مع دقات الساعة السابعة مساءً، وفي أجواء من عشق التراث والأرض والوطن ووسط خليط من مشاعر المؤازرة والتوحد مع ألم الشهداء والأسرى وعشق الزجل والشعر الوطني الراقي في ذات الآن، وبحضور المئات من رُواد المهرجان الوطني "لا منفى ..لا وطن إلا الوطن، وحبوب سنبلة تموت تجف ستملأ الوادي سنابل" فقد انطلق المهرجان الثاني لفعاليات آذار الأرض والوطن ليكون لبنة أخرى من مشاريع قسم الثقافة والتربية اللا منهجية ومجلس كفر قرع المحلي.
افتتحت المهرجان السيدة مها زحالقة مصالحة، مديرة قسم الثقافة والتربية اللا منهجية والتي حيت الحضور وطلبت من جميع رواد المهرجان الوقوف دقيقة حداد على روح الشهيد الأسير عرفات جرادات ووسيم يوسف أبو شندي الذي راح ضحية العنف قبل أسبوع لتكون دقيقة الحداد وقراءة الفاتحة فاتحة المهرجان الوطني.
ثم قدمت تحية احترام كبيرة للسيد نزيه سليمان مصاروة، رئيس مجلس كفر قرع المحلي، السادة الأعضاء في المجلس المحلي، الزجال شحادة خوري، الزجال توفيق الحلبي، الزجال وائل أيوب، الشاعر الفلسطيني سامر خير، الأستاذ وليد صادق، السيدة شيخة حليوي، المشاركين في فقرات المهرجان والسيدات والسادة الحضور مع حفظ الألقاب والمقامات من كل بلدان فلسطين، من كفر قرع وقرى وادي عارة، عارة، عرعرة ،أم الفحم ، ،معاوية، سولم، سالم، العريان، عين السهلة،برطعة، باقة الغربية، جت،،يافا، ، يافة الناصرة، حيفا، أم القطف، خور صقر، مصمص،الجديدة المكر، البياضة،البيار، زيمر،الطيبة،الطيرة،ميسر،جسر الزرقاء، الناصرة، قلنسوة، القدس الفريديس، إكسال، عين ماهل، كفر قاسم، شفاعمرو ، دالية الكرمل،كفر مندا ، زلفة،طمرة، سخنين، ، مقيبلة،المغار، جديدة المكر ، حتى كفر برا، نعتز بهذا الحضور الواثق والشامخ الذي يصنع التلاحم الثقافي والروح الفلسطينية الواحدة المنصهرة في بوتقة عشق التراث وثقافة الوطن.
ومن ثم استهلت زحالقة مصالحة خطابها بالإشارة إلى تميز هذا المهرجان:" هذا المساء مختلف، ولهذا الاختلاف مساء يليق به، مهرجاننا يعزف على كل أوتار عود القضية وقانونها ،مساء يترنم به الزجل الشعبي الفلسطيني والشعر الزجلي والأدب والشعر الوطني الناقد للعزف على ناي الوجود والصمود وعلى قيثارة ترسيخ الذاكرة والرواية الجماعية الفلسطينية بيننا، هذا المساء ومهرجان لا منفى لا وطن إلا الوطن، بروح ما يقول محمود درويش "حبوب سنبلة تجف تموت ستملأ الوادي سنابل"..كشعار وممارسة للروح التي نبثها فينا بأننا على العهد باقون ومن اجل ترسيخ التاريخ والرواية الفلسطينية بلسان عيون الأجداد الذين عاصروا النكبة ماضون، إيماناً يقينياً منا بأن الضباع ستأكلنا إن بقينا بلا ذاكرة- ستأكلنا الضباع إن بقينا بلا ذاكرة، كما يقول الأديب سلمان ناطور، بكل ما في المجاز من تصوير لذاكرة جماعية آيلة للاندثار بفعل عدة عوامل امبريالية غازية كالضباع هي، فكل شعوب الأرض تسكن أوطانها إلا شعب فلسطين فإن وطنه ساكن فيه، ولأننا نُدرك أن التراث هو رُكن رئيس في ثقافتنا وأيقونة شمسية وقمر في سماء الثقافة الفلسطينية يجهلها بعض الشباب ويبلبل بينها وبين أعراس "الحدى"، فإننا نسعى إلى توطيد الزجل وترسيخه بين صفوف الشباب منا وكل الأجيال بين أبناء شعبنا، ففي قلب التراث يتربع الزجل الشعبي الفلسطيني الذي يعتبر محاكاة ومناجاة للروح والفكر والانتماء في ذات الآن في عدة محاور فكرية وحياتية ستراها إن أصغيت، فحين تصغي بل وتعيش مُفاكرة ومبارزة كلامية بين الزجال المبدع والمعروف شحادة خوري والزجال المبدع والرائع أيضا وائل أيوب وهذا الحوار الخالد للأرض والوطن، فسوف تبكي وتسعد، ولروحك سوف تتعهد، انك ابن هذه الأرض ووفياً لها ستبقى. مبارزة ومُفاكرة تعلو وتعلو تسمو وتسمو حتى تصل إلى قمة القمة ونشوة الفكرة ويكون الانتصار! مبارزة ينتصر فيها الوطن، مُفاكرة تنتصر فيها الإنسانية الطاهرة، فالزجل قادر على توظيف الشجن والشعر لمحاكاة أوتار العاطفة لنعيش جُرح الفكرة، ليجسد الزجل هموم الإنسان في حوار أخاذ يُوقد الهمم ويوقظها...ومن هنا نحيي وجود الزجالين الرائعين معنا ونحيي مشاركاتهم المُشرفة مع أخوتنا الزجالين من لبنان والأردن في حفلات راقية مميزة أقربها يوم 29 آذار الجاري في عمان.
تجدر الإشارة إلى أن مهرجان الزجل الشعبي الفلسطيني الأول قد حظي باهتمام إعلامي راق مميز من محطة الإخبارية التابعة للسعودية من القدس،ومحطات فضائية فلسطينية وصلت خصيصاً لتوثيق المهرجان.
وفي تطرق لعريفة المهرجان ليوم المرأة العالمي الذي يصادف يوم المهرجان فقد استطردت بالقول:"اليوم وليس صدفةً، لأننا لا نُؤمن بالصدفة، الثامن من آذار ، يوم المرأة العالمي، نحترم الفكرة، ونهنئ المرأة العربية عموماً والفلسطينية الشامخة الصامدة المناضلة الماجدة من القلب، نهنئ الأخت، الأم، الزوجة، الخالة والعمة والبنت والقريبة والصديقة والزميلة، ونقول للمرأة في كل مكان ، لن اسميك امرأة سأسميك كل شيء...درويش من جديد،ونهنئ الأرض لأن، الأم ارض والأرض أم وتلك العلاقة الجدلية الأبدية بينهما، تلك الأم التي تلد الأمة والأرض التي تلد الأبناء، إلا أننا نعتقد أن العام كله لؤلؤة على جبين الكون للمرأة، وهذا لآلام أم الشهيد الأسير عرفات جرادات، التي لا تزال تبحث عن حقيقة اغتيال نجلها هناك في غياهب سجن ماجدو. لك يا غالية انحناءة لكل دمعة حفرت أخدوداً على وجنتيك، لتكوني امرأة يوم المرأة."
وفي تطرق لحادثة القتل الأليمة التي أصابت كفر قرع فقد أشارت عريفة المهرجان:" بلدي الطيب أهله، كفر قرع، لا يزال يلعق جراح مقتل الابن البار وسيم يوسف ابو شندي، ونحن إذ نشجب ونستنكر عملية القتل البشعة التي مزقت نسيج خضرة المكان، فإننا نصلي للعالي عز وجل أن يلهم والديه وأهله الصبر والسلوان وان تكون الحادثة خاتمة الأحزان في مجتمعنا العربي والقرعاوي.

ثم دعت عريفة المهرجان المحامي نزيه سليمان مصاروة، رئيس مجلس كفر قرع المحلي ليبارك الفعالية ويتطرق إلى المضامين التي ذكرت، من جهته فقد عبر نزيه مصاروة عن حزن وأسف كفر قرع الكبير بمقتل الشاب يوسف أبو شندي الأسبوع المنصرم وهو الأمر الذي أدى إلى تأجيل المهرجان إلى مساء الجمعة الثامن آذار، كما وقدم تعازيه لآل أبو شندي على مصابهم الجلل معبراً عن التحية والاحترام الكبير للعائلة على الموافقة على عقد راية الصلح مع آل عاشور قبل انتهاء أيام بيت العزاء، لما في الأمر من ذكاء وكرم أخلاق نادر في الدنيا سوف يمنع نزف الدماء من جديد. كما وتطرق إلى الأسير عرفات جرادات وقضية مقتله مشيرا إلى تعاطفنا وألمنا على هذه الحادثة، كما وأكد أننا أصحاب المكان ولا ولن يكون لنا أي تنازلات في هذا السياق، ونحن صامدون على أرضنا، وقدم تهانيه للمرأة بيوم المرأة العالمي، متمنياً لها المزيد من التألق والعطاء.
ومن ثم طلبت السيدة زحالقة مصالحة من الجمهور الوقوف إجلالا للنشيد الفلسطيني موطني لإبراهيم طوقان ومحمد فليفل وهو اللازمة الثقافية في مهرجانات القسم لتعلو وتدح الحناجر وتشرئب الأعناق لتتلاحم الرواح والإرادات.

ثم دعت الشاع الفلسطيني سامر خير ابن المغار، ضيف الشرف سامر خير في أجمل القصائد لسامر العيساوي، سامر القضية، سامر العيساوي الذي يروي بجوعه ظمأ القضية، سامر الإنسان، الذي علمنا الكثير بصموده!علمنا أن الغذاء هو العزة والكرامة والحرية، سامر الذي يقود وأصدقاءه معركة الأمعاء الخاوية، والشاعر سامر خير في أروع القصائد دعماً ومساندة رمزية منا للأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية وهو أضعف الإيمان. وقد أبدع الشاعر الفلسطيني خير في أداء وتقديم قصيدته الرائعة "اعتقال إداري" والتي لاقت حماس الجماهير وحبهم.
ثم أبدع الأستاذ هشام مصالحة والعازفة نورهان زغايرة من الناصرة في حوار على العود بينهما بين الحان وطنية مثل منتصب القامة امشي واكتب اسمك يا بلادي التي برع بها ابن كفر قرع والحان فوق النخل صباح فخري، ولفيروز نسم علينا الهوا. مع نورها زغايرة، لتكون المعزوفات انطلاقة المهرجان الفنية المميزة.
ومن ثم قدمت زحالقة مصالحة فقرة الزجالين مشيرة إلى أن الجماهير سوف تنتقل لتعيش الزجل بأجمل الحوارات من عمالقة الزجل الفلسطيني المحلي لتطأ الأقدام كواكب شعرية شعورية من طراز جيّاش مختلف، للأم والأرض والوطن واللا قتل وللحياة وفي محطة تكريم راقية فقد أكدت:" وإذا كنا نتكلم عن الزجل وعلى عتبة استجداء الكلمات لمديح الزجل وتعريفه، فلا نستطيع ألا نتطرق وبكل فخر مُرصع بكبرياء الشموخ إلى ملك الزجل الذي سكن الزجل روحه وسكن هو عرين الزجل لمدة 42 عاماً متتالية، الحاج الزجال الرمز يوسف أبو ليل – أبو صالح،ابن كفر قرع، لك منا ألف ألف تحية أيها الطيب الصالح الذي رفع اسم بلدنا الطيب عالياً. نعتز بك ونتمنى أن يمد الله بعمرك، فإن قلت الزجل قلت أبا صالح أبو ليل!.



ثم عاشت الجماهير أروع لوحات الزجل وسط تصفيق حار للزجالين الذين لامسوا الموضوعات الوطنية الاجتماعية المجتمعية المميزة على اختلاف أنواعها بشكل راق وحساس.
وللشعر لون خاص خاص مع التي جمعت بقلمها بحر يافا ببحر يافا ليتعانق الموج والرمل على مرمى الحلم والتي أبدعت في أدائها الشاعرة شيخة حليوي.
ومن ثم قام مجلس كفر قرع المحلي وقسم الثقافة والتربية اللا منهجية بتكريم الأستاذ وليد صادق حول كتابه "غريب ومنفي على ارض وطنه" والذي كتبه باللغة العبرية موجها إياه للشعب العبري، إذ يعري من خلاله تجربته في الكنيست الإسرائيلية والتي ينتقد فيها الديمقراطية الإسرائيلية من خلال سرد حكايات عاشها هو شخصيا مع كذبة الديمقراطية، إذ قدمت له كفر قرع درعاً مميزاً تقديراً للفكرة والانجاز الأدبي.

ومن ثم تم تكريم الشاعر الفلسطيني سامر خير بعبير الكلام الذي زين الدرع الذي تم تقديمه له، احتفاءً بديوانه الشعري "لا اسم لي ...الا ابن ادم"، والذي جاء فيه:"نحمل لك في القلب أسمى باقات التقدير لما تخطه أناملك الزُمرد ويراعك السياب من روعة أشعار تحطُُ في ميناء أرواحنا لتغمرنا بدفء الفكرة وجمال روح الأرض لتكون إحدى منارات الوطن النادرة في ديجور القضية الحالك.

ومسك الختام كان مع الطفلة المعجزة في الكتابة والإلقاء والأداء، الطفلة ملأ أيوب جزماوي، والتي قدمت أجمل القصائد للأرض، وتعاطفت معها الجماهير لأنها أفلحت في أن تعيش القصيدة وتتماهى مع أفكارها.
وآخر المحطات كانت قصيدة مميزة خلال قصيدة وطنية لروح راشد بمناسبة مرور وذلك بمناسبة مرور ستة وثلاثين عاماً على رحيله محروقاً بهموم شعبه ووطنه التي زينت قصائده وحياته هناك على ارض أمريكية لا صفصاف فيها ولراشد حسين منا ورسالته ساكنة فينا يا من احترقت روحه في غربة المنفى شوقا لوطنه فلسطين، وقد برع الشاعر عمار محاميد في تقديم قصيدته التي حملت أسمى الكلام وأعمق المضامين.





 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]