ينصح أطباء النساء والتوليد ووزارة الصحة، السيدات الحوامل بإجراء جميع الفحوصات الضرورية للتأكد من سلامة الحمل والجنين. وتزداد أهمية هذه الفحوصات خاصة بالنسبة للسيدات اللواتي يعانين من أمراض قد تجعل من حملهن حملاً مع مخاطر لا يُستهان بها.

أن متابعة حالات الحمل مع مخاطر من شأنها أن تجنّب الحامل خطر ولادة جنين مع تشوّهات خلقية أو تعريض صحتها للخطر، وبالمقابل تمكينها من خوض تجربة حمل وولادة آمنة ومريحة.

للوقوف عن كثب على حالة الحمل مع مخاطر، أسبابها وطرق متابعتها أجرينا لقاء مع الدكتور يعقوب زخريان أخصائي نساء وتوليد ومدير غرفة الولادة في مستشفى الناصرة – الانجليزي.

هل لك أن تحدثنا عن الحمل مع مخاطر؟ ماذا يعني؟

الحمل مع مخاطر يختلف من فترة إلى أخرى. هناك الحوامل اللواتي كُن يعانين من مرض مزمن وخضن تجربة الحمل. في الماضي كنا نُصادف حوامل مع أمراض بالقلب، ضغط الدم وسكري الحمل، فكنّا نتابعهم وبعضهن خضعن لعمليات قيصرية لدينا، أما اليوم ومع انخفاض عمر الحوامل وزيادة الوعي حول ضرورة إجراء فحوصات ما قبل الحمل، فإن خطر وجود أمراض كالمذكورة آنفًا أصبح أكثر انخفاضًا، ومع ذلك عدد حالات الحمل مع مخاطر يشهد ارتفاعًا بسبب توصيات وزارة الصحة، حيث كانت الحوامل في الماضي تتردّد على مراكز رعاية الأم والطفل لمتابعة الحمل، واليوم مع نشوء أية مشكلة، حتى لو كانت صغيرة، يتم تشخيص الحمل على انه مع مخاطر. مثلا إذا كان وزن المرأة زائدًا عمّا هو محدّد في الجداول المتّبعة (BMI) يتم تصنيف حملها وكأنه مع مخاطر، أو الحوامل اللواتي تعرضن لحالات إجهاض في الماضي، ويتم إرسالهن إلى مركزنا حيث نقوم بدورنا بمتابعة الحمل وإجراء الفحوصات اللازمة لتفادي الإجهاض. وفي هذا السياق أودّ الاشارة إلى أن دراسة أجريناها بيّنت أنه بسبب الفحوصات الزائدة نجد هناك حوامل يعانين من مشاكل في تخثّر الدم. مجرد وجود تخثر الدم أو استعداد لتخثّر الدم يجعل الحمل حملاً مع مخاطر.

وهناك سبب آخر لزيادة عدد حالات الحمل مع مخاطر وهو ازدياد عدد الفحوصات للنساء اللواتي يحملن أمراضًا وراثية، علمًا أن حالات زواج الأقارب تشهد تراجعًا في المجتمع، ولكن بسبب فحوصات الكشف عن الأمراض الوراثية الشائعة في هذه البلدة أو تلك، نرى إزديادًا في عدد حالات الحمل مع مخاطر.

اليوم جميع الحوامل يخضعن لفحوصات أولتراساوند، وأية مشكلة صغيرة تظهرها هذه الفحوصات تؤدي إلى تشخيص الحمل على أنه مع مخاطر.

بالإضافة إلى كل ما ذكر هناك حالات الحمل بتوائم التي تستدعي المتابعة اللازمة لكونها حالات حمل تنطوي على مخاطر.

اليوم تتوجه النساء للفحوصات مع توقّف الدورة الشهرية التي تُشير إلى حدوث الحمل، حيث تخضع الحامل لسلسلة فحوصات أولية، مثلا فحص شفافية الرقبة وفحوصات الثلث الأول من الحمل، والتي قد تُشير إلى خطر وجود أمراض معينة، مثل متلازمة "داون" (مُنـﭽـولي) وغيرها.

وفي حالة وجود أي خلل، يتم تحويل الحامل إلينا لمتابعة الحمل، بالإضافة إلى ذلك كنا في الماضي نطلب من الحوامل فوق سن 35 إجراء فحص "ماء الرأس" فقط، أما اليوم فنطلب منهن إجراء فحص دم عادي لمعرفة عدد كروموزمات الطفل، لذلك كلما زادت هذه الفحوصات، قد يتم اكتشاف أشياء أكثر، حتى لو كانت صغيرة، وبالتالي يتم تحويل الحامل إلى متابعة حملها.

بكلمات أخرى، الحمل مع مخاطر، هل يظهر فقط مع بداية الحمل أو ممكن أن تظهر علاماته خلال الحمل؟

حسب رأيي، إذا كان من المعروف أن الحامل تُعاني من مرض في القلب أو الكلى، فنحن نعرف كيف يجب المحافظة عليها ورعايتها، ولكن اليوم نُدرك كأطباء أن الصعوبة تكمن في الحالات التي لا نعرف فيها أن الحامل تُعاني من مرض ما، وهذا يتطلب منا أن نكتشف إذا ما كان هذا الحمل مع مخاطر أم لا، علمًا أنه في أغلب الحالات يتم الكشف عن المخاطر بعد إجراء فحوصات الحمل المطلوبة.

حاليًا، هناك توجّه مستقبلي لإجراء فحوصات لهرمونات الغدد لجميع السيدات وفي حالة إكتشاف قصور في عمل الغدة، فيُمكن تعويض الحامل بواسطة اعطائها هرمون الإلتروكسين، لأنه في حالة عدم تزويدها بهذا الهرمون، فقد تنجب طفلا يُعاني من تخلّف عقلي.

وهكذا نرى أنه يُفضّل بأن تُجري السيدات جميع الفحوصات بما في ذلك الفحوصات الوراثية (قبل الحمل)، وإجراء فحص المشيمة للكشف عن أمراض وراثية قد تستدعي اتخاذ قرار حول إسقاط الجنين أم لا.

كيف يتم متابعة المرأة خلال الحمل مع مخاطر؟

السيدة التي تُعاني من السكّري قبل الحمل من المفروض أن يعمل طبيب العائلة على ضبط قِيم السكر لديها إما عن طريق مادة الإنسولين أو الأدوية الأخرى، بحيث يكون السكّر متوازنًا قبل 3 أشهر من الحمل، لأنه كلما كان مستويات السكر مضبوطة، تقل مخاطر ولادة طفل مع تشوّهات خلقية، ويتم فحص ذلك عن طريق فحص الهيموغلوبين AIC، الذي يُفضّل ألاّ يزيد عن 5.3%.

وبعد الحمل، يجب توجيه الحامل إلى استشارة خبيرة حمية (دييتا) لكي تعطيها نظامًا غذائيًا خاصًا بالحوامل مع سكّري حمل ومتابعة فحوصات السكّري بانتظام، وكل 3 أشهر يجب فحص مستوى الهيموغلوبين. في الاسبوع الـ 28 من الحمل يجب إجراء فحص "مونيتور" مرّة في الاسبوع لفحص نبضات قلب الجنين، وفي الشهر التاسع مرّتين في الأسبوع.

لا شك انه خلال عملك صادفت حالات حمل مع مخاطر، هل يُمكن أن تحدّثنا عن إحداها؟

قبل بضعة أيام وضعت إحدى الحوامل ثلاثة توائم بعد فترة من المتابعة والاشراف على الحمل في القسم لدينا. وخلال ذلك حظيت السيدة بالرعاية والعناية المطلوبتين من خلال إجراء جميع الفحوصات الضرورية المترتبة على الحمل بتوائم.

وقد تمت الولادة بعملية قيصرية، وجميع التوائم بصحة جيدة ولا يزالون يتلقون العناية في قسم الخدّج وتحت إشراف الأطباء الأخصائيين.

وهناك سيدة أخرى خضعت لعلاجات عن طريق الـ IVF، وخلال ذلك تعرّضت لجلطة في الرئتين، التي تُشير إلى مشكلة تخثّر الدم، وفي هذه الحالة يجب متابعة ورعاية هذه السيدة وصولا إلى ولادة آمنة والمحافظة على سلامتها وسلامة جنينها.

بالإضافة إلى ذلك لدينا حوامل ممن خضعن لأكثر من عملية قيصرية ويجب التأكد من التئام الجروح السابقة لتفادي أية مضاعفات خلال الولادة، وأيضًا التأكد من أن المشيمة ليست منخفضة وليست ملتصقة بالجرح.

هل كل حالة حمل مع مخاطر تستوجب إجراء عملية قيصرية؟

يُفضّل دومًا ولادة طبيعية، ما عدا حالات استثنائية بسبب مرض ما والتي تستدعي عملية قيصرية، وذلك لأن الولادة الطبيعية أكثر أمانًا، علمًا أن بعض الحالات تمنع الولادة الطبيعية، مثل وضعية خاصة للجنين، أو حالات الحمل بتوائم التي تستوجب أحيانًا عملية قيصرية.

ما هي نسبة حالات الحمل مع مخاطر؟

10% حالات الولادات المبكّرة، ونحن نحاول التقليل منها.
السكّري: هناك ارتفاع بعدد المريضات وبالتالي ارتفاع حالات الحمل مع مخاطر (12-20%)
ضغط الدم: 5-10% حالات مرض.
تخثر الدم: موضوع جديد نسبيًا ولذلك يصعب تحديد النسبة بالضبط. 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]