مع الأخبار التي تتوارد بإمكانيّة التوقيع على اتفاق يتم فيه إطلاق سراح أسرى قدامى، والحديث يدور عن 82 أسيرًا تم اعتقالهم قبل اتفاق أوسلو، ومع الأمل الذي يحاول الأسرى التمسّك به لعلّهم يعودون إلى بيوتهم بين أحضان عائلاتهم وشعبهم، يسأل السؤال، أن كيف يعيش الأسرى اليوم الذين يرتقبون إعلان أي اتفاق يكون فيه أمل على الإفراج عنهم ضمن أي صفقة يتم التوصّل إليها خلال المفاوضات؟!.

حذار من التلاعب بمشاعر الأسرى 

مراسلنا تحدّث مع الأسير المحرّر مخلص برغال، للحديث معه عن تجربته الشخصية وبحكم علاقته مع الأسرى داخل السجون طوال 25 عاما تقريبا، ليطلعنا على تفاصيل صعبة، ويكشف لنا جوانب حسّاسة جدّا، خاصة بكل ما يتعلّق بتعامل وسائل الإعلام بمثل هذه الأخبار، ومحاولا من خلال موقع "بكرا" إيصال رسالة هامة جدّا، فيها يحذّر من الشائعات التي عادة تروّج لها وسائل الإعلام في هذه الأخبار، قائلا في هذا المجال أنّ في صفقة شاليط، وعندما كانت المفاوضات مكثّفة بين الطرفين، وعندما خرج ممثل عن الحكومة الاسرائيليّة إلى مصر التي كانت وسيطا بين الطرفين، وبعد فترة عاد وقال أنّ المفاوضات فشلت. يصف برغال في حديثه لبكرا ما حصل عند سماع هذا التصريح داخل السجون قائلا: "كنّا جميعا نرتقب أي أمل للتوصّل نهائيا الى اتفاق بالإفراج عن الأسرى، عندما سمعنا بتصريح فشل المفاوضات، أذكر جيّدا الأسير الذي بدأ يصرخ ويبكي، يقوم بضرب حديد الزنازين، ليصاب بانهيار عصبي ويدخل في حالة نفسيّة صعبة، أضطر بعدها لتقديم العلاج النفسي له، هذه حالة أذكرها، طبعا الى جانب حالات أخرى عاشها الأسرى من الإحباط والحزن الكبير، فحذار من التلاعب بمشاعر الأسرى وعائلاتهم من خلال الإشاعات".!

الأمل، حتى لو لـ 3 سنوات ونصف!

ويروي برغال قصص الأمل التي بدأت تعيش فيه عن ارتقابه لأي أمل بإنجاز صفقة يتم من خلالها إطلاق سراحه، فيقول أنّ البدايات كانت خلال الأيام الأولى من الأسر قبل 25 عاما، حيث كنّا نسمع عن اختطاف، مثل ألون أراد، اختطاف أجانب ويهود، فكنّا نبحث عن الأمل من خلال هذه الاخبار، مرورا بأسر حزب الله للجنود الإسرائيليين الثلاثة، مؤكّدا أنّ يومها بدأ الأمل يشوبه الحذر الشديد وعدم التسرّع، رغم أنّ الأسير ينتظر كل أمل قد ينقذه من الواقع الذي يعيش فيه ويتمسّك به!.

وأضاف: "يوم اختطاف الجنود الثلاثة عام 2000 عشنا ثلاث سنوات ونصف من الأمل، الذي ولّد الإحباط بعدها لعدم شملنا في تبادل الأسرى، وعلى عكس خطف شليط التي كانت اخر تجربة، كان الأمل كبيرا، خاصة بالتصريحات الصادرة أنّ اي اتفاق سيكون باطلاق سراح عدد كبير من الاسرى، هذا الأمل سرعان ما خفّت وطأته، انتظرنا الأمل من جديد، وصولا إلى صفقة شليط حيث يومها لم يكن أمل كبير بخروجنا، ففي البداية لم نؤمن ان المقاومة ستنجح بالحفاظ على اختطاف شليط، وكان الامل ضعيف لكنه بدأ يزداد اكثر واكثر، وبعدها بدأنا نرى التمسك من قبل المقاومة، وامكانية وجود صفقة كبيرة وامكانية تحرر اسرى، مع الوقت عززت الأمل وصولا الى الإعلان عن صفقة شاليط".

غدر إسرائيلي

ويؤكّد برغال أنّه علم بشكل رسمي على أنّه من بين الاسماء المفرج عنهم فقط قبل يومين من التحرّر، لكن بشكل غير سمي من خلال اخبار من تلفاز عند سجناء مدنيين جاء فيها ان صفقة تم الاتفاق عليها، متبعا حديثه قائلا: "بعدها بلاثة ايام أخذوني من الزنزانة نحو سجن شطّة حيث تم تجميع الاسرى المنوى الافراج عنهم، تحركاتهم كانت موجودة لكن لا يوجد تأكيد على نيّة الإفراج، حتّى بدأت تختلط المشاعر، كنا نستغرب، وكان الخوف من ترك جبهة المواجهة والمسؤوليّة، لاننا كنا من المسؤولين عن الاضراب، وكان همنا ترك اجواء متماسكة لاضراب الاسرى وكان الشعور تجاه المسؤولية اكثر من شعور الفرح والتحرر، لانها مسؤولية كبيرة علينا، وكان علينا تحمل نتائج الاضراب ونجاحه".

ويشير برغال أنّه حتى اللحظة الأخيرة كان الخوف من الفرحة بشكل حقيقي، لم يكن اطمئنان، التجارب السابقة تشير إلى وصول اسرى للمطار ومن ثم إلغاء الاتفاقيّة وعودتهم للسجن مجددا، طريقة التعامل من قبل الإسرائيليين فيها غدر، وعدم التزام بالاتفاقيات ورادة جدا لديهم، وعندما جاء الصليب طالب ان يرافقه حتى البيت، حيث خاف ان يغيروا الطريق نحو سجن آخر.

وفي النهاية حذّر برغال، ومن خلال تجربته الشخصيّة وسائل الاعلام بأن تتعامل جيّدا وبحذر بهذه الأخبرا، لأنّ هنالك مشاعر للأسرى، أمهاتهم وأطفالهم، ولأنّ الأسرى ينتظرون أي خيط من الأمل، وبالاشاعات قد يولّد لديهم إحباط كبير.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]