في الجزء الثاني من اليوم الدراسي، الذي اختتم عصر اليوم الجمعة الرابع من تشرين الأول، والذي دعا إليه مركز مساواة بمشاركة جمعية المنار (مجلة الغد الجديد)، حاول المدعوون للبرنامج الإجابة عن السؤال الأهم في اليوم الدراسي ألا وهو: "حقوقنا الثقافية، ممن وكيف؟"، وشارك في المؤتمر كلٌ مِن: فريد غانم - رئيس مجلس المغار، عمر نصار- رئيس مجلس عرابة، رجا الخطيب - رئيس مجلس دير حنا، خضر شامة - مسؤول السلة الثقافية، مها زحالقة - مديرة قسم التربية الاجتماعية في مجلس كفر قرع، ابراهيم خلايلة - مدير المركز الجماهيري في مجد الكروم، سامي مهنا - رئيس اتحاد الكُتّاب في الداخل، جمال حسن - مدير جمعية عناة للفنون والثقافة، إيناس زعبي - مركزة الفعاليات الثقافية مدرسة بير الأمير في الناصرة، فاطمة كيوان - أمينة مكتبة عامة، مجد الكروم - دنيا مخلوف - مستشارة تنظيمية، علمًا أن الجلسة أديرت من قِبل رائد نصر الله - مدير مسرح الكرمة سابقًا.

تجربتي في الميدان

الاستاذ رائد نصر الله أكدّ أنّ الهدف من هذه الجلسة التأكيد على أننا نستطيع، رغم كل ما حولنا من معيقات، إلا أنه بمقدورنا خلق حالة من الحراك بمشاركة الجمهور، من خلال الأبداع. نصر الله أكدّ أنه يتحدث عن تجربة شخصية عندما كان مسؤولاً في مسرح الميدان، مع ذلك ليس هناك اشتراكٌ سنوي للحياة الثقافية، بل كانت هناك تجربة صغيرة في "موسم الحصاد المسرحي" وقد بعنا تذاكر مدمجة يستطيع الإنسان مشاهدة 5 مسرحيات، بعرضٍ واحد.

وأضاف رائد نصر الله: الجمهور تعوّد أن يختار تاريخ معين لحضور العمل المسرحي الذي يريد، وهناك تجربة أخرى هي العمل مع السلطة وصراع الحصول على ميزانيات، وكانت لي تجربة في الميدان مع بلدية حيفا، وقد حاولت البلدية وقتها تحويل الموضوع إلى استهلاك سياسي، لكنني رفضتُ الموضوع، وهذه هي المعادلة لنجاح مسرح الميدان بتحصيل حقوقه، والجميع يستطيع أن يحقق نجاحًا، بنفس الأسلوب.

حلمي العودة للصحافة والميدان 

أما رئيس بلدية المغار فريد غانم، فقال: حُبي الاول هو الأدب بعد ان عملتُ فترة لا يستهان بها في الميدان وفي الصحافة، وطموحي كان ولا يزال أن أتفرغ لهذا المجال، مجال الثقافة بكل ما فيها، لكن للضرورة أحكام. وبعد مداولات صعبة قررتُ أن أترشح لرئاسة السلطة المحلية، والجمهور عمومًا بمن فيهم المثقفون يوجهون انتقادات بعضها بنّاءً وبعضها ينبع من جهل التفاصيل.

أما بخصوص السلطة في إسرائيل فهي مأزومة، لأنّها لا تقدّم المفروض من الخدمات للمواطن، ناهيك عن العنصرية المستشرية والمزمنة والمستعصية، فقد تحدثوا قبل سنوات عن ميزانية هائلة ستصل إلى 13 قرية ومدينة عربية، لكن في الحقيقة أنه تقدّم في المجتمع العربي  لث الخدمات التي يحصل عليها المواطن اليهودي، وهناك عوامل اخرى، وحين نتحدث الى جمهورنا يجب ان نقول الحقيقة، السلطة المحلية تستطيع ان تقدّم بعض الخدمات الثقافية، وهناك سلطات لا يوجد بها قاعات ومراكز للخدمات الثقافية، وأنا الوم نفسي حتى في مجال الثقافة، إذ نتعاون بمفاهيم سنوات السبعين وهذا خطأ كبير جدًا، وتبيّن أنّ دور المثقف انكمش واحتلت مكانه الصحافة السريعة، واليوم يتحتل الشبكات الاجتماعية، مكانة لدى جمهور من المثقفين والجمهور الآخر لا يُتابع الفعاليات الثقافية بينما يُشارك الجميع في الأعراس، ويجب ان نبحث مجدداً في كل مفاهيم تسويق الثقافة وهناك قصور في وسائل الإتصال والتواصل، إذ لم تُبقِ مكانًا للثقافة، ويجب ان ندرس كيف نتعامل معها.

وختم رئيس مجلس المغار كلمته بالقول: نحن لسنا بحاجة الى ميزانيات، ففي الثمانينات تميزت الفترة بوصول مثقفيها إلى مراتب علييا، رغم عدم وجود الميزانيات، ويجب أن نبادر لإقامة النوادي، وتبادل الآراء، وعلينا أن نجد الوسائل لنشر الثقافة، والتخلص مِن القصورات.

المجالس العربية لا تُحسن استغلال الميزانية، وفي النهاية يتم إلى إرجاع ملايين الشواقل للوزارة بسبب عدم استغلالها!!

الفنان خضر شاما – عازف عود وسؤول السلة الثقافية في المجتمع العربي قال: "أقيم مشروع السلة الثقافية منذ 30 عاما لخلق فرص متساوية لكل الطلاب بالتقاء والتعرف على الفنون على انواعه، ونحن في السلة الثقافية نستقطب فنانين يتقنون 6 فروع فنية، وهدفنا ان نطوّر الطفل فنياً، ليخرج طفلاً قادرًا على إدارة حوار ومناقشة أفلام سينمائية، تفوق مجرد كلمتي أعجبني أو لم يعجبني، ونحصل بالمقابل على دعم وزارة التربية والتعليم، ولكي يتحسن الوضع الاجتماعي والاقتصادي، وتحصل أكثر من 60 بلدة وقرية على دعمٍ من وزارة الثقافة، بين هذه البلدات هناك 18 بلدة عربية، حيثُ قامت هذه البلدات بإرسال أكثر من 100 رسالة، لكن كان الرد فقط على 6 رسائل بالأكثر، لكن تُقابل هذه البلدات بالسؤال مِن قبل المجالس: كيف نحصل الميزانية؟ وعندما نوضّح لهم ان عليهم ترتيب العرض ونحن نقوم بدفع المبلغ لا يهتمون بذلك، فهُم لا يحسنون استغلال الميزانية، ويُضطرون إلى إرجاع ملايين الشواقل للوزارة بسبب عدم استغلالها.

وبالنسبة لنوعية المركّزين الذين يتم اختيارهم في المدارس عن السلة الثقافية، بعضهم لا يملكون رؤيا مستقبلية، ولا يطمحون بالعمل مع الطلاب، ولا ينشغلون بتمكينهم من خرق مجالات فنية مختلفة، وكل الذين التقيهم يتهمون المدرسين بالتقصير، لكن ليس هذا هو دور الفن.

يختم بالقول: عند دخولي للعمل، فرضتُ على السلة الثقافية، ضرورة دخول المسرحية للمدرسة، بعد فحص إذا ما كان الفنانين مؤهلين وأكاديميين لكي يأخذ الفنانون فرصتهم، ونحنُ الآن نفرض على المسارح المعايير الجديدة بالإضافة إلى العمل على الميزانيات اللائقة.

صعوبة تجنيد الحضور للثقافة 

أما الناشطة، مها مصالحة زحالقة فقالت بدورها: 
"هناك صعوبة في تجنيد الحضور للثقافة، علمًا أنّ الثقافة تلغي العنف، وفي المدارس يتم تسيير مشروع في كتابات وطنية، لكن المسؤولين في المدارس يخافون ذلك، وكأنّ هناك "بُعبُع" نخاف منه ونحنُ قد وضعناه لأنفسنا، لكنني اؤكِد أنّ الخوف ممنوع، ويبدو المدير خائفًا للحصول على هدوءٍ مصطنع".

أضافت زحالقة: "الأقسى من ذلك أنّ قضية المرأة مغيبّة بشكل ممنهج، والقضية الاقتصادية هي الأهم، وتفوق المسألة الثقافية بالطبع، الاقتصاد هو المطلوب والمستهلك، لكن استطعنا مؤخرًا أن نرسّخ نوع من الثقافة في شبابنا، الذين يعرفون أكثر من محمود درويش وسميح القاسم وشعرائنا وأدبائنا، فالأمر ليسَ مستحيل، وهو مرتبط بالكثير من الأمور التي يجب أن تتغير في مجتمعنا".

تشير زحالقة في النهاية الى افتقار البلدات العربية للثقافة، فهي مهمشة، والمسرح هو الكماليات، بينما لا يسأل رئيس المجلس عن الأعمال الثقافية التي يتعطش لها مجتمعنا.

سامي مهنا: نحن في حالة استثنائية على كل الاصعدة

"للثقافة ليس فقط الدور الأم، بل الحاسم في سيرورة مجتمعنا، وفي حالات استثنائية عند شعوب كثيرة يشكّل الأدب والثقافة، ليس حاضنة، بل هي قضية وجود، وليس فقط مجرد أمسية أدبية هنا وهناك"- قال الشاعر سامي مهنا.

ويضيف مهنا: "نحن مجتمع يريد ان يسعى ويصل عبر الحراك الشعبي الذي من واجبنا ان نستقطبه على أرض الواقع، اوفي تحاد الكتاب هناك حالة نسعى لتكوينها مع أنه ليس من السهل بناء هذا الجسم، ويصعب تشكيلها، خاصةً أنّ الهدف الأعلى هو تشكيل الحالة السياية الثقافية والاجتماعية، نحنُ ليس لنا وزارة ثقافة، بينما تقف وزارة الثقافة الإسرائيلية كحالة منافية، لحالتنا، لذا فإنّ الحل هو في إقامة أطر شعبية ومؤسسات جماهيرية تبلور حالة مستقلة ثقافيًا داخل هذه الدولة.

يتابع مهنا: يسعى اتحاد الكتب للتوحد والتعاون مع المؤسسات الثقافية ونتمنى ان يزداد التعاون مع هذه المؤسسات، وقد بدانا بتأسيس الفكرة فمن خلال التعاون مع مؤسسات ومراكز جماهيرية وأحزاب، وهي حالة هامة يجب ان نستثمرها في صالح مجتمعنا، كما أنّ الايام الدراسية تعطينا نقاط من اجل فهم الحالة أكثر.

يضيف: بالأمس عدنا من مؤتمر القدس عاصمة الثقافة العربية، وما ابقى وجودنا هنا هي حالة الادب في البلاد، لولا مشاريع ثقافية حلّت مكان  ما كان يجب أن نصنعه، لا نريد ان يأتي يوم ولا نكون في البلاد، والحالة الثقافية هي حالة وجودنا ومستقبنا.

ومن أهداف اتحاد الكتاب التعاون الثقافي مع محيطنا الاوسع العالم العربي، كي نكون موجودين في العالم، وحتى يتم التعامل معنا كحالة ثقافية لها اهمية وليس فقط كحالة عاطفية. علينا بلورة الحالة الثقافية ونملك طاقات أبقت الوجود والتعاون، بينما نتكأ على الحالة السياسية والثقافية ونتفاعل من خلالها وعبر المؤسسات التي أبقتنا جزء من أمة، ولولا ذلك لكنّا ضعنا.

وختم مهنا: "نسعى مستقبلاً ان نشكّل حالة أكثر بارزة للتعامل معنا بموضوعية، والتعامل مع المؤسسات الثقافية والاجتماعية لكي نشكّل الحالة التي لها الأهمية القصوى في هذه البلاد".

إئتلاف لبحث قضية الثقافة 

وقال جمال حسن - مدير جمعية عناة للفنون:
أنا سعيد أنني أتحدث عن تجربة عمرها يزيد عن 20 سنة، وأنا أطالب بإقامة ائتلاف أوسع، لبحث قضية الثقافة، بـ 90، كنا نتحاور ضمن مجموعة أقمناها وهناك اقمنا في البدء، جمعية للفنانين التشكيلين العرب، وساهمنا في إقامة جمعية ابداع عام 1994، مع مجموعة كبيرة من المثقفين، وقد اضطررت لبيع ارض خاصة بي كي اتمكن من مواصلة دعم ابداع، 2005 استقلت من ادارة الجمعية بعد ان تعبتُ جدًا، وانتقلتُ لأوروبا، وأقمنا مؤخرًا جمعية العنان للثقافة والفنون، ووجدنا انه من حقنا كفلسطينيين إقامة ندوات إبداعية، مختلفة، هناك الكثير مما يقال عن الفن، خاصة الفن التشكيلي، الذي لا يُموّل ولا يتم تحسينه بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة.

المربية ايناس زعبي: تكسر التفكير وتعطينا صورة اخرى

من جهتها قالت إيناس زعبي (مربية في المدرسة الجماهيرية بير الأمير في الناصرة) : "أنا جدا سعيدة كوني أمثّل مدرسة جماهيرية تؤمن  بقدرات الطلاب وتسعى لتبنّي الطلاب حيث يستطيع المثقف ان يجني منها ثمارًا رائعة، تساعد على بلورة شخصيته وتقويتها في كافة المجالات، ورصيدنا كبير ومدرستنا تتبنى كل مشروع ثقافي، وعظمة المدرسة ليس فقط بالتبني ولكن بالتطور، وأنا فعلاً سعيدة لأنّ ممثل السلة الثقافية، يتحدث عن ثقافة المدارس التي لا تقتصر على فنٍ واحد، مشاريعنا متوعة وعديدة وبرنامج السلة الثقافية أثبت نجاح وتعاملنا معه كمشروع ساهم في بناء الطلاب وساهم بجعل الطالب فاعل وليس منفعل، وقد شملنا الاهل في الثقافة والسلة الثقافية.

وتضيف: إن التخطيط الثقافي يشمل الطلاب والمدرسين، حيثُ نفسح المجال بانكشافهم على عدة مجالات بينها التعامل مع الاهل للوصول للطلاب وهم جزء مساعد لنا كمدرسة جماهيرية، ونحن حققنا اهدافاً كبيرة جدا، والمشاريع الثقافية منها مشروع تشجيع القراءة والمطالعة لأن الكتاب هو اساس الثقافة. لقد حصل مشروع مسيرة الكتاب على حيز كبير من الاهتمام والتطور، وهو مشروع وضخم، وما تبقى هو انتظار الاحتفالية الطلابية.

تتابع: لقد نجحنا أن الطالب صديق الكتاب، وأن يلتقوا الأدباء والمترجمين، ولدينا مشاريع عديدة، ونؤمن أن كل ذلك سيعود بعلى الطالب بالفائدة، وفي نهاية كل سنة يتم اصدار كتب من انتاج الطلاب والأهل، وهو كنز للمدرسة، وعظمة المدرسة ليس في كتابة المشاريع، بل في تنفيذها وتطويرها.وقالت الكتابة فاطمة كيون: يشرفني تواجدي معكم وشرف لنا ان نستضيف المؤتمر، وتواصلنا معكم يزيدنا قوة تصُب في بلمصلحة العامة بأن نتقدم نحو المستقبل، ومن المهم التواصل مع أمينات المكتبة، وجمعية مساواة داعمة لنا، من خلال استكمالات عديدة، ونحنُ نعتز بالجمعيات ونشاطها، فلها دور في عدم طمس الهوية والثقافة، وعلينا تعزيز إقامة المكتبات ونشر الوعي الثقافي في مجتمعنا.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]