في الوقت الذي مازالت فيه قضية التبرع بالاعضاء تصول وتجول في فكر وتشغل بال كل شخص مؤيد كان أم معارض، يسجّل المركز الوطني للزراعات (أدي) إرتفاعًا ملحوظًا في نسبة الموقعين على "بطاقة التبرع بالاعضاء" أو ما تعرف بأسم "بطاقة أدي"، بينما يفوق عدد المنتظرين لعملية زراعة الـ 1000 قاصر وبالغ.

وبعد أن شَرّعَ الشَرعُ وسمحت معظم الديانات بالقيام بمثل هذه الخطوة الإنسانية السامية من أجل إنقاذ حياة الآخرين، يواصل الأطباء في البلاد عربًا ويهودًا بمحاولاتهم الحثيثة لإقناع الجمهور بضرورة التوقيع على البطاقة التي تضمن موافقة الشخص على استخدام أعضاء جسمه في حال وفاته والتبرع فيها لمن هم بحاجة من اجل البقاء على قيد الحياة.

من جانبه أكد البروفيسور رفعت صفدي – مدير قسم أمراض الكبد في مستشفى هداسا عين كارم بالقدس في حديثه لمراسلنا أهمية التشجيع ورفع نسبة الوعي بالنسبة لموضوع التبرع بالاعضاء، داعيًا الجمهور الواسع الى الاطلاع عليه بمنظور الانسانية مشيرًا الى ان ذلك من شأنه ان يساهم في انقاذ حياة أشخاص آخرين، وان يكون هدية العمر التي لا تقدر بثمن بالنسبة لهم، قائلًا:"ان المرضى المدرجة اسماؤهم على قائمة الانتظار التي باتت طويلة جدًا لهم عائلات وأولاد ينتظرون بفارغ الصبر ان يشفوا من امراضهم ليعيشوا سويًا بقية العمر".

مراسلنا ارتأى الى اجراء الحوار المقتضب التالي مع البروفيسور رفعت صفدي...

بداية... بطبيعة الحال أنتم تؤيدون التبرع بالاعضاء..

د. صفدي: بدون شك، أنا أؤيد وبشدة هذا العمل الانساني كوننا نقابل يوميًا أشخاص بحاجة ملحة وضرورة قصوى لزراعة عضو معين، وخاصة الكبد نظرًا لطبيعة عملي، فنحن نتحدث عن حاجة سنوية في بلادنا تصل الى حوالي 100 حتى 150 كبدًا في السنة، حيث ان المتوفين نتيجة امراض الكبد تفوق نسبتهم الـ 25%، أكثرهم يفارقون الحياة وهم ينتظرون متبرع.

لماذا يدعو الطب الى التبرع بالاعضاء؟ وهل تعتبر عملية الزراعة عملية حيوية الى هذا الحد؟

د. صفدي: طبعًا، فالطب في النهاية يصبو الى انقاذ حياة المرضى بأي شكل كان، غير أنه وقبل ان يتوصّل العلماء الى كون زراعة الاعضاء هي عملية من شأنها ان تساهم في الشفاء، كان مصير أولئك المرضى الموت لا محالة، علمًا ان المرض يعني حالة حدوث فشل في عضو قد يعتبر مفصلًا هامًا في جسم الإنسان..

ما هو سبب تخوف وخشية المواطنين من قضية التبرع بالاعضاء... حسب رأيك؟

د. صفدي: حقيقةً، أنا غير مدرك لأسباب تخوفهم أبدًا، ولكن حسب رأيي انه طالما الدين والشرع والعلم والقضاء والطب يحللون ويدعون للقيام بهذه الخطوة فلا يجب ان يكون هنالك مانعًا.

هل يقلقك مدى تخوف المواطنين من قضية التبرع بالاعضاء وامتناعهم عن التبرع؟

د. صفدي: أنه أمر مقلق للغاية بحق، فأنا أخشى على صحة مرضاي كثيرًا، وأريد لهم التحسن الشفاء وعندما نتحث عن امتناع او تخوف المواطنين فهذا يقلل من نسبة المتبرعين، وقلة المتبرعين يعني نقص في الأعضاء المطلوبة للزراعة، وهنا أتوقف بتوقعاتي كوني لا أريد ان اصل الى حقيقة مرّة...

ما هي نسبة نجاح عملية زراعة عضو بشري... وما مدى تأثيرها الايجابي على حياة المريض؟

د. صفدي: كوني متخصص في امراض الكبد، أستطيع ان اقول لك ان نسبة نجاح عملية الزراعة تصل الى 90%، وهي نسبة أكثر من ممتازة و من شأنها تؤثر ايجابيًا على حياة المريض الذي يعاني من فشل في عمل العضو وهو المستفيد الأخير، وبوجود مثل هذه النسبة العالية نستطيع ان نقول انها وان لم تمنحه الشفاء التام فهي لن تدهور صحته أكثر مما كانت عليه قبل اجراء العملية.

ممن يمكن الحصول على اعضاء من اجل زراعتها في اجسام أخرى؟

د. صفدي: يتم الحصول على الاعضاء من اشخاص توقف دماغهم عن العمل، نستطيع تسميتهم على انهم ميتون دماغيًا، لأنه وفي هذه الحالة يكون عددًا من اعضاء جسمهم مازالت سليمة ويمكن استئصالها لزراعتها، كما يجب ان نشدد انه يمكن الحصول على عضو لزرعه في جسم آخر في حال كان العضو معافى ولم يعاني المتوفى سابقًا من أمراض فيه او التهابات قوية، غير أن للسن تأثيرًا ملموسًا وكبيرًا ايضًا فكلما كان تقدم جيل المتبرع كلما كانت نسبة النجاح ونجاعة عمل العضو أقل.

كم من الوقت تستغرق عملية استئصال العضو من اجل إستخدامه وزرعه في جسم آخر؟

د. صفدي: ان عملية استئصال العضو من اجل استخدامه وزرعه في جسم آخر تحتاج الى مدة تتراوح ما بين ساعة ونصف الى ساعتين، ان لم تكن هنالك عوائق أخرى.

كلمة أخيرة توجهها للجمهور لتشجعهم فيها على اهمية التبرع بالاعضاء...

د. صفدي: ان للتبرع بالاعضاء قيمة انسانية كبيرة، فيه ممكن ان نهب الحياة لآخرين، وهو أمر على العائلات المتبرعة ان تفخر فيه، فالتبرع هو هدية لا تقدر بأثمان.. كما انه يمنح المرضى فرصة جديدة للعيش بصحة وإطمئنان، ويكون بمثابة ضوء بآخر النفق حتى لأفراد عائلاتهم الذين عاشوا واقعًا مريرًا طوال فترة مرضهم. أقول للجمهور... ساهموا في نشر التوعية بأهمية التبرع بالأعضاء بدلًا من الوقوف مكتوفي الايدي أمام حالات الوفاة التي تزداد يومًا بعد يوم والعبوا دوركم في منح الحياة لمن هم بحاجتها.

بقي أن نشير الى ان البروفيسور رفعت صفدي يعتبر من كبار الاطباء المتخصصين والباحثين في أمراض الكبد في البلاد، وهو خريج كلية الطب في هداسا عام 1989.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]