جيل وراء وجيل، وقصص النكبة، وتهجير شعبنا من أراضيهم وبلداتهم لا تزال جراحها محفورة في الذكريات المتوارثة في قلوب كلّ جيل، وعلى بقعة من بقاع الوطن، تبقّى البئر وقصص الساقي الأعمى في البال، ولا تزال أواح الصبّار تشهد على أنّ قرية عربيّة اسمها الشجرة كانت هناك. ولأنّ الشعراء والعظماء لم ينسوا بلدتهم التي هجّروا منها، حتى عادها الفنان الفلسطيني أبو عرب السنة الفائتة، كما وأنّ نقمة الفنان الشهيد ناجي العلي في كاريكاتوراته جاءت من ألمه الذي حنّ كثيرا لحليب تراب الشجرة.

الشجرة، القرية المهجّرة التي خرج منها ناجي العلي


وفي الشجرة، القرية المهجّرة التي خرج منها ناجي العلي، وأبو عرب قضاء الناصرة، لا تزال الحاجة فاطمة عايد ذيابات، القاطنة حاليا في قرية كفر كنّا، ورغم مرور 72سنة من عمرها لكنّها لم تنسَ يوما مكان بيتها في الشجرة، ولا تزال تزور آثار البيت المهدّموتزور القرية في يوم احتلال اسرائيل باستقلالها حيث ان استقلالهم هو يوم نكبتنا، تزور القرية هي والعائلة وكل من تبقى من مهجري الداخل واصلهم من الشجرة، يتذكرون جراحهم وروايات نكبة شعبنا الفلسطيني وتهجيرهم، فلهم الماضي الذي لن ينسوه، ويقدّسه الأطفال والشباب المشاركون بالاستماع لقصص الكبار الذين عايشوا قصص النكبة، والى جانب الروايات الكثيرة والكبيرة، الحاجة فاطمة لم تنس بعد قصة القائد "العربي" العراقي المستعرب الذي جاء ليعلّم شباب القرية كيفية استعمال السلاح!.

كانت لا تزال صغيرة عند تهجير اهالي قرية الشجرة

تقول الحاجّة فاطمة انها كانت لا تزال صغيرة عند تهجير اهالي قرية الشجرة، لا تتذكر جيّدا تبادل اطلاق الرصاص الذي استمر لاكثر من اربعة أشهر متواصلات قبل تهجير القرية بين اليهود واهالي القرية، لكنّها تتذكر اسم "محمد عرايدي" الذي ادعى انه قائد عراقي جاء لنصرة الشعب الفلسطيني وتعليم اهالي القرى العربية كيف يستعملون السلاح، حتى الليلة الأخيرة الأخيرة قبل الهجوم على القرية وتهجير اهلها.

الليلة الأخيرة قبل التهجير وصلت ذخيرة للقرية


وتتابع حديثها عن قصة القائد العراقي قائلة: "الليلة الأخيرة قبل التهجير وصلت ذخيرة للقرية، ارتأوا بوجوب نقل الذخيرة الى اعلى بيت موجود في القرية، وهناك قام محمد عرايدي بوضع حرّاس على البيت وأمر الاهالي بعدم أخذ قطع الأسلحة من هناك إلا بأمره، وفي اليوم التالي هجم اليهود على القرية من الجهة الغربية، افتقد الاهالي للاسلحة والذخيرة، دخل اليهود على القرية يومها متجهين فورا نحو البيت الذي فيه الذخيرة لتتبيّن المؤامرة بين القائد العراقي المستعرب والصهاينة لاحتلال قرية الشجرة، وليتبيّن ان وجوده في القرية بهدف التجسس على سكان القرية وايصال المعلومات لليهود".

في هذا اليوم استطاع اليهود اختراق كل القرية

وتشير الى ان في هذا اليوم استطاع اليهود اختراق كل القرية، واحتلالها وتهجير اهلها وقتل من تبقى او سجنه، مضيفة: "احتلوا القرية من قلة الاسلحة، من امسكوا به قتلوه او اخذوه للسجن ومنهم الذي تهجر في طرعان الرينة عين ماهل وانا من كفر كنا، ومنهم الذين تهجروا خارج حدود البلاد، وفقط اربعة عائلات بقيت مهجرة بالداخل".
وأضافت: "اليوم لا زلنا نتواصل مع اهلنا المهجرين داخل الحدودوخارجها، وزرناهم في بيوتهم في الدول العربية، وأكدوا لنا أنّ الوطن لا ينسى، وكما لن ننساه نحن، ويبقى املا لدى الانسان ان يعود لبلاده ووطنه، والامل موجود بالعودة عند كل المهجرين، ونحن نتأمل ذلك حتى آخر رمق".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]