الكبيرة القائمة في هذا القانون، الذي يمس بشكل كبير في حرية التعبير عن الرأي وحرية الاحتجاج." وأضافت المحاميّة زهر أنه "كان من الأجدر عدم سن هذا القانون منذ البداية حيث أنه سن رغم معارضة المستشارين القضائيين المرافقين لعملية التشريع، وبالتالي ليس من المفاجئ أن يتعرض هذا القانون لنقد جدي من قبل المحكمة. نحن نتأمل أن تتمم المحكمة عملها وأن تأمر بمسح هذا القانون غير الديمقراطي من كتاب القوانين."

وقدّم الالتماس كل من المحاميان حسن جبارين وسوسن زهر من مركز عدالة والمحامي دان ياكير من جمعية حقوق المواطن باسم المؤسستين وباسم اللجنة العامة لمناهضة التعذيب في إسرائيل والمركز الإصلاحي للدين والدولة، جمعيّة "يش دين" ومركز الدفاع عن الفرد- هموكيد. كذلك يمثل الالتماس كل من لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في إسرائيل، والتي تدعو علنًا لمقاطعة منتجات المستوطنات، كما يمثّل جمعية تحالف النساء لأجل السلام والتي تدير مشروعًا بعنوان "من المستفيد؟" وهو مشروع بحثي يتضمن بنك للمعلومات حول الشركات الإسرائيلية والعالمية التي تستفيد اقتصاديًا من الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والجولان السوري. من بين الملتمسين أيضًا، مركز القدس للدعم القضائي وحقوق الإنسان.

وقد نظرت المحكمة العليا في الالتماسات ضد القانون يوم الأربعاء الماضي 05.12.2012 أمام القضاة اشير غرونس استير حيوت وسليم جبران. وقالت المحاميّة سوسن زهر خلال مرافعتها بأن "القانون يمسّ في صميم حريّة التعبير السياسي ويفرغه من مضمونه." وأضافت زهر بأن الالتماس التماس مبدئي لا يمكن إلغاءه بحجّة عدم نضوج الظروف، فإن "مجرّد وجود القانون يقيّد ويردع الأفراد والمؤسسات من التعبير عن آرائهم بحريّة، ويجبرهم على تغيير طبيعة نشاطهم.هذا وقال القاضي سليم جبران خلال الجلسة موجهًا حديثه للمستشار القضائي للكنيست: "معظم المستشارين القضائيين، بما فيه أنت، هاجمتم القانون بشدّة.. ألا يضيء هذا ضوءًا أحمر؟"

قانون المقاطعة

ويتيح "قانون المقاطعة" تقديم شكاوى ودعاوى أضرار للمحكمة ضد أفراد أو مؤسسات تنادي بالمقاطعة أو تعلن التزامها بها، وذلك دون حاجة أن يثبت المدّعين وقوع الأضرار. بالإضافة، يخول القانون وزير المالية من فرض عقوبات مالية على المؤسسات التي تنادي بالمقاطعة، ومن ضمن تلك العقوبات إلغاء الإعفاءات الضريبية الممنوحة للمؤسسات غير الربحيّة.وجاء في الالتماس أن القانون يعتبر كعمليات "جباية الثمن" على تصريحات سياسية شرعيّة، فهو يوجه ضربةً قويّة للجدل السياسي العام الدائر في البلاد كما يمس بالحق الدستوري بالتعبير عن الرأي. كما أشار الملتمسون إلى أن القانون يشكل تلويحًا بعقوبات من شأنه أن يقيد الخطاب السياسي ويردع الجهات المعنيّة من التعبير عن مواقفها في قضايا هي أصلا خلافية وفي محل جدل.

وقد حظي القانون بانتقادات تلاذعة من جهات محلية ودولية. فقد كتب المقرر الخاص للأمم المتحدة في شؤون حرية التعبير والحق بحريّة الرأي، فرانك لارو، في العام 2011 عن "قلقه الجدي حول القوانين التي تُقدّم للكنيست وتتبناها الكنيست، وهي قوانين تتناقض مع أعراف الحق في حرية الرأي والتعبير." وقد أشار لارو في هذا السياق إلى قانون النكبة وقانون تمويل الجمعيّات إلى جانب قانونا المقاطعة.

رفض للقانون من قبل المؤسسات الحقوقية

من جهته، يرى ائتلاف النساء لأجل السلام بالمقاطعة كأداة نضالية شرعيّة بشكل عام، وخاصةً في سياق النضال السلمي ضد الاحتلال، ويعمل الائتلاف على كشف اقتصاد الاحتلال والأهداف الاقتصادية لبعض الشركات التي تربح من وراء المس بحقوق الشعب الفلسطيني والمس بالقانون الدولي.

كذلك، يرى ائتلاف النساء لأجل السلام أنه "من غير المعقول أنه يسمع للمواطنين بالدعوة لمقاطعة المنتجات في إطار نضال اجتماعي بينما لا يسمح بالدعوة لمقاطعة شركة تخرق القانون الدولي. هذا القانون يدوس على حق التعبير عن الرأي، ويؤدي إلى ملاحقة سياسيّة لناشطين ذات مواقف معيّنة."

أما منظمة منظمة "هيومان رايتس ووتش" فقد أصدرت بيانًا للصحافة حول القانون تحت عنوان: "قانون المقاطعة يخنق حريّة التعبير". أما منظمة آمنستي فكتبت في بيانها أن "قانون المقاطعة هو هجوم إسرائيلي ضد حرية التعبير."

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]