في غضون شهر ونصف الشهر، ستُعقد في إسرائيل انتخابات للكنسيت ال19، وخلافا لحملات انتخابية سابقة، يبرز في الانتخابات الراهنة غياب العملية السياسية، ولا سيما مستقبل العلاقات الإسرائيلية – الفلسطينية، بينما تستحوذ القضايا الاجتماعية على المناخ الانتخابي وأبرزها: غلاء المعيشة، وإرهاق الطبقة الوسطى، وقضايا السكن والتربية.

وفي ذلك، عقدت مبادرة "جنيف" مساء أمس الاثنين، في مدينة تل أبيب، مؤتمرا سعى إلى جمع مرشحين وممثلين من الأحزاب المختلفة في إسرائيل، لمناقشة غياب الملف الفلسطيني من جدول أعمال جُل الأحزاب السياسية، وعلى وجه الخصوص الأحزاب الكبيرة، حزب "العمل" برئاسة شيلي يحيموفتش، وحزب "الليكود" برئاسة بنيامين نتنياهو.

مدى إهمال العملية السياسية
 
وعكَس عدم حضور الممثلين من الأحزاب المذكورة آنفا، مدى إهمال العملية السياسية، حيث قرر حزب الليكود أن لا يرسل مندوبا عن الحزب للاشتراك في المؤتمر، وعزى مطّلعون على شؤون الحزب غض الطرف الحزبي عن العملية السياسية إلى خطوة رئيس السلطة الفلسطينية "أبو مازن" الأخيرة، في الأمم المتحدة. وأوضح بعضهم أن حكومة نتنياهو استطاعت أن تحافظ على الأمن والهدوء في إسرائيل، من دون خوض مفاوضات جدية، وفضّلت التركيز على القضية الإيرانية.

ولكن "الليكود" لم يكن وحيدا في غيابه، فقد اختار حزب "العمل" كذلك عدم المشاركة في المؤتمر، وذكر الحاضرون أن ممثل الحزب الميجار- جنيرال (متقاعد) عومر بار ليف، والذي كان من المفروض أن يشترك في المؤتمر، قد ألغى اشتراكه في اللحظة الأخيرة، زاعما بأن السبب هو التزامات حزبية طارئة.

رفع راية العملية السياسية

وذكّر الدكتور يوسي بيلين، وهو من مقيمي مبادرة "جنيف"، رئيسة حزب "العمل" شيلي يحيموفتش، أنها تقود حزبا رفع راية العملية السياسية تاريخيا، وحصل على ثقة الناخب الإسرائيلي لهذا السبب. ولكن يحيموفتش "تختار تجاهل تاريخ الحزب" قال بيلين. وأوضح الدكتور قائلا إن: "حزب "العمل" عام 1984، في خضم الأزمة الاقتصادية الأكبر في إسرائيل، حيث وصلت نسبة التضخم آنذاك إلى 450 بالمئة، اختار جدول أعمال ركز على القضايا السياسية، وفي ذلك الانسحاب من جنوب لبنان".

وتابع بيلين "ذات الأمر حصل في انتخابات عام 1992، لقد اختار الشعب الإسرائيلي يتسحاق رابين بعد أن وعد بالتوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين في غضون 9 أشهر". وخلص بيلين إلى القول: "رغم الاستطلاعات الأخيرة التي تظهر أن الجمهور الإسرائيلي مهتم بالقضايا الاجتماعية والاقتصادية، وهي قضايا مهمة بدون شك، سيكون لصرف الأنظار عن القضايا السياسية عواقب سيئة على الاقتصاد الإسرائيلي وعلى أخلاقيات المجتمع الإسرائيلي".

 السلام ليس الغاية، إنه الوسيلة

وحضر المؤتمر كذلك الجنرال (المتقاعد) عمرم متسنع ، من حزب "الحركة" (هتنوعا)، والذي أقامته تسيبي ليفني مؤخرا، وقال "لقد دخل حزب "الحركة" الحلبة السياسية لكي يرفع علم القضايا السياسية". وأردف "السلام ليس الغاية، إنه الوسيلة. الغاية هي دولة تمنح سكانها الأمن الشخصي والاقتصادي، وسنصل إلى هذا بعد أن ننفصل سياسيا عن الفلسطينيين لنضمن دولة يهودية ذات نظام ديموقراطي".

وقال الممثل عن حزب "ميرتس" اليساري، عضو الكنيست نيتسان هوروفتس، إنه اشتراكي مثل أعضاء حزب "العمل"، الذين ضحوا بالعملية السياسية لصالح القضايا الاجتماعية، لكنه لن يختبئ، هو وحزبه، وراء القناع الاجتماعي.

العملية السياسية لا تحتاج إلى الاهتمام الزائد

وتحدث كذلك، عضو الكنسيت آريه إلداد، والذي مثل كتلة اليمين، مفسرا أن العملية السياسية لا تحتاج إلى الاهتمام الزائد وقال: "الأردن هي الدولة الفلسطينية"، مشددا على أهمية الاستيطان اليهودي في يهودا والسامرة. وأضاف إلداد، المعروف بمواقفه المتشددة، أن السلام أصبح صعبا في ظل الزحف الإسلامي في المنطقة، منبها الحاضرين من نتائج الانفصال أحادي الجانب عن قطاع غزة.

وقالت ياعيل جرمن، رئيسة بلدية هرتسليا، وممثلة حزب الإعلامي يائير لابيد، "هناك مستقبل" (يش عاتيد): "الحزب لن يدخل في ائتلاف حكومي لا يستأنف المفاوضات". لكنها شددت على ان القضايا "الساخنة" في إسرائيل هي الاجتماعية مثل: الخدمة العسكرية، وتعزيز الطبقة الوسطى، وهذه تؤثر بصورة مباشرة على قوة إسرائيل.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]