قصة صداقة نادرة الوجود تنامت بين ماجد جابر والذي خرج من السودان طالباً اللجوء، وبين "الي قدوش" الاسرائيلي، وذلك بعد ان تمكن "ماجد جبار" من انقاذ حياة "قدوش" واخراجه من الادمان واعادة الثقة لنفسه ولأهله بعدما وصل به الحال الى ما وصل من اليأس والادمان وعدم العثور على مكان يأويه.

ماجد انقذني من المخدرات

تعود حيثيات القصة الى نحو سنة ونصف والتي رافق فيها ماجد جابر "الي قدوش" متمكنًا من خلالها ان ينقذ حياته من المخدرات والتي كان قد ادمن عليها معظم حياته، حيث جمع القدر بين قدوش (59 عاما) الاب الاسرائيلي لاربعة ابناء والذي كان قد ادمن على المخدرات في محاولات فاشلة للخروج منه، وبين جابر (47 عاما) طالب لجوء من السودان والذي كان قد نشط سياسيا تحت الحكم الدكتاتوري هناك والذي ارغم بسببه الخروج من البلاد وطلب اللجوء الى البلاد.

يقص "الي قدوش" حكاية لقاءه مع صديقه السوداني قائلا:" التقيت بجابر في الطريق المؤدي الى الشاطئ في ايلات بعدما كان قد تمكن من اليأس وانعدام الامل، وعدم ايجاد مكان يأويني، حيث قام جابر بالتوجه الي حينها دون ان اعرف ماذا يريد مني، وعلى عكس توقعاتي عرض علي ان مكان عمل ومأوى، بل حتى ان ينقذني من الادمان على السموم".

واردف قائلا:" لقد رافقني جابر طيلة فترة الفطام وحتى بما يشملها من لحظات صعبة وقاسية كانت تحيط بي، منحني المسكن، ومنحني العمل في احدى الفنادق في ايلات والتي يعمل فيها شيف ومسؤول الطباخين، لا يمكنني ان اصف جابر الا بالمنقذ الذي انقذ حياتي".

لا حاجة للمقابل، وانا مطارد من قبل الحكومة لنشاطي السياسي

اما ماجد جابر فقد شدد على عدم وجود سبب او مقابل لمد يد العون للاخرين حيث قال:" لا ارى ان هناك حاجة لأن يكون هناك اسباب كي تحب الاخرين وتساعدهم، فقد مررت في فترات كنت اتمنى حينها ان ارى من يمد لي يد العون، ترعرعت في منطقة بجانب درفور والتي عانينا فيها من الدكتاتورية والبطش، الجميع كان يرغب بالهروب من هناك، ومن تمكن فلم يتردد على الاطلاق، واما من بقي عانى من الجيش الذي بطش وحرق وقتل دون رحمة".

واردف قائلا:" لقد قام الجيش بإعتقال اصحابي والذين تعرضوا لابشع انواع التعذيب ومن ثم قاموا بقتلهم والقاءهم كي يخيفونا، الا انني امنت وما زلت اؤمن ان لا ثمن لقول الحقيقة، وانه يجب علي ان اقولها مهما كان الثمن، الامر الذي ادى الى مطاردتي من قبل الحكومة وحينها توجب علي ان اترك البلاد حتى لا يكون مصيري كمصير اصدقائي".

في العالم العربي، العربي يهدد لمطالبته بالحرية

لم يتردد جابر وتوجه سيرا على الاقدام الى مصر طالبا اللجوء وعاش لعدة سنوات في العاصمة المصرية، والتي حصل من خلالها على لاجئ من الامم المتحدة، الا ان المصريين لم يرحبوا باللاجئين ولم يمنحوهم المعاملة الحسنة على حد قوله , حيث قال:" لم نكن نلقى معاملة حسنة من قبل المصريين، وخاصة انا بعدما تم تسجيلي كناشط سياسي من قبل السلطات والذين كانوا قد حصلوا على معلومات من الجيش في دارفور وقاموا بمطاردتي، وحينما قمنا بتنظيم مظاهرة ضد المعاملة التي نلقاها من المصريين، قامت الشرطة المصرية وقاموا باطلاق النيران علينا داخل الخيم مرعبين الأطفال، وحينها ايقنت انه لا مكان لي في العالم العربي، حيث يهدد الانسان فقط لمطالبته بالحرية".

وأيضًا إسرائيل ترغب بطرده

واليوم، وبعد سبع سنوات من وصول جابر الى البلاد وايجاده مكان عمل، ولربما "عائلة" وخاصة بعدما اعتبرته عائلة "قدوش" كأحد افراد عائلتها وخاصة بعدما اعاد اليهم اباهم واخراجه من دوامة الادمان، تلقى جابر رسالة من الحكومة الاسرائيلية والتي تطالبه بالحضور الى منشأة "حولوت" في النقب كي يتم ترحيله الى السودان حيث عقب جابر على هذا قائلا:" لا يوجد لي مكان اذهب اليه هناك، وانا اعرف جيدا ان رجوعي الى السودان يعني ان اموت تحت التعذيب، وافضل لي ان اموت بكرامة بدلا ان اموت تحت التعذيب والاضطهاد".

كما واستهجن "الي قدوش" امر استدعائه الى المنشأة مؤكدًا ان جابر منحه ما لم تمنحه له عائلته ولا حتى الحكومة، مؤكدا على انه في حال تم ترحيله فهذا سيكون دافع لعودته الى تعاطي السموم من جديد وخاصه وانه يعتبر جابر كالاب الروحي له، واضاف قائلا:" لا يمكنني ان اسمح بمثل هذا، فجابر انقذ حياتي ولم يقم بفعل اي شيء خاطئ حتى يتم ترحيله وارساله الى الموت من جديد بعدما تمكن من تأسيس حياته هنا، ببساطة لا يمكن السماح بهذا ويجب على الحكومة ان تعي مدى خطورة اعادته الى السودان، هذا يعني بكل بساطة ان تحكم عليه بالاعدام".

هذا وقد قام جابر بالتوجه الى الحكومة للاعتراض على هذا القرار والحصول على مواطنة، حيث افادت وزارة الداخلية والاسكان على ان الامر تحت الفحص والتدقيق.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]