خلصت ورقة بحثية إلى أنّ القضاء على التمييز ضد المرأة وجعل حقوقها واقعًا معيشًا، يتطلب تضمين السياسة العامة برامج تهدف إلى تعزيز مكانة المرأة كإنسانة وكفرد في مجتمع عربي وكجزء من أقلية وكعنصر وشريك أساسي في التنمية.

واستعرضت الورقة التي أعدتها العاملة الاجتماعية علا نجمي-يوسف، مركزة مشروع مركزة مشروع تمثيل النساء في مواقع صنع القرار في جمعية نساء ضد العنف - والتي نُشرت في العدد الخامس من "كتاب دراسات"، الصادر مؤخرًا، والذي تضمّن ملفًا خاصًا بالتعاون مع جمعية "نساء ضد العنف" – واقع النساء العربيات في السلطات المحلية العربية، ولجنة المتابعة العليا، والأحزاب والحركات السياسية، والكنيست.

وجاء في الورقة أنّ التغيُّرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية قد حسّنت، إلى حد ما، من أوضاع المرأة العربية في إسرائيل ولو بشكل نسبي، إلا أن هذا التغيير لم يصل إلى حد إيجاد الحلول للقضايا الأساسية، بدءًا بالأجر المتساوي للعمل المتساوي ووصولاً إلى المشاركة في صنع القرار، وهذا يعكس أنه لا يمكن أن نتحدث عن مشاركة حقيقية، لأن دور المرأة ما زال محدودًا.

كما أن التوسّع الأفقي لوجود المرأة في مجالات العمل الاجتماعي والخدمات والتعليم، لم يترجَم بتغيّر إيجابي في وضعها، لا من حيث موقعها في مكان العمل، أو من حيث مشاركتها الفعلية في صنع القرار العام.

السلطات المحلية

وتطرّقت الورقة إلى بعض المجالات التي تعكس صورة الواقع حول تمثيل النساء في مواقع صنع القرار.

منذ العام 1948 جرى انتخاب 16 امرأة فلسطينية لعضوية السلطات المحلية، وفي انتخابات السلطات المحلية لعام 2008، ترشحت 149 امرأة فقط (معظمهن في مواقع غير مضمونة بتاتًا). وصلت لعضوية السلطات المحلية سنة 2008 ست نساء فقط من أصل 149 مرشحة، بالتوزيع التالي 2 عضوات عن الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة في بلدية الناصرة، 3 عضوات في المجلس المحلي الجش عن 3 أحزاب مستقلة، وعضوة واحدة عن قائمة مستقلة بالمجلس المحلي معليا. مما يوضح لنا القصور والتراجع الحاصل في مشاركة النساء والترشح لانتخابات السلطات المحلية.

 أقسام التربية والتعليم: من بين 83 مديرًا هناك 4 نساء فقط مديرات أقسام التربية والتعليم (الناصرة، عيلبون، شفاعمرو، دالية الكرمل).

 أقسام الخدمات الاجتماعية: من بين 79 مديرًا هناك 42 امرأة مديرات أقسام الخدمات الاجتماعية.

 أقسام المحاسَبة: من بين 72 محاسبًا هناك امرأة واحدة تشغل منصب محاسِبة سلطة محلية.

 أقسام الهندسة: من بين 72 مهندسًا هناك امرأة واحدة تشغل منصب مهندسة سلطة محلية.

 المؤسسات التربوية: من بين 689 مدرسة عربية تتبوأ النساء مناصب مديرات كالتالي - 7 مديرات مدارس ثانوية، 9 مديرات مدارس إعدادية، 79 مديرة مدرسة ابتدائية، 22 مديرة مدرسة للتعليم الخاص. العدد الكلي لمديرات المدارس العربية في البلاد هو 117 مديرة من أصل 689 مديرًا.

 قطاع الأعمال

في السنوات الأخيرة بدأت النساء الدخول إلى قطاع الأعمال، وطفت بعض التجارب الناجحة في قطاع المهن الحرة، حيث نجد اليوم سيدات أعمال رائدات في المجتمع العربي، لكن الملحوظ هو تدني مشاركتها في الهيئات القيادية للأطر التمثيلية لقطاع الأعمال والمهن الحرة. وبموجب معطيات المركز اليهودي العربي للتطوير الاقتصادي يصل عدد سيدات الأعمال إلى 120 سيدة يدرن مصالح تستقطب 5 عاملين فما فوق. 

الصحافة والقضاء

بدأت مهنة الصحافة تميل نحو "التأنيث" حيث يصل عدد العاملات في مجال الصحافة إلى 88 إمرأة، ويمكن عزو هذا أيضًا إلى الأجر المتدني في قطاع الإعلام، حيث يؤثر قلة وجود أماكن العمل إلى قبول النساء العمل بأجر متدنٍ.

أما في سلك القضاء فتتبوأ 16 امرأة عربية مناصب قضائية من بين 743 قاضيًا في المحاكم الإسرائيلية، من بينهن قاضية عربية واحدة في محكمة شؤون العائلة وقضايا الأحوال الشخصية. 

الأحزاب والحركات السياسية

تجدر الإشارة إلى ضآلة وجود النساء في قيادات الأحزاب والحركات السياسية وكوادرها المعروفة، ونقصد هنا تمثيل النساء في سكرتارية المناطق والفروع والكوادر الحزبية، على رغم من تمثيلها بشكل نسبي في الهيئات واللجان والمجالس المركزية (القُطرية) للأحزاب. نجد أن هناك فجوة في ما تعرضه الدساتير والأنظمة الحزبية للأحزاب والحركات السياسية وبين تمثيل النساء عنها في هذه المواقع.

 لجنة المتابعة العليا

اتخذت لجنة المتابعة العليا أواخر العام 2008 قرارًا يقضي بتمثيل النساء في لجنة المتابعة من خلال زيادة عضوية الأحزاب بواقع ممثلين اثنين عن كل حزب. لكن القرار لم يخرج لحيّز التنفيذ بسبب ربط قضية تمثيل النساء في لجنة المتابعة بملف إعادة البناء التنظيمي للجنة المتابعة، والذي جرت متابعة العمل عليه بعد اتخاذ قرار تمثيل النساء سنة 2008. خلال شهر شباط 2010 نشرت لجنة المتابعة العليا دستورها الذي يشتمل على المبنى التنظيمي، وتم تضمين تمثيل النساء كملاحظة مركزية هامة في المبنى التنظيمي للجنة المتابعة. مما يجعلنا نتساءل:

o لماذا لم ترَ لجنة المتابعة ومركباتها أهمية تمثيل النساء وأخذ دورهن أيضًا في ملف إعادة المبنى التنظيمي للجنة؟
o إذا كانت لجنة المتابعة العليا تمثل جماهيرنا العربية، لماذا إذا لا تقوم اللجنة بتضمين تمثيل النساء في دستورها كبند أساسي ومركزي وليس "ملاحظة هامة" وضمن نص يستدل منه لتوصية وليس الالتزام بنص القرار السابق؟ 

  تحديات ومعيقات أمام النساء

ورصدت الورقة أبرز التحديات والمعيقات، ومن أبرزها الترابط القائم في أذهان الجمهور ما بين الفساد والسياسة وخاصة في ما يتعلق بالحكم المحلي مما ينفّر النساء؛ المعيقات الاقتصادية وتكلفة الحملات الانتخابية؛ الثقافة الذكورية والضغوطات العائلية والمجتمعية؛ غياب منظمة تشريعية تكفل للمرأة الحق بالتمثيل في دوائر صنع القرار السياسي، فرغم وجود قانون التمثيل المناسب في اللجان والدوائر الحكومية، إلا أنه لم يجر إقرار أي قانون يكفل للنساء المساواة في فرص التمثيل السياسي، هذا بالإضافة إلى أن النساء ما زلن يعانين من القوانين التمييزية الجائرة بحقهنّ، لا سيما في العمل وفي قوانين الأحوال الشخصية، على الرغم من وجود الكثير من القوانين والقرارات التي تسعى إلى التفضيل المصحح لصالح النساء، إلا أن هذه القوانين والقرارات لا تمارس ولا تطبّق بالشكل الصحيح.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]