بعد أن حاول رئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، خلال شهر من المفاوضات مع الأحزاب الإسرائيلية الفائزة في الانتخابات، تشكيل حكومة ائتلافية تضم كتلة "الحريديم"، وبذلك خلْق "حكومة موسعة ومستقرة" حسب قوله، اتجه نتنياهو في الأيام الأخيرة إلى الخيار المغاير، وهو إقامة ائتلاف حكومي مع حزب "يش عتيد" (يوجد مستقبل)، برئاسة يائير لابيد، وحزب "البيت اليهودي"، برئاسة نفتلي بينت، ومن دون "الحريديم" (المتزمتون دينيا). وبعد مرحلة البحث عن الشركاء تنتقل المفاوضات الائتلافية في الحاضر إلى مرحلة توزيع الحقائب الوزارية، بهدف الاعلان عن حكومة جديدة في إسرائيل في غضون أيام.

أراد كتلة "الحريديم" إلى جانبه

وبرّر نتنياهو قراره في لقاء مع زعماء حزب "شاس" الديني، أمس في القدس، قائلا إنه أراد كتلة "الحريديم" إلى جانبه، لكن التحالف السياسي بين يائير لابيد ونفتالي بينت، قلب الموازين، فارضا عليه أن يسير وفق إرادة السياسييْن الجديدين. وأعلن نتنياهو أمس لزعماء "شاس"، بعد مشاورات سياسية طويلة، قائلا: "ستكونون خارج الائتلاف الحكومي"، واعدا إياهم بأنه سيحاول ضمهم إلى حكومته في المستقبل، في حال انسحب أحد شركاء الحكومة المستقبلية.

يائير لابيد، السياسي جديد العهد، ومفاجأة الانتخابات الكبرى

وكتب يائير لابيد، السياسي جديد العهد، ومفاجأة الانتخابات الكبرى، أول أمس، على صفحته الشخصية عبر فيسبوك: "اعتقد أن حكومة من دون "الحريديم" تعكس إرادة الشعب الإسرائيلي"، وأضاف "لقد تكرس، لسبب ما، مبدأ في إسرائيل ينص أنه يجب إدراج "الحريديم" في الحكومات الإسرائيلية، وأنهم شركاء طبيعيون لمن يفوز في الانتخابات"، موضحا أن هذا المبدأ "أعوج". وأوضح لابيد مدونا "لا أؤمن أن "شاس" و" يهدوت هتورا" يستطيعان أن يكونا شريكين لحكومة ستُحدث التغييرات التي ذهبنا من أجلها إلى الانتخابات"، وأردف "لن تحدث كارثة إن جلسا في الولاية القريبة في المعارضة".

الخلاف بين كتلة "الحريديم" ولابيد

ويشار إلى أن الخلاف بين كتلة "الحريديم" ولابيد يدور حول مسألة تجنيد الشباب "الحريديم"، والذين لا يؤدون الخدمة الإلزامية في الجيش الإسرائيلي في سن ال18، كما هو متبع في إسرائيل، ما يعدّه لابيد، والجمهور الذي اقترع له، استغلالا، وأن هذه الأقلية تحصل على ميزانيات خاصة من الدولة من دون أن تقدم شيئا بالمقابل. ومن المتوقع أن يقدر لابيد على تغيير هذا الواقع عبر تشريع جديد في الكنسيت (البرلمان)، خاصة أن حليفه بينت يدعم التغيير.

المفاوضات المتوقعة حول الحقائب الوزارية

وقال محللون سياسيون في إسرائيل إن المفاوضات المتوقعة حول الحقائب الوزارية ستكون معقدة، مثلها مثل مرحلة البحث عن شركاء لحكومة ائتلافية، لأن لابيد وبينت سبق وأن نسقا مواقفهما حيال الحقائب الوزارية، وهما الآن لن يتنازلا عن مطالبهما بعد أن بات نتنياهو ضعيفا. وتحدث محللون عن عائقيْن في وجه توزيع الحقائب الوزارية، ينبعان من جانب لابيد، الأول أنه يطمح إلى تقليص عدد المكاتب الوزارية في الحكومة المقبلة، مما يقلص هامش المناورة السياسية لنتنياهو، والثاني هو الاحتمال أن يطلب لابيد حقيبة الخارجية، مما يضعه في مواجهة مع حليف نتنياهو الأكبر ووزير الخارجية في السابق، أفيغدور ليبرمان، والذي وُعد بهذه الحقيبة.

وقال المحلل السياسي المعروف، إيتان هابر، في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، واصفا الحكومة المرتقبة من دون "الحريديم" بأن مشكلتها الأساسية هي أنها "حكومة لم يرغبها رئيس الوزراء منذ البداية"، وأضاف هابر أن أجواء من الشكوك والكراهية ستسود حكومة كهذه، مخلصا إلى أنه لا يستبعد ذهاب الإسرائيليين قريبا إلى انتخابات مجددة.

احتمال إقامة حكومة من دون "الحريديم"

وعلّق عضو الكنسيت من حزب "الليكود- بيتنا"، تساحي هنغبي، للإذاعة العسكرية، صباح اليوم، على احتمال إقامة حكومة من دون "الحريديم"، قائلا إنها "ستكون حكومة ضيقة وغير مستقرة". وحذر هنيغبي إلى أن "البيت اليهودي" يتحالف مع "يش عتيد" لأن برنامجهم السياسي يتقاطع من حيث المطالب الاجتماعية، ولكن هنالك اختلافا ايديولوجيا بينهما. وقد صرح لابيد في السابق أنه سيطالب الحكومة الإسرائيلية باستئناف العملية السياسية مع الفلسطينيين، خلافا لموقف بينت الرافض للمفاوضات مع الفلسطينيين.

وصرّح زعيم حركة "شاس"، أرية درعي، بعد أن اتضحت الصورة أن نتنياهو تخلى عنه من أجل تشكيل حكومة مع لابيد وبينت، أن حزبه متجه نحو المعارضة، قائلا " سنكون معارضة "مقاتلة"، لا سيما فيما يتعلق بتقليص الميزانيات للطبقات الضعيفة"، وأضاف "سنعمل على إسقاط نتنياهو من خلال المعارضة". وأعلن قادة "شاس" أن الحزب لن ينضم لحكومة نتنياهو في المستقبل، خاصة في حال استطاعت بها الحكومة تمرير قانون يتعلق بتجنيد "الحريديم" للجيش الإسرائيلي.

وبدا أمس أن الخلافات بين جمهور الحريديم، والذي يمثله حزب "شاس" وحزب "يهدوت هتورا"، وجمهور المستوطنين، والذي يمثله حزب "البيت اليهودي" بزعامة بينت، ستحتدم، لا سيما أن الجمهور الأول وجد نفسه خارج الحكومة القريبة، وقد توعد مسؤولون من كتلة "الحريديم" بأن يكشفوا النقاب عن الميزانيات الضخمة التي تنقلها الحكومة إلى المستوطنات، "كي يعرف يائير لابيد إلى أين تذهب الأموال في إسرائيل" حسب قول أحدهم. وأضافوا أنهم سيصوتون لصالح تجميد بناء المستوطنات، وأنهم سيدعمون تحريك العملية السياسية مع الفلسطينيين، التي يرفضها "البيت اليهودي".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]