استضاف الحزب الشيوعي وجبهة حيفا الديمقراطية أمس الاثنين المربي والمؤرخ الأستاذ اسكندر عمل، في محاضرة قيّمة حملت عنوان "سلب الأراضي العربية قبل النكبة وبعدها" في منتدى الديوان (نادي مؤتمر العمال العرب) في حي وادي النسناس.

استخلاص العبر

افتتح الأمسية سكرتير الحزب الشيوعي في حيفا، رجا زعاترة، والذي قال: "نحن نحيي هذه الذكرى ليس فقط كفكرة تاريخية وانما نريد أيضا استخلاص العبر من هذا الفكر، خصوصا اليوم في ظل تفاعل في المنطقة قد يؤدي الى ضياع والتآمر على القضية الفلسطينية. فنحن نرى في الأيام الأخيرة مخطط جامعة الدول العربية لتبادل الاراضي واسقاط حق العودة وحق اللاجئين، وكل التطورات الاقليمية في المنطقة. ويقول تحليلنا أن جذر الصراع في الشرق الأوسط هو القضية الفلسطينية وعدم ممارسة الشعب الفلسطيني في حقه لتقرير مصيره والتطورات الاخيرة في سوريا، هذا المثلث الرجعية العربية والصهيونية والامبريالية هو الذي يتآمر اليوم على سوريا والشعب السوري وعلى فلسطين ولذلك نؤكد أن الذكرى أيضا لديها عبر سياسية اليوم حاضرة جدا".

حتى العام 1948 كان اليهود يملكون أقل من 10% من الأراضي

وأكد عمل في معرض حديثه أن حتى العام 1948 كان اليهود يملكون أقل من 10% من الأراضي، وفي العهد العثماني لم تكن تملك الا 2,5% من مجمل الأرض، وهي التي شكلت الأراضي لبداية المشروع الصهيوني، وبها ثبتت أقدام المشروع الصهيوني والمشاريع الاستيطاني والاقتصادية ومؤسسات الدولة قبل قيامها.
 

أراضي متوارثة أبًا عن جد

وتحدث المؤرخ الأستاذ اسكندر عمل عن قانون الطابو العثماني 1858 الذي سنّه السلطان عبد المجيد، والذي أجبر المواطنين على تسجيل الأراضي – الأمر المقرون بدفع رسوم تسجيل، مؤكدا أن الكثير من الفلاحين الفلسطينيين لم يكن بمقدورهم دفع هذه الرسوم الباهظة. فكانوا يضطرون إما أن يستدينوا لسدادها أو تسجيلها باسم الوقف الإسلامي أو المسيحي، او تسجيلها باسم ملتزمين (أصحاب رؤوس أموال)، مشيرًا الى أن قسم كبير من الأراضي بقي غير مسجّل، رغم انها كانت أراضي متوارثة أبًا عن جد، وأن عائلة الفلاح كانت تفلحها وتصونها مئات السنين، بالرغم أن قسم سُجّل باسم ملتزم.

الكثير منهم يتنازلون عن ملك أراضيهم لأجل المرابين

وأشار عمل الى أن طريقة جباية الضرائب والرسوم في حينه "لا ترحم"، وبشكل خاص طريقة الملتزمين، والذين كانوا يجبون رسوم التسجيل من أصحاب الملك، ويطالبون بأضعاف ما دفعوه للدولة العثمانية وبنسب ربى عالية جدا بين 40% الى 50% وبالتالي كان الكثير منهم يتنازلون عن ملك أراضيهم لأجل المرابين، وعندما كان يتعذر على الفلاح تسديد الثمن، كان يأخذها بالقوة، وبالتالي كان يسرق الأرض من الناس ومالكيها الحقيقيين.

أكد أن الفلاحين الفلسطينيين لم يبيعوا تقريبا أراضي للحركة الصهيونية

وأكد أن الفلاحين الفلسطينيين لم يبيعوا تقريبا أراضي للحركة الصهيونية. كما أشار كمثال عائلة سرسخ التي اشترت مرج ابن عامر عام 1869 حينها اشترت 17 قرية من القرى، والمعروف أنها باعته في العام 1920، وفي العام 1972 باعت الدولة العثمانية قرى المجيدل واليازور وغيرها، مؤكدا أن العائلات الاقطاعية باعت الأراضي الفلسطينية للحركة الصهيونية في فترة قصيرة بعد تملكها لها (أقل من 50 سنة) ولكن الثمن الذي تلقوه كان مئات الأضعاف.

عائلات إقطاعية لبنانية وسورية كثيرة اشترت أراضي بالمزاد العلني من الدولة العثمانية

وتابع عمل حديثه مؤكدا أن عائلات إقطاعية لبنانية وسورية كثيرة اشترت أراضي بالمزاد العلني من الدولة العثمانية ومن البنك العثماني (المخول بجباية الرسوم من الفلاحين) والمرابين والتجار الذين استولوا على الأراضي. مشددا أن كونهم سوريون ولبنانيون لا يمتون بصلة للشعب الفلسطيني سهّل مهمة بيع الأراضي في وقت لاحق وفي أحيان بعد سنين قليلة للحركة الصهيونية واليهود، فقال: "هذا البيع غير شرعي"!!!

الانتداب البريطاني الذي فرض على فلسطين في أعقاب اتفاقية سايكس بيكو

وعند انتقاله للحديث عن عهد الانتداب البريطاني الذي فرض على فلسطين في أعقاب اتفاقية سايكس بيكو والحرب العالمية الأولى، أشار عمل الى أن أول مندوب سامي بريطاني لفلسطين كان يهوديًا، هيربرت صموئيل، مشيرا الى أنه عمل بشدة وبقوانين استعباطية لتنفيذ وعد بلفور عبر شرعنة قوانين لا تصب في مصلحة الفلسطينيين ومستغلا القوانين العثمانية التي سهلّت المهمة بحيث يصرّح صك الانتداب وبشكل واضح وصريح عملية تسهيل استملاك اليهود والصهاينة للموارد الطبيعية والأراضي الفلسطينية. وقال أن فترة الهجرة اليهودية الأولى في العهد العثماني وضعت الأسس لسلب الأراضي وسرقتها فيما بعد، رغم أنه في هذه الفترة سيطر اليهود على 2,5% من الأراضي الفلسطينية فقط. كما استعرض باقة من القوانين الانتدابية التي سنها المندوب السامي البريطاني، ومنها قانون الأراضي المشاع، قانون أراضي الدولة، وغيرها.

وأكد عمل أنه حتى قبل الهجرة الأولى كان يقدّر عدد اليهود في فلسطين 24 ألفا، وشكلوا أقل من نسبة 1% من المواطنين، بينما بعد الهجرة الأولى والثانية زاد عددهم.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]