إن الأغلبية الساحقة من مجتمعنا العربي الذي تسميه المؤسسة الإسرائيلية بـ"الوسط البدوي" قد قام بـ"تناسي" أو محو الذاكرة الوطنيه التي تخص كل العشائر العربية البدوية. والأصعب من هذا، أنهم لا يذكرونها ولا يجرؤون على نقاشها، لأنهم ما زالوا يخافون "النكبة"، وما زالوا يهابون ويتحاشون أي تاريخ يذكرهم ببطولاتهم، ويفضلون ترسيخ ولائهم للدولة على ترسيخ تاريخ نضالهم.

البدو جزء من النضال الفلسطيني

لقد شاركت العشائر العربية البدوية في ثورة ال 36 ضد الانكليز والعصابات الصهيونية، وكان لها دور فعال. ومن هذه العشائر عرب الصقر في بيسان حيث كانت 7 قرى ولها فصيل ثورة بقيادة حسين العلي الذي فجر خط النفط حيفا كركوك.

وعرب الخوالد وعرب الدلايكة وعرب الوهيب في طبرية، عرب الحجيرات وعرب السمنية وعرب المحمدات في عكا، وعرب القديرية والأمير خالد المعجل وعرب الغوارنة بقيادة كامل حسين اليوسف في صفد وغيرهم من العشائر.

فمن أولى إحياء ذكرى "استقلال إسرائيل" وذكرى "جنود إسرائيل" أم إحياء نكبة شعبنا الفلسطيني وذكرى شهدائنا؟ هل نسينا أن هناك آلاف من الشهداء من أبناء العشائر العربية البدوية؟ هل نسينا أقرباءنا وأولاد عمومتنا اللاجئين في مخيمات اللجوء الأردن وسوريا ولبنان، وأن هناك مخيمات كلها من أبناء العشائر العربية البدوية كمخيم الجاسمية والبداوي في لبنان وخان الشيح والمزيريب ودرعا في سورية؟ لماذا لا نقوم بإحياء ذكرى مجزرة عرب الصبيح، ومجزرة عرب المواسي، ومجزرة عرب السواعد، ومجزرة السويطات في قلعة جدين وباقي المجازر؟

تقوم بلدية كفرقاسم بإحياء ذكرى مجزرة أهلها سنويا، وينسى المجلس المحلي عرب الشبلي ذكرى مجزرة أهله وعشيرته التي هي أشد قسوة من مجزرة كفرقاسم حتى تناساها أهلها وأهملوها. وأيضا تناساها المؤرخون رغم فظاعتها.

شهادات وتهجير

هل يعرف أبناؤنا عن الشهيد علي نمر العقلة الصبيحي أحد شيوخ عرب الصبيح الذي انتصر على العصابات الصهيونية خلال عام 48 مرتين، وبعد سيطرة عصابات الـ"هاجاناه" على البلاد تم الانتقام منه بارتكاب مجزرة بحق عشيرته، وقتل أختيه عليا وغزالة مع أبنائهن، وتهجير 80% من عرب الصبيح إلى سوريا والأردن ولبنان؟

وكذلك الشهيد أحمد شهاب المواسي من عرب المواسي، وكيف تم قتل 16 شابا من المواسي، وتهجير الأغلبية إلى سوريا ولبنان، في حين توزعت الأقلية الباقية بين عيلبون والمغار وديرحنا وطمرة وبسمة طبعون واعبلين.

إن أول عملية فدائية تبنتها حركة فتح في بداية انطلاقتها 01/01/1965 كان أبطالها من أبناء العشيرة العربية البدوية عرب الدلايكة قضاء طبرية، عندما فجروا نفق عيلبون الذي يحول المياه إلى النقب، واستشهد أحد أفراد المجموعة.

ألا يحق لنا أن نعرف أبطالنا، ونقوم بنصب تذكاري لهم ويفتخر فيهم؟ لماذا لا نقوم بمسيرات إلى قرانا وعشائرنا المهجرة من أجل أن يعرف أبناؤنا تاريخنا وحضارتنا؟

القرى البدوية المهجرة قضاء الناصرة وبيسان عرب الصقر 7 قرى، عرب التركمان 7 قرى، عرب الصبيح وعرب الغزاوية وعرب البشاتوة وعرب الغزالين قضاء طبريا، عرب الوهيب 3 قرى، عرب الدلايكة، عرب المواسي 3 قرى، عرب الهيب، عرب الخرانبة، عرب الغريفات، عرب الخوالد سرجونة قضاء صفد، عرب الغوارنة 16 قرية وشيخهم كامل الحسين، عرب الحمدون عرب المريسات عرب السواعد عرب السياد عرب السمكية عرب القديرية وشيخهم خالد المعجل، عرب الشمالنة عرب النقيب عرب الهيب وادي الحنداج قضاء عكا وحيفا، عرب السويطات عرب المحمدات عرب الجنداوي عرب المريسات. وهنالك الكثير من القرى المهجرة التي سكنتها العشائر.

أهلنا في النقب تصادر أراضيهم، وتهدم بيوتهم، ولم نسمع استنكارا ودعما من العشائر في الشمال الى العشائر في الجنوب. جميع العشائر العربية البدوية اللاجئة في لبنان سوريا والأردن التحقوا بالمنظمات الفلسطينية، وقدمو آلاف الشهداء منذ ثورة 36 مرورا بالنكبة وأحداثها عام 48 وخلال سنوات ما بين الخمسينيات حتى الثمانينيات خلال الاجتياح الاسرائيلي لبيروت عام 82، ومنهم اللهيب الصبيح المواسي الدلايكة الوهيب الصقور السمنية السواعد الغريفات القديرية المحمدات، والشمالنة التي سميت بعشيرة الشهداء لكثرة ما قدمت من أبنائها .

بنفس الوقت لا يستطيع أحد أن يتهمنا بالخيانة والعمالة، ولا يستطيع أحد أن يشكك بوطنيتنا وعروبتنا. توجد فئة تخدم في الجيش لا ننكر هذا، لكنها تصل إلى 2% فقط، وهي نسبة قليلة، وبدأت تقل بسبب الصحوة والوعي القومي والديني والاجتماعي والسياسي.

ويوجد الكثير من غير البدو في أجهزة الشرطة والجيش، ومنهم رجال مخابرات من الصف الأول وسماسرة أراض، ومعروفون للجميع في باقي القرى والمدن العربية ولكن لا أحد يتكلم عنهم. التحاق العرب البدو بالجيش بعد النكبة حسب رأيي كان حثا من المخاتير بادعاء أنهم عرفوا بخيانة الدول العربية لفلسطين، وقاموا بخذلان الشعب الفلسطيني، وهم من باع فلسطين وتأمر عليها، وتأكدوا أن الدولة الجديدة قائمة لا محال. واعتقدوا أن الالتحاق بالجيش يفتح صفحة جديدة مع الدولة الوليدة، وقوم الدولة الجديدة بنسيان دور العشائر في المقاومة، ونسيان أن العشائر العربية البدوية قتلت وحاربت عصابات ا"لهاجاناه" و"الايتسل". وكانت "الهاجاناه" بعد عام 48 تقتل أبناء العشائر العربية البدوية على الهوية إذا كان من عشيرة مغضوب عليها مثل الصبيح والمواسي وغيرهم، لذلك قام البعض بتغيير اسم العشيرة إلى اسم آخر خوفا من الملاحقة والاضطهاد.

نحن شعب واحد ، قضية واحدة ومصير واحد.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]