من رحم المجتمع الذكوري تصنع المرأة الرائدة القياديّة، ولكن المطلوب الإيمان بقدراتها، الثقة والعزيمة، فتلاقي الدعم الكامل من المجتمع والبيئة المحيطة بها. هذا تلخيص للمقابلة التي أجراها مراسلنا مع سمر أبو يونس، فهي محامية مستقلّة، تبوأت مؤخرا رئيسة المعارضة في بلديّة سخنين، وهي أول امرأة تصل إلى عضويّة بلدية سخنين.

المحاميّة سمر أبو يونس هي أيضا أمّ لأربعة أولاد، إثنان منهم في مرحلة المراهقة، وطفلان في الروضة والبستان، ولكلّ جيل يحتاج إلى تعامل خاص معه داخل الأسرة. تقصّ علينا سمر أبو يونس حياتها اليوميّة فتقول أنها تستيقظ صباحا لتحضير أبنائها للمدرسة، تخرج إلى مكتبها، وعملها يبدأ من خلال المكتب أو في المحاكم في حيفا وعكا وغيرها، فتعود إلى البيت وحياتها الإجتماعيّة، إلا أنها مؤخرا انضمّت إلى العمل البلدي وخاضت المعترك السياسي من أوسع أبوابه في بلدية سخنين ووصلت إلى عضويّة البلديّة ليضاف إليها قصص نجاح أخرى.

تقول سمر: "هناك من ينظر الى المعارضة بأن لا عمل لها، اليوم في المعارضة لنا ثقلنا ووزنا وعملنا، شهدنا مؤخرا فترة فعالة ونقوم بالكثير من الاعمال، فمنعنا التجاوزات القانونية في العمل البلدي ولذلك عمل المعارضة لم يكن قليلا، اصدرنا بيانات، قمنا بتوقيف عمل موظفين غير قانوني، ولا زلنا مستمرون في عملنا خدمة لأهل سخنين، وخلال هذه الفترة القصيرة قدمنا ما هو أفضل خدمة لأهل سخنين واستطعنا أن نثبت أنفسنا كمعارضة".

في عضوية البلديّة تحديان..

تحدّثنا سمر عن فكرة ترشّحها لقائمة عضويّة الجبهة في سخنين، فتقول أنّه عندما طرحت فرة الترشح أدركت أن بمجرد موافقتها يعني أن هنالك تحديات كبيرة، التحدّيان الأكبرين هو أن ليس من السهل أن تكون المرأة في هذا المكان وفي المعترك السياسي، والتحدي الأهم هو تقديم إثبات على أنّ للمرأة دور عظيم في العمل السياسي من أجل إقناع الآخر أن المرأة تستطيع أن تؤدي واجبها وتتقنه من خلال موقعها وعملها في العمل البلدي والسياسي، والفترة القصيرة تقول فقط أننا نجحنا وأبدعنا.

وأضافت: "أنا موجودة بين رجال في البلدية، لا اشعر بغرابة كوني محامية، فقد عرفت هذه الوظيفة سابقا على أنها رجولية، ولكن اليوم بدأت تتدفق لها النساء من محاميات وقاضيات وكاتبات وفرضت نفسها بالمحاكم، والعمل البلدي قريب جدا للمحاماة، ففي المحكمة يوجد زبون أدافع عنه، وفي البلدي زبوني هم الذين منحوني الثقة لأقدّم لهم عملا مخلصا وتقديرا لدعمهم لي".

وردّا على سؤال مراسلنا حول التخوف الذي رافق مشروع ترشيح النساء للسلطات المحلية العربيّة وهو الفساد داخل العمل البلدي، أكّدت أبو يونس أنّه قد يكون هناك نوع من المبالغة وقد يكون صحيح، فالمرأة بطبعها لديها الطيبة، الرقة والانوثة، وهذا هو تكوين المرأة، لذلك قد يكون وجودها في موقع فيها الكثير من الفساد يجعلها تبعد، ولكن دعونا نطرح فكرة أخرى، فلنفرض أنفسنا نحن النساء داخل العمل البلدي منعا للفساد ولجمه، فلدينا طرقنا وأساليبنا لمنع الفساد، مضيفة: "اذا نحن بديل ومكمّل لاننا نتعامل بمصداقية بعيدا عن المصالح الشخصية عن غيرنا من رجال، المرأة طرحها هادئ متزن منطقي وينسجم مع المصلحة العامة".

سرّ النجاح: كل دقيقة من الوقت مهمّة

وحول سرّ نجاحها بالتوفيق بين عملها في المحاماة، المعارضة، العمل السياسي وحياتها الاجتماعية والأسريّة، قالت أنّ ذلك يتعلق بكل شخص وآخر، كلمة السر بالنجاح هو سلّم أفضليات، في الساعة توجد 60 دقيقة وكل دقيقة مهمة، قد يكون هنالك تنازل عن اجتماعيات معينة ولكن التنظيم في الوقت هو سر النجاح، مضيفاة: " رغم كلّ ذلك فأنا لم أقصر مع عائلتي، أستيقظ مبكرا أجهز أبنائي للسفر الى المدرسة، اخرج الى العمل والمحكمة، نوادر ما نشتري الأكل الجاهز، فأنا يوميا أعدّ وجبة الغداء للبيت.. لم أقصّر بحق بيتي، ولكن مع الوقت الأمور الثانوية والاضافية نضعها جانبا، لدينا العمل السياسي والبلدي والعمل المهني والبيت والعائلة وكل هذا مطلوب بأن نؤدّي الواجب بإخلاص، ببساطة استطيع ترتيب وقتي وسلم الأفضليات".

إبنتي أخبرتني أنها فقدت النظر.. حجّة كي أترك العمل السياسي وأعود للبيت!!!

وإلى جانب ذلك، فإنّ ساعة معيّنة احتاجت العائلة سمر أبو يونس للبيت ولم يجدوها، فعلّقت على سؤال مراسلنا قائلة: "في إحدى المرّات قمنا خلال وفد الجبهة بمعايدة المحتفلين بعيد الميلاد المجيد، نسيت هاتفي داخل السيارة، عدّت فرأيت أنّ إبني أرسل لي رسالة نصيّة على غير عادته، اتصل مرارا وتكرارا، فاكتشفت أنّ كان عليّ الرد عليه فورا - ولا أحب أن أدخل في تفاصيلها، قصة أخرى أقولها أن بناتي الصغار تعوّدن أن أقرأ لهنّ القصص قبل اليوم، وتعوّدن أن أبقى معهنّ كل ساعات المساء، لكن عندما دخلت المعترك السياسي أصبح وقتي مليئا في ساعات بعد الظهر والمساء، من اجتماعات وزيارات بيتية وحلقات نسائية وغيرها من النشاطات الانتخابية، يومها أصبحت الحجج من ابنتي الصغيرة تنهار علي من وجع في البطن، من فقدان للرؤية من صراخ وبكاء.. كلّها حجج من أجل عودتي للبيت وقراءة القصّة لهنّ، أذكر كيف كانت تمسك برجلي لكي تمنعني من الخروج فقد تعودت علي ان اكون معها كل الوقت، وفجأة أنا منشغلة بالعمل الانتخابي، الآن تستطيع ان تستوعب اذا ما كان اجتماع في ساعات المساء فهي تتفهم أن عليها الانتظار حتى العودة الى البيت".

وفي النهاية وجّهت سمر أبو يونس رسالة للنساء فقالت: "للمرأة دور كبير في المجتمع، فهي تتحمل حمل كبير، الرجل يخرج من البيت فتتحمل المرأة عنه تربية الاولاد والطبخ وغيرها، والمرأة تستطيع انم تحرم نفسها لتقدّم الكثير لزوجها، ولكن النساء لديهنّ القدرة والتضحية أكثر، فإلي جانب ما يقوم به الرجل تستطيع المرأة اتقانه، من تعليم وعمل وتربية عائلة والحفاظ على أداء الواجبات البيتية والاجتماعية وغيرها، ومن هنا أقول ان المرأة تقع عليها المسؤولية الكبيرة من أجل أن تنجح في المجتمع، المسؤولية على المراة من أجل تقدمها بالمجتمع، لا تنتظر اي مساعدة من أحد، ومن ثمّ الدعم المطلوب سيأتي، لدينا إمكانيات وطاقات علينا أن نؤمن بها".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]