احتضنت كفر قرع مدينة يافا "عروس فلسطين" من خلال المهرجان الثقافي الوطني الفلسطيني"برتقالك يا يافا ورجل الماضي" الذي اتسم بطابع تراثي فلسطيني بارز من خلال الفقرات المتعددة التي زينت المهرجان لتعيش كفر قرع وارض الحوارنة ليلة تاريخية عانق بها الزمان عراقة يافا الثقافة، ارض البرتقال الحزين من خلال فقرات استحضرت مجد التراث اليافي وروعة صمود الجيل القادم الصامد، وذلك تحت رعاية مجلس كفر قرع المحلي ومبادرة،إشراف وتنظيم قسم الثقافة والتربية اللا منهجية استمرار للمشروع الوطني المستمر منذ عدة أعوام، إذ شمل المهرجان عرضا فنيا راقيا لفرقة يافا للفنون الشعبية ومسرحية سياسية ناقدة للفنان الفلسطيني حسام جويلس بعنوان "رجل الماضي" بالإضافة إلى فقرة لمناهضة الخدمة المدنية من خلال طرح البديل "اكو ناو لا أكون".

إذ غصت قاعة المركز الجماهيري الحوارنة بمئات الحضور من رُواد الفكر الثقافي الناقد والفن الفلسطيني التراثي، لتعج القاعة بالرواح والإرادات من كل قرى وبلدان فلسطين التي أمت المكان عشقا بالفكرة وبيافا الثقافة والأصالة.

تولت عرافة المهرجان السيدة مها زحالقة مصالحة، مديرة قسم الثقافة والتربية اللا منهجية في مجلس كفر قرع المحلي والتي حيت بدورها السيد نزيه مصاروة رئيس المجلس المحلي، فوانيس واعضاء فرقة يافا للفنون الشعبية، الكاتب الفنان الفلسطيني حسام جويلس، المخرجة مشلين شموشوم، الفنان خالد ابو علي، السيد فراس روبي، الناشطة حنين سمير مجادلة، وجميع السيدات والسادة الحضور من كل بلدان وقرى فلسطين مع حفظ الألقاب والمقامات، من كفر قرع وقرى وادي عارة، عارة، عرعرة ،أم الفحم ، ،معاوية، سولم، العريان، عين السهلة،برطعة، باقة الغربية، جت، عكا،يافا،يافة الناصرة، حيفا، أم القطف،خورصقر،مصمص،،سولم، البياضة،البيار، زيمر،الطيبة،الطيرة، حيفا، ميسر،جسر الزرقاء، الناصرة قلنسوة، الفريديس، إكسال، حيفا، كفر قاسم، القدس، عسفيا، دالية الكرمل،كفر مندا، وطمرة، طرعان وكفر برا، سخنين وكفر برا شاكرة إياهم على حضورهم الداعم والواثق الذي يصنع النجاحات.

وفي مستهل خطابها حول رؤيا المهرجان فقد أكدت زحالقة مصالحة :"هذا المساء انطلاقة مهرجان "برتقالك يا يافا ورجل الماضي" المُدجج بالرموز والفقرات، سوف تكون الفاتحة مع الدبكة الفلسطينية وعرض أكثر من مميز لفرقة الفنون الشعبية يافا المنبثقة عنحركة الشبيبة اليافية، لهم أجمل تحية! تحية لمن يصفعون الاحتلال برقصاتهم الشامخة التي تشحذ الهامات بالإرادات، تسعى حركة الشبيبة اليافية جاهدة للحفاظ على الفولكلور الفلسطيني والرقص الشعبي وبشكل خاص الدبكة ذات النكهة اليافية إيمانا بأن شعباً بلا تراث هو شعب بلا حضارة.. والدبكة فيها الكثير من النضال الحركي،هم شباب وصبايا يُعبرون برقصات فلكلورية عن حبهم للأرض والمكان ، اعتزازاً بالهوية والتراث وبتطلع للمستقبل تعلو هاماتهم فوق جدار العزل لتعانق العالم، يستحضرون حقهم الثقافي والحضاري مؤكدين على حقهم في موطن أجدادهم ويصفعون الاحتلال برقصاتهم،مرسومة أرواحهم بعرق الأجداد حماة بحر يافا".

وفي وقفة جلال وبهاء لعراقة يافا الثقافة التي كانت عاصمة الثقافة الفلسطينية قبل النكبة وكانت ملتقى الثقافة من كل إنحاء العالم العربي وعن الم فقدان هذا الوطن فقد أشارت عريفة الحفل بالقول: "خبّرنا خبر عن يافا وشراعي في مينا يافا..يا أيام الصيد في يافا.. يافا عروس فلسطين..يافا العراقة.. ارض البرتقال الحزين..عبير شذى برتقال يافا المغتصب كما البيوت..تلك البيوت التي يسكنها فنان الإغتصاب المحتل الغاشم،والعصفور الذي يطل من الشباك باحثاً عن من تركوا فنجان القهوة على الشرفات على أمل العودة! ولا يزال الفنجان ينتظر الإنسان! اسمح لي درويشنا..على ارض يافا ما يستحق الحياة..عبق الذكريات..نداء الصيادين...رائحة الخبز في ابريل وأيار وكل الأشهر..ورمال شاطئ العجمي.. الصدف على الرمال..حب الناس وطيبتهم"


وعن الاختيار لتكريم يافا في هذا المهرجان فقد أضافت:"يافا بالذات لأن يافا العراقة، يافا الثقافة، ارض البرتقال الذهبي الذي ما عاد يعصر برتقالاً بعد النكبة سوى عرق الصيادين مُتبلاً بدموعهم على شراع الوطن، يافا، قطعة من الجنة على ارض فلسطين زرعها الله بالذهب، برتقالك يا يافا... مهرجان "برتقالك يا يافا...ورجل الماضي".. هي ليست مجرد كلمات لاستدرار عاطفة النوستالجيا الى مجد عظيم، بل انه عشق الحنين الأبدي إلى برتقال ومجد فلسطين وذكريات شاطئ يأبى الاحتلال والركوع لقراصنة التاريخ ورموز الذاكرة. نعم يافا... لن ننسى البيوت التي هُجرت والعائلات التي لا تزال تبكي بيوتها التى حولت إلى متاحف لرسومات وتماثيل المحتل، يافا هي قصة صمود شعب فلسطيني لا ينحصر على أهل يافا الأصليين بل على كل من أصيب وبكل اعتزاز بعشق يافا... فهي تسكن فينا فنحن شعب يسكنه وطنه أكثر مما يسكن هو على ارض وطنه! نحن أمل يضيء ولا يحترق ولا يحترق!!"

ثم دعت عريفة المهرجان المحامي نزيه سليمان ليبارك المهرجان، من جهته فقد حيى رئيس مجلس كفر قرع المحلي الحضور القطري الرائع والمميز من كل البلدان موجهأً تحية قلبية صادقة لكل الضيوف الكرام الذين وصلوا إلينا من يافا العراقة، كما وحيى الجمهور الكريم الذي يصل إلى كفر قرع بشكل متواصل وثابت وبات يشكل القاعدة الجماهيرية الرائدة لفعاليات الثقافيات، وفي سياق المهرجان فقد أكد المحامي مصاروة على ضرورة التواصل مع المدن العربية الفلسطينية مشيرا إلى حبه الشخصي ليافا وحب الفلسطينيين ليافا الحضارة ويافا العراقة، كما وأشار رئيس المجلس المحلي إلى أهمية إقامة مثل هذه الفعاليات التثقيفية المترابطة فكريا ومضموناً من اجل مأسسة الحراك الثقافي الذي نحن في أمّس الحاجة إليه، كما ووجه تحية قلبية لفنان المسرحي حسام جويلس ومخرجة المسرحية مشلين شموشوم ومسرحيد عكا، وحيى جميع أعضاء فرقة يافا للفنون الشعبية أطفالا وشباباً بكل ما في الموقف من رمزية لتواصل الصمود واستمرار الحفاظ على الهوية وتاريخ يافا الفلسطينية، مشيراً إلى الدور الرئيس الذي تلعبه مثل هذه المهرجانات في إحياء الذاكرة. كما وأكد السيد نزيه مصاروة على استمرار دعم مثل هذه المهرجانات التي حققت بنجاحاتها أرقاما قياسية لا مثيل ولا حدود لها في الوسط العربي وجعلت من كفر قرع محط أنظار البلدان والقرى المجاورة على طريق إحداث الحراك المرجو في هذا السياق شاكرا الجمهور مجددا على حضورهم المشرف.


ثم طلبت عريفة المهرجان من الجمهور الوقوف إجلالاً للنشيد الفلسطيني لإبراهيم طوقان والحان محمد فليفل "موطني" ليكون الفاتحة الثابتة لكل فعالية وطنية، وصدحت أصوات الجماهير في فضاء القاعة والحوارنة لتشحذ الأرواح بالهمم والإرادات الوطنية الثابتة.

وبعد ذلك كانت الانطلاقة مع الفقرة الأولى للمهرجان إذ عاش الجمهور نصف ساعة مع عرض فني تراثي لفرقة يافا للفنون الشعبية والذين افلحوا في تحريك مشاعر الحضور واستحضار ليلة ثقافية فنية وطنية يافية من خلال المداخلات لطفلات رائعات صامدات من يافا واللواتي القين الشعر الشعبي التراثي تحت عنوان وبوحي "افرحي يا يافا".... وقد لاقت فقرة "برتقالك يا يافا" حماس وحب الجمهور وأشعلت القاعة حماساً وتعاضداً وشوقاً لمجد يافا العريق، وقد افلح عرض برتقالك يا يافا لمجموعة من الشباب والصبايا والأطفال الذين لا يسكنون يافا بقدر ما تسكن هي أرواحهم، في إحياء ليلة يافية من التراث أليافي الفلسطيني من جيل منتصب وصامد يحمل راية تخليد الذاكرة. وفي نهاية العرض فقد قدم الفنان الفوتوغرافي كمال السطل للمجلس المحلي متمثلاً برئيسه ومديرة قسم الثقافة لوحة من إبداعاته تصور عراقة ومجد يافا لتكن اللوحة تحية يافية على تنظيم هذا المهرجان من أهل يافا الشامخين.

وفي إطار التصريح الواضح المناهض للخدمة المدنية فقد دعت عريفة المهرجان الناشطة حنين سمير مجادلة إلى المنصة من اجل توظيف تجربتها الانسانية إلى تعزيز روح ثقافة التطوع والعطاء بين صفوف المجتمع وترجمة الشعارات الوطنية إلى عمل وفعل، إذ تحدثت الناشطة مجادلة عن تجربتها الفريدة في التطوع لمريض السرطان احمد الذي وافته المنية واصفة حالة إنسانية أثارت مشاعر الجمهور، وفي هذا السياق فقد أكدت عريفة الحفل بأننا ملزمين بطرح البديل للخدمة المدنية لأننا ضدها وندرك تماماً ضرورة خلق ومأسسة ثقافة التطوع في مجتمعنا فكل واحد منا هو امبراطورية للتطوع إن أراد فقد ارتأينا أن نستضيف إنسانة رائعة مميزة تعبر من خلال 6 دقائق عن تجربتها الفريدة في التطوع، تحت عنوان "اكو أو لا أكون" كي نخرج من هنا وفي جعبتنا رغبة في التطوع كآلية لتعزيز الانتماء وترجمة الشعارات الوطنية لفعل وعمل في الحقل، من الجدير بالذكر بان حنين مجادلة قد تألقت في برنامج "تيدكس جيروزاليم" في هذه الفقرة وهو البرنامج الذي يسلط الضوء على تجارب إنسانية فريدة ومثيرة.


ومن ثم انتقلت الجمهور إلى فقرة مسك الختام وعروس هذا المهرجان المسرحيدية الرائعة رجل الماضي للكاتب والممثل الفلسطيني حسام جويلس والمخرجة الشابة مشلين شموشوم وهي المسرحية التي حصدت الجائزة الأولى في مسرحيد عكا، وقد افلح الفنان جويلس في إثارة الجمهور وخلق نجاوب إنساني رائع مع اللوحات والشخصيات المختلفة التي لعب دورها متنقلا من خالة إنسانية إلى أخرى بعصا النقد الممزوج بالسخرية المبكية تارة والمضحكة تارة أخرى، إذ حاكت المسرحيدية الواقع بطريقة عبثية وهزلية ليشاهد الجمهور هذا العمل المميز بعيون واقعهم الشخصي مع حبكة الانتقال من لوحة إلى لوحة في معرض مواقف حياتنا، لان المسرحية عالجت قضايا حياتية وسياسية من خلال النقد محاولةً أن تلمس وتصور الواقع برؤيا الماضي الأجمل وذلك الصراع بين العبثية والضياع والعلاقة الجدلية بينهما. وقد استشعر الجمهور روح الكبير محمد الماغوط في عمله كأسك يا وطن ودريد لحام في مشهد رجل الماضي وهو المشهد الأخير للعمل الثقافي رجل الماضي وذلك الصراع بين عراقة الماضي وضياع الحاضر الضحية...

كما وأطلقت عريفة المهرجان تحية من فلسطين الى الفنانة الفلسطينية اليافية تمام عارف الأكحل-شموط الفنانة التي رسمت التهجير والمخيم.. واحتفظت بكوشان بيتها اليافي ومفتاحه،-رسامة الجرح الفلسطيني وسفيرة الجرح التشكيلي، هي المناضلة الفنية التي عرّت ريشتها الاحتلال الصهيوني..لقد حاولت الفنانة تمام الأكحل شموط الدخول إلى بيتها حاملة مفتاحها، إلا أنها حُرمت ذلك. وأهدتها قصيدة محمود درويش عائد إلى يافا.

من الجدير بالذكر أن دار الفتى العربي قد نظم وفي إطار المهرجان معرضاً للكتاب العربي الفلسطيني ومؤلفات لأدباء العالم العربي والذي لاقى إستحسان الجمهور بالإضافة إلى رزنامة سميح القاسم ومحمود درويش.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]