النوم المتقطّع من شأنه أن يزيد من تفشّي مرض السّرطان في الجسم كما ويزيد بشكل ملحوظ من عدوانيّته داخل الجسم. كما ويتسبب في ضعف جهاز المناعة ليحدّ من قدرته على التّغلب على هذا المرض الخبيث، في المراحل الأولى للمرض على وجه الحدود.

هذا ما توصّل اليه الباحث والعالم الدكتور فهد بشاره حكيم – طبيب الأطفال، متخصّص في مجالي الرئة والنّوم في المركز الطّبي رمبام - الّذي ترأس بحثًا علميًا بمشاركه جامعة شيكاغو في الولايات المتّحدة وجامعات أخرى حين قضى سنتين في الولايات المتّحدة في مختبرات البروفيسور دافيد جوزال في جامعة شيكاغو. هذا البحث قد أثار ضجّة عالميّة فور انتشاره فيJornal of Cancer Research. وما زال يلقى رواجًا واهتمامًا صحافيًا عالميًا.

كيف اجري البحث؟

د. حكيم وشركاؤه في البحث من جميع أنحاء العالم (الولايات المتحدة، الصين، كوريا، اسبانيا ومصر) قد أجروا بحثًا على مجموعتين من الفئران: الأولى قد حظيت بفترات نوم طبيعيّة ومتواصله دون تشويشات خارجيّة، أمّا الثّانية فقد تعرضت إلى تشويشات خلال فترة النّوم ما جعل نومها متقطعًا وغير متواصل.

كما وقد تمّ حقن هاتين المجموعتين من الفئران بخلايا سرطانية من نوعين مختلفين ما أدّى إلى إصابة هذه الفئران بمرض السّرطان خلال 9-12 ايّام من عمليّة الحقن.

حين قام الباحثون بفحص مدى تفشّي مرض السّرطان في الفئران بعد اربعة اسابيع من البحث، قد وجدوا فرقًا شاسعًا بين المجموعين: فقد كان حجم الورم السّرطاني في الفئران الّتي تعرّضت إلى تشويشات خلال فترة نومها ضعف ما آل اليه الورم في الفئران الّتي نامت بشكل متواصل دون تشويشات.

كما توصّلوا إلى نتيجة إضافيّة حين قاموا بحقن الخلايا السّرطانيه في خلايا العضلات عندها اكتشفوا أن الورم لم يزدد فقط حجمًا وإنّما ايضًا تفشى وتغلغل أكثر في جسم الفئران الّتي تعرّضت لتشويشات خلال فترة النّوم.

في حديث للدّكتور فهد حكيم مع موقعنا صرّح أنه في الوضع الطّبيعي للمرض فإنه من غير المفروض لهذه الخلايا أن تتفشى خارج إطار الغشاء الّذي يحيط بها خلال فترة قصيرة. ولكن المفاجأه كانت عندما وجدنا أنّ الفئران الّتي تعرّضت إلى تشويشات اثناء عمليّة النّوم قد استطاعت الخلايا السرّطانيّة فيها خرق هذا الغشاء والانتشار اكثر في الجسم، ممّا يأكّد زيادة عدوانيّه المرض في حالة تقطيع النّوم.

تغييرات في جهاز المناعة

كما أعاز الباحثون عمليّة انتشار وتفشّي المرض السّرطاني إلى تغييرات في جهاز المناعة والّتي بحكم عملها الطّبيعي القيام بمساعدة الجسم في القضاء على الخلايا السّرطانيه بواسطة خلايا خاصّة تدعى الخلايا البلعميّة (MACROPHAGES) والتّي تقوم بدورها بمحاصرة المرض.
ولكن المثير للدّهشة أن في حاله التقطيع الّتي تعرض إليها الفئران في هذا البحث، تحوّلت هذه الخلايا البلعميّة من صديق إلى عدوّ، لتقوم بمساعدة الخلايا السّرطانيّة في الانتشار وزيادة تفشيه بالجسم بدلاً من القضاء عليه.

اهمية عملية النوم

وفي سؤالنا المباشر للدكتور فهد حكيم عن عواقب هذا البحث وتأثيره على الصحّة العامّة أردف وقال: ((يقضي الانسان ثلث من حياته وهو نائم، وهذا من شأنه أن يؤثر على حياته كلّها. لهذا علينا نفكّر مليًّا في أهميّة عمليّة النّوم في حياتنا، ولهذا يتوجّب على كل فرد منّا قضاء عدد ساعات كافٍ من النّوم المتواصل وغير المتقطّع خالٍ من أيّ تشويشات خارجيّة الّتي قد اجتاحت حياتنا العصريّة في الآونه الأخيرة.))
في هذه الأثناء يواصل الدّكتور فهد حكيم أبحاثه العلميّة في هذا المجال في مشفى رمبام ومعهد التّخنيون في حيفا بمشاركه بروفسور آسيا رولز وجامعة شيكاغو الأمريكيّة

دور العائلة

يعي جيّدًا ابن النّاصرة د. فهد حكيم أنّه لولا الدّعم المعنوي الّذي حظي به من العائلة، بالأخص زوجته الدّكتورة رانيه جمّاليّة-حكيم وأولاده بشارة وباسل. لما استطاع أن يجد الوقت الكافي للتفرّغ لمثل هذه الابحاث العلميّة الهّامة.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]