تتناقص معطيات الكلام, وتتثاقل الأعين ببراءة طفولة أتعبها المرض والوجع, فتخطف نظرة مفعمة بسؤال كبير أرسلتها هالة الآلام المحيطة بالطفل الذي رأيت, سؤالٌ أكبر مني ومنه ومنك ومن منظومة مجالس الأمن وقرارات الأمم المتحدة والاحتلال ومن والاه, وثورات الشعوب ومن قادها... مفاده كلمتين: هل سأموت؟؟

قبل ثلاثة أعوام كتبت مقالاً حمل عنوان " إبراهيم لا أريد أن أموت" لخصت فيها قصة طفل بترت أطرافه بفعل آلة القتل الإسرائيلية، واليوم أكتب عن الطفل الرضيع "أحمد أبو نحل" الذي يعاني أمراضاً في القلب والكبد وينتظر فتحاً لمعبر رفح ليتمكن من السفر والعلاج في الخارج، تذكرت الطفل إبراهيم ظاظا الذي استشهد بعد عدة أيام من إصابته بقذيفة صهيونية وقلت في نفسي " تعددت الأسباب والموت واحد" فهل سيموت أحمد وهو ينتظر قراراً مصرياً بفتح المعبر؟

تركت العنان لدموعي لتعبر عن بعضٍ مما جال في خاطري، أنظر إلي الطفل الرضيع وكأنه عائد من تاريخ غابر غابت فيه مشاعر الإنسانية التي صُمت أذانها عن أنين مئات من المرضى في غزة المحاصرة ماتوا بسبب الحصار وآلاف قتلوا بسبب العدوان ولا زالت غزة تعاني منذ ثمانية أعوام حصاراً ظالماً.

عذراً حبيبي أحمد فلا أملك سوى لساني والقلم، لأخبر الأحرار عنك، وعن (الحاجة/ نايفة شاهين) التي ماتت وهي تنتظر فتح المعبر.. عذراً حبيبي فما عدنا نرى من الإنسانية والعروبة إلا الخبر، وبعض من قصص سلفنا عن الشهامة والكرم.

أحمد أبو نحل.. عذراً والعذر أقبح من الذنب, ليتني رقعة شفاء, جرعة دواء, رياح أمل, ولكن كما أني أحببتك, أعلم أن آلافاً من القراء سيحبونك، وأعلم أن الأمة لو فيها نخوة وبقية من كرامة ستتحرك لتنقذك من المرض.

أنتظر وإياكم ما سيخبرنا به الزمن, هل سينجو أحمد أم سيموت؟ وكيف سيعيش؟ وماذا سيخبر التاريخ عنا يا ترى؟ وهل سيفتح معبر رفح ويرفع الحصار؟؟ أحمد .. سلامُ عليك يوم ولدت .. ويوم تموت .. ويوم تبعث حيا.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]