ساعة تدّق وأخرى تقف، صورة امرأة قديمة وعليها السنون التي مرّت، وكتابة "أونروا" – سلطة إغاثة اللاجئين التابعة للامم المتحدة تعتليها، لتجد البقجة من تحت، هذه هي حال اللاجئين الفلسطينيين في مخيمّات اللجوء والشتات التي يحاول الفنان الحيفاوي عبد عابدي تصويرها في معرضه القادم.

وليست هذه الصورة غريبة على عابدي، فهي صورة شقيقته لطفية، التي تقبع في مخيّم اللاجئين الفلسطينيين "اليرموك" في العاصمة السورية دمشق، وفي ظل حالة الاحتراب التي تشهدها سوريا في السنتين الأخيرتين، قرر عابدي من جديد رفع صرخة اللاجئين الصامتة، التي تنجلي من لوحاته التشكيلية...

وصف الوضع وضرورة الحل الإنساني 

ويقول عابدي في حديث خاص بموقع "بكرا"، حول المعرض القادم الذي يعمل عليه في هذه الأيام: "أستعد حاليا لمعرض استرجاعي شامل لأعمال نُشرت في أماكن محدودة، وبواسطة كانزة المعرض أييلت زوهار سنعرض أعمالا لم تمر على الجمهور، بعضها من سنوات ماضية وبعضها اعمال حديثة، التي تشمل أوضاع الفلسطينيين في الداخل وفي الشتات. وضع الانسان في اسرائيل من الجانب الانساني، وهناك لوحات تتحدث عن قرى غير معترف بها في النقب وشخصيات من النقب، وهناك مواضيع تتعلق بالمتسللين، وبالوجه الفلسطيني والغربة. والى ذلك الموضوع الذي هزّني ولا زال يهزني هو وضع الفلسطينيين في مخيمات اللاجئين، وبينهم شقيقتي لطفية اللاجئة في مخيم اليرموك في دمشق منذ 64 عاما، والتي تعاني مثل كل الفلسطينيين في مهجرهم. وموضوع الفلسطينيين في مخيمات اللاجئين وخاصة في مخيم اليرموك في دمشق هزّني فعلا، من الأخبار التي أستقيها عن أوضاع شقيقتي وأبناءها وكل المهجرين، وسأطرح الموضوع ضمن المعرض الشامل كتكريم لشقيقتي اللاجئة في مخيم اليرموك. وهو بالتالي يعكس كل الأوضاع المأساوية التي يعيشها الفلسطينيون في الخارج".

وعند سؤال مراسلنا عن الحل يقول عابدي: "نحن نصبو لوضع وتأمل بأن يكون لهم حلا انسانيا، ولذلك أطرح الموضوع دون منح جوابا وحلا"..

استصراخ بصمت

حول علاقاته مع شقيقته التي لا زالت مستمرة ولم تنقطع رغم البعد الجغرافي والحدود السياسية التي تفصل بينهما يقول عابدي: "أنا باتصال مع شقيقتي عبر الشبكات الاجتماعية والفيسبوك وقد وصلتني مكالمة منها هي نوع من لالاستغاثة أو الحنية الى العودة".

ويؤكد أنه تطرقت لهذا الموضوع عبر لعديد من وسائل الاعلام المختلفة، فقد تحدث خلال مقابلة عبر الراديو الدانماركي قبل شهر ونصف عن الموضوع، وقريبا سيُجرى لقاء معه عبر الراديو الألماني، كما أن الكاتب الاسرائيلي اليساري جيدعون ليفي كتب مقالا عن المعرض وهذه الحالة في صحيفة "هآرتس"، فيضيف عابدي "هذا عدا عن العديد من المقالات التي أستصرخ فيها حلا لمشكلة اللاجئين الذين تركوا مواقعهم لأسبوع على أمل الرجوع ولا يستمر هذا الامل حتى الآن".

وتابع عابدي: "إنها حالة الاستصراخ المرئي، فأنا استصرخ بصمت، وأتكلم عن ذلك. هناك صورة ومضافات للعمل الابداعي فيها اشارة واضحة للمعاناة. هذه اللوحة فيها تسجيل للتاريخ الدامي منذ العام 1936وحتى اليوم، وفيها البقجة، وهي كلمة تركية للحم لاذي نأخذه معنا في سفرنا، ولا زلنا نستخدمها الى هذا اليوم. هناك بالطبع الوسائل الابداعية والتي قد تكون بواسطة رموز غير مسموعة ولكنها تهد الضمير بدون شك، كما هي الحالي في الكلمة المكتوبة أو الصرخة المسموعة".

حالة الفن الفلسطيني 

وحول المعرض يحدثنا عابدي "المعرض سيكون تحت عنوان التكريم للفن الفلسطيني في اسرائيل ضمن شهر الثقافة والكتاب العربي في حيفا، وآمل أن يكون له أثر، لأن الفن الفلسطيني المعاصر كان مهمشا على فترات طويلة وحان الوقت لإعادة وضعه على جدول البحث الثقافي والاجتماعي وبدون شك سيكون ناجحا".

يستطرد عابدي في حديثنا فيقول ردا على سؤال حول نهضة الفن التشكيلي الفلسطيني في البلاد: "في الماضي من ساروا بهذا الخط كانوا قلائل، بينما اليوم نحن بصدد عدد متزايد من المبدعين، والفنانين التشكيليين، ولذلك طرح موضوع الثقافة المرئية هو بدون شك عامل مهم في تطوير منشائتنا الثقافية، الموضوع هو بمثابة قفزة نوعية في طرح الثقافة البصرية ليس كبديل بل باتجاه متكامل مع كل الحركات الثقافية والابداعية، وبالطبع الشأن الفلسطيني أوجد، فإن وضع المثقفين الفلسطينيين باتوا يحملون اسما عالميا وهذا وضع نفتخر فيه".

ويكمل "من المهم أن نتجه للوحة الفنية ليس من باب الحس الرومانسي ورواية الضيعة المتغربة، يجب رؤية الابداع الفني كمسيرة نضالية من الدرجة الأولى، ويهمني أن يقوم مثقفينا ومجتمعنا بمتابعة هذا الموضوع وأن يميّز هذه المسيرة وأن يستخدم الفن الابداعي كوسيلة هامة في حياته الثقافية والاجتماعية".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]