ها هي انتخابات الناصرة باتت خلفنا، ولكن هناك العديد من الدروس التي يجب أن نستفيد منها بخصوص ما حدث في الناصرة في موضوع الانتخابات أو نتائجها. هناك أخطاء جسام وقعت بها الجبهة أدت بها إلى هذه الخسارة والنقمة.

كما أن هناك أخطاء للطرف الآخر ظهرت من الطرف الآخر، ويجب بعد المباركة لعلي سلام أن لا نظن أن الأخير هو المنقذ، ويجب أن نخفّض من حجم طموحاتنا وسقف أمنياتنا مع تمنياتنا أن يكون الاخ علي سلام على قدر المسؤولية ويمتاز بإدارة البلدية، ولكن بالمقابل يبدو أكثر وضوحاً أن الجبهة قد خسرت بشكل كبير مما حدث، وهذه خسارة لها أسبابها، وسأحاول من خلال هذه النقاط رصد بعض الدروس المستفادة مما كان في الناصرة:

1- خطاب تقسيم الناس لمعسكرين، معسكر خير ومعسكر شر، ومن ضدنا فهو بالقطع سيء ومبغض، هذا الخطاب الذي قامت به الجبهة هو خطاب مسيء للجميع، ويجلب لصاحبه الكره والبغض..فيجب على الجميع الحذر منه!

2- الخطاب الاستعلائي والذي يرى أني أنا الأفضل وأنا المتحضّر وأنا المتقدم والآخر هو نقيض ذلك، هذا خطاب يجر على صاحبه ويلة الكبر التي توديه في الهاوية وتبعد الناس عنه.

3- خطاب التخوين، فمن ليس معنا فهو خائن متعاون يوارب السلطة وجندي لها، هو خطاب مقيت؛ لأنك تحاول التشكيك بوطنية الناس، وهذا أغلى ما يملكه شعبنا، هذا لا يعني عدم مواجهة كل خيانة لشعبنا، ولكن خطاب "أنا الوطني وغيري هو الخائن، أو أنا أبو الوطنية" فهو خطاب تخويني لكل شخص ولا يقبله عاقل، وبهذه الطريقة تخسر جموع شعبك التي هي بأكثريتها لا تنتمي لتيارك، وهذا نراه من خلال موقف الناس الرافض في مختلف القرى بشأن ما تم في الناصرة من خطاب تخويني.

4- خطاب التآمر: "هناك مؤامرة كبرى، أو مؤامرة يجتمع فيها الضدين على إسقاطنا ويتفقان سراً، مع أن ظاهرهم أنهم ألد الخصام".

هذا خطاب سطحي يسعى لإلقاء المسؤولية على الآخر وتصوير الاخرين كمتواطئين كاذبين ومتلونين شغلهم الشاغل وبكل ثمن إفشال الحزب الفلاني صاحب الإنجازات ولا يهمهم مصلحة أو مبدأ أو واقع مركّب، ولا أقصد هنا أنه لا توجد مصالح ممكن أن تتقاطع بين فئات مختلفة تظهرهم كما وأنهم متفقون بل هذا ممكن، ولكن السياسة تسير وفق العقلانية والمنطق وليس العواطف وهم كذلك كل اللاعبون السياسيون. تعليل الخسارة بالتآمر، وأن "كل ما يحدث مؤامرات واتفاقات بين ضدين تحاك من أطراف كونية، ولذلك سقطنا" !!

وهو خطاب التهرب من مسؤولية الفشل وأسبابه الحقيقية. خطاب المؤامرة يجب أن يتوقف عند الجميع ولنعلم أن السياسة تسير وفق المصالح المتقاطعة، ووفق المبادئ والثوابت، كما ينبغي التشديد على أن المبادئ والثوابت يجب تغليبها على أي مصلحة إذا ما عارضتها.

5- الناس تحب التغيير، حب التغيير مجبول في الناس لكون الانسان دائماً ما يسعى للأفضل- حتى لو كان بوضعٍ جيد- وهذا يحتّم على القيادات دائماً تجديد الدماء وتطوير الخطاب.

6- حب الناس؛ الشعور بالاهتمام بالناس، والسهر على مشاكلهم، أو على الأقل الاستماع لهم ومحاولة الاستجابة لمطالبهم يولّد نوعاً من الثقة والشعور أن هناك طرفاً يشعر بمعاناتي. هذا الخطاب يريح نفسية الكثير من الناس، ويشعرهم بالاطمئنان.

7- خدمة الناس؛ اخدم الناس وتفانى من أجلهم واسهر وكد واتعب من أجلهم وتواضع لهم تكسب قلوبهم.

8- تغيير القيادة، يجب أن نتعلم أن القيادة التي تستمر في منصبها عشرات السنوات يجب أن تغيّر وأن يكون هناك دم جديد وفق رؤية جديدة شابة واعية ومسؤولة، وهذا يجب أن يكون في جميع التيارات.

9- البلطجة سيئة مهما كانت ويجب أن لا تكون من أي طرف، وخطاب البلطجة يجب أن يلفظه الجميع، لأنه يقودنا للهاوية وإلى صراعات لن تتوقف.

10- الطائفية لعبة يجب أن نعي خطورتها وأن لا نستغل الطائفية حيثما ووقتما شئنا ونرفضها متى أضرت بنا، يجب أن نحرص على رفض الطائفية مع الحفاظ والالتزام بثوابتنا الدينية والإصرار على ثوابتنا الوطنية الواحدة.

في النهاية أرى أن ما حدث في الناصرة هو درس للجميع؛ من حركات وأحزاب وقيادات وأشخاص عاديين، يجب الاستفادة منه والتعلم. ونسأل الله أن يوفق بلداننا وناصرتنا للخير.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]