في قلب مدينة تل أبيب وتحديدا في بيت الفنانيين، تتحدى قرية جسر الزرقاء، ومنذ أسبوعين، سياسة التهميش والإقصاء والتمييز التي تمارسها المؤسسة الاسرائيلية بحقها، وذلك من خلال معرض فني مميز بعنوان "جسر" وهو معرض صور يحاكي واقع وحياة قرية جسر الزرقاء من منظار الفنانة اليشيفع سميث، التي واكبت ووثقت حياة سكانها على مدار عامين.

انطلق المعرض بداية الشهر الحالي، وسيستمر حتى نهاية شهر آب. في 15.08.2013 كان حفل الافتتاح الرسمي للمعرض، بمشاركة قيّمة المعرض الفنانة نوريت ياردين، رئيس المجلس المحلي عز الدين عماش، رئيس اللجنة الشعبية سامي العلي، مدير وحدة الشبيبة في المجلس محمد عماش، وعشرات النساء، الشباب والفتيات من أبناء القرية الى جانب العشرات من الناشطيين اليساريين، المثقفين ورواد المعارض ومحبي الفن وأصدقاء الفنانة من الوسط اليهودي. وتحدث خلال الافتتاح عز الدين عماش، رئيس المجلس، مستعرضا أوضاع القرية، تلته الفنانة اليشيفع سميث، التي تطرقت لهدف ومضمون المعرض، واختتم سامي العلي رئيس اللجنة الشعبية، الافتتاح مشيرا الى أهمية المعرض ومكان عرضه، للنضال الذي يخوضه السكان ضد الحصار، ومستذكرا اللحظات التي رافق بها الفنانة سميث في حارات وزقاق القرية للتصوير والتوثيق.

ويشمل المعرض على صور مميزة تعكس الجانب الإنساني والإجتماعي، الاقتصادي والجغرافي وحتى التراثي للقرية. كما يشمل على صورة مجسدة للواقع المعقد، التقطتها ابنة القرية الموهبة مي حرباوي، إضافة الى لمحة تاريخية وواقعية بقلم الصحافي سامي العلي، رئيس اللجنة الشعبية.

مواطنون شفافون

وقالت الفنانة اليشيفع سميث: "جسر الزرقاء، هي القرية العربية الوحيدة التي تقع على ساحل البحر المتوسط. رافقت حياة سكان القرية على مدار سنتين. وثّقتُ لحظات من حياتهم اليومية، بعضها مؤثرة، وبعضها إنسانية وحتى مضحكة. يعيش سُكان القرية في ازدحام شديد ويعانون ضائقة سكنية خطيرة . مسجونون بين البحر غرباً وطريق الساحل شرقاً، وبين "معچان ميخائيل" شمالاً وقيسارية جنوباً، لا يوجد لديهم مكانا للتوسُع".

وأشارت سميث: "هم مواطنون شفافون، غير مرئيين، وغير معروفين لمُعظم سُكان الدولة - نظرة عابرة خلال السفر من حيفا إلى تل أبيب. أرى بالمعرض وسيلة لرفع مستوى الوعي لدى الجمهور عامة، وكجزء من نضال مستمر لحل ضائقة السكن وتحسين الظروف الحياتية".

وأضافت سميث: "نتيجة الوضع الاجتماعي والاقتصادي الصعب، الذي يُعيق كل تطور، نشأت في القرية حركات نسائية تحلم بتغيير وضعهن. تُعاني النساء في الجسر مُعاناة مزدوجة، كل امرأة بالإضافة لوظيفتها كأم وربة منزل، فهي أيضا المعيلة الوحيدة للأسرة، وتعمل أحيانا عدة وظائف. وتؤدي دور الرجل والمرأة في آنٍ واحد. إن الإرادة في تغيير هذا الوضع غير المُحتمل، خلقت لدى قسم من النساء وعيا وإيمانا بقدرتهن على إحداث التغيير. إحدى الحركات النسائية في الجسر هي " جمعية بسملة"، التي تأسست بسواعد امرأة صاحبة رؤية للتغيير الاجتماعي".

التعبير من خلال الفن

من جانبه قال سامي العلي، رئيس اللجنة الشعبية من أجل جسر الزرقاء: "هذا المعرض هو إحدى أساليب النضال والاحتجاج ضد سياسات التمييز والإجحاف والإقصاء التي تعانيها القرية منذ عقود. نحاول استثمار كل الطرق المتاحة لطرح وإثارة قضية القرية وروايتها على الرأي العام، ومن خلال الفن يمكن التعبير عن الواقع الصعب الذي نعيشه".

وأضاف العلي: "إن هدف المعرض هو لفت الانظار وتذكير المجتمع الاسرائيلي أن أهالي جسر الزرقاء، مهمشون ومحاصرون، حقوقهم مهضومة في دولة تتغنى بالديمقراطية، واختيارنا لتل أبيب لم يأت من فراغ، أردنا إيصال صوتنا واحتجاجنا لمركز الاحداث السياسية وللأوساط الثقافية والفنية والقوى اليسارية والليبرالية الاجتماعية".

وأشار العلي أن هذا المعرض ينضم الى جملة المعارض التي انتجت عن قرية جسر الزرقاء في السنوات الأخيرة، وأن معرض "جسر" سيقام مجدداً في أكتوبر 2013، في جسر الزرقاء، وسيعرض في بداية عام 2014، في مسرح القدس.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]