• كيف كانت زيارتك لمصر؟

- مصر بالنسبة لى شىء كبير، ومهما غبت عنها فهى دائما بالقلب، ولا مرة غابت عنى، هى فى وجدانى ساكنة، لذلك عندما جاءت فرصة زيارتها لم اتردد لحظة، بالعكس حملت شنطة سفرى وجئت.
وبالمناسبة فى اى حضور لى لمصر لا اشعر ابدا اننى تركت وطنى، بالعكس انا شعر فيها بدفء خاص.

• الشأن العربى دائما يشغل مساحة كبيرة من تفكيرك؟
- اكيد انا ابنة هذا الوطن العربى، واى شىء يحدث فيه أتأثر به سواء بالحزن اذا كان الامر مأساويا، او بالفرح اذا كان الامر مفرحا، ووطننا يمر بظروف سياسية صعبه جدا منذ ثلاث سنوات تقريبا، ولذلك انا مهمومه بقضاياه، والكل يرى ما يحدث فى سوريا وليبيا ولبنان وفلسطين والعراق ومصر والباقى واقف فى الانتظار.

• بماذا تقصدين الباقى فى الانتظار؟
- اقصد ان الخطر قريب من كل البلاد العربية، لا احد يتصور انه بعيد عن المخاطر.

• الخوف على مصر الذى ألمحه فى كلامك مصدره التجربة اللبنانية؟
- مصر بداخلنا مثلما هى فى قلوب المصريين هكذا اشعر وهكذا يقول لى احساسى، وبالتالى انا دائما قلقة عليها، كما انا قلقة على لبنان.

• فى مؤتمرك الصحفى بالاسكندرية قلت ان مصر لن تركع؟
- طبعا لاننى اعرف شعبها جيدا، هذا الشعب الذى يعى قيمة وطنه جيدا لا يقبل ابدا ان تحركه اى قوى او يحكمه باحثون عن مصالح، مصر ابية بشعبها، لهذا عندما قلت ان مصر لن تركع انا اعى معنى الكلمة ومدلولها، ارادة الشعوب فوق كل اعتبار، لا يهزمها احد مهما كانت قوته، وعلى الدول المتآمرة ان تعى هذا، الشعوب العربية لن يرهبها احد، والمؤامرات التى تنسج لنا لا يمكن ان نقبلها، نحن صرنا شعوبا واعية.

• البكاء على قبر يوسف شاهين كان له اسباب لديك؟
- انا احبه كثيرا اكيد وجئت لأعتذر له واقول له سامحنى لاننى لم استطع ان البى نداءاته لكى اعمل معه فى كثير من اعماله التى عرضها على.

• ما سر اعتذارك؟
- الاعتذار كان له سبب واحد وهو انشغالى بهموم وطنى لبنان، فأنا بعد فيلم «عودة الابن الضال» لم يكن لى ان اترك وطنى فى ظل الحرب اللبنانية، كان من الصعب ان ارى قتلى هنا وهناك ورءوس تتطاير، وانا فى النهاية انسانة لا يمكن ان اترك جيرانى واهلى واقف امام الكاميرا، انا لبنانية ابا عن جد، لبنان كان يطعن من القريب والبعيد. هذا بالنسبة لى لم يكن مقبولا بالمرة. لذلك جئت اعتذر له ولولا وجود الناس حولى لصرخت: انا احب هذا الشخص وله مكان كبيرة لا يعلمها الا الله.

•هذا يعنى ان الحرب اللبنانية اعاقت الكثير من احلامك؟
- اكيد ولا اتمنى ان تعود تلك الأيام، فالإخوة كانوا يقتلون بعضهم البعض فهل هناك اكثر من هذا شىء يشعرك بالألم. لا اتصور ان اى انسان يمكنه ان يتعايش مع تلك الاشياء. هذه امور الله لا يعيدها علينا، لذلك اتمنى من كل قلبى لوطننا العربى ان ينبذ العنف مهما كانت التضحيات. الحرب بشعة لا اتمناها للعدو.

• هل وجودك بمصر كل هذه الفترة بعد حفل الاسكندرية له علاقه بمشاريع فنية جديدة؟
- طبعا عقدت جلسات عمل مع بعض الملحنين واتمنى ان اجد من الاعمال ما يشبع رغبتى. لكننى لن اعلن عنها الآن

• لكن الكل يرى قلة اعمالك الجديدة؟

- الفن بالنسبة لى هو اختيار الافضل، وانا اتعب كثيرا حتى اجد الاغنية التى تعبر عنى، كما اننى افتش فى كل الاماكن عن عمل يعبر عنى وعن الاصالة وفى نفس الوقت يصل للشباب، فأنا يهمنى كفنانة ان اكون بين كل الناس. فالأغانى لا تجدها بسهولة ملقاة على الطاولة، واى انسان ممكن يعمل البوم كل اربعة شهور وليس كل عام، ولكن الاهم كما قلت ان تجد الشىء الذى يجد قبولا من كل الناس. انا مهمتى تحرير الروح من قفص الجسد. ادخل اعماق الناس.

• البعض يرى انك مطربة الصفوة؟
- انا لا اقبل هذا الوصف انا اقدم فنى للجميع، واذا كانت هذه الصفة قد تسعد البعض، لكنها بالنسبة لى امر لا يسعدنى بل قد اتصوره كلام يجرح اكثر منه اى شىء آخر. انا ملك كل الناس اغنى لكل البشر، لكل الطبقات وربما ابعاد صوتى العالمية اعطت هذا الانطباع.

• ربما البعض شعر بهذا لاهتمامك بالقصيدة اكثر؟
- القصيدة لغة وصلت بها لكل الناس، وعلى من يقول هذا ان يعود لحفلاتى التى يحضرها الآلاف من الناس يغنون معى وآخرهم حفل الاسكندرية فالمسرح اشتعل عندما غنيت بيروت ست الدنيا وكلمات وسيدى الرئيس، ولا احد يستطيع ان ينفى عن الناس صفة استيعاب القصيدة، او ان المثقفين فقط هم الذين يفهمونها. والحمد الله الشعب العربى كله يغنى معى وهذه هبة من الله عز وجل.

• ألبومك الاخير «غزل» «تضمن قصيدة» «وعدتك» وهى من القصائد التى كان كاظم الساهر يستعد لغنائها؟
- هذا صحيح، بالصدفة كان كاظم يتحدث معى من اجل تهنئتى بالعيد، وتطرقنا إلى قصائد نزار وقلت له اننى اخترت له «وعدتك»، فضحك كثيرا فقلت له لماذا تضحك فكان رده: لقد انتهيت من تلحينها لكى اغنيها فى البومى القادم، وبدون مقدمات قال لى الله يوفقك فيها، وهنا طلبت منه اسمع لحنها ووجدته يهدينى اياها وهذه صفة الكبار، لا يبخلون على احد بإبداعهم.

• لكن بعض الابيات تم تغييرها؟

- لا نستطيع ان نقول ذلك، كل ما فى الامر اننى اطلعت كاظم على الابيات التى اخترتها والتى تناسب المرأة، وهذه مناسبة لكى اشكر هذا الفنان الرائع كاظم الساهر على ما قدمه لى وما يقدمه للفن بصفة عامة، فهو جدير بالاحترام، وهو يجاهد مثلنا من اجل ان يصنع فنا راقيا يليق بكل العرب.

• 8 اغانٍ من كلماتك فى البوم «غزل» هل هذا معناه انك لم تجدى الكلمات التى تعبر عن بعض ما يدور فى ذهنك من افكار؟

- لا استطيع ان اجزم بهذا، ولكننى هكذا شعرت وقتها فقررت ان اقدم ما شعرت به، وهذه التجربة ربما لا تتكرر مستقبلا لاننى لم اكن قد خططت لها، والآن وانت تجلس معى لدى العديد من الاشعار لنزار قبانى اصطحبتها معى، كما اننى حصلت اثناء زيارتى على اشعار لصالح جودت. انا عندما افكر فى الالبوم امنح لعقلى كل صلاحيات الاختيار. لا يفرق معى كثيرا من هو المؤلف بقدر ما يفرق معى كثيرا ماذا تعبر الكلمات التى وضعها الشاعر. هل تدور فى الاطار الذى اريد ان احمله للناس، الفن رسالة كما يعلم الجميع وعلينا كفنانين ان نختار مضمون تلك الرسالة بما يتناسب مع عقلية الانسان العربى الذى يستحق منا كل الاجتهاد.

• الفن اللبنانى مر بظروف صعبة وصفها البعض بالانهيار؟
- هذا صحيح لكن هناك اصواتا جيدة بعضها معروف للناس وبعضها لم يظهر بعد، لكننا نستمع اليه فى المناسبات الاجتماعية، وهذه الاصوات من شأنها ان تعيد للبنان حالة الاتزان التى نريدها جميعا. واتصور ان هذا الامر حدث فى بلاد اخرى كثيرة.

• هل تتابعين الساحة الغنائية المصرية؟
- اكيد.

• ما الصوت الذى جذبك؟
- احب صوت شيرين جدا، فهى تمتلك خامة خاصة جدا، تؤثر فيمن يسمعها وهى شديدة الجاذبيه، وهناك ايضا انغام وآمال ماهر مطربة كبيرة. مصر تمتلك قاعدة كبيرة من الاصوات طوال تاريخها. وهناك من النجوم ايضا على الحجار ومحمد منير كل هذه الاسماء لها تأثير فى الاغنية العربية.

• ما الذى نحتاجه لمستقبل الاغنية العربية؟
- اول شىء الامان لأن الفن مرتبط بهذا الامر. فالخلق والعطاء مرتبط بحالة الدفء التى يشعر بها الانسان، والاضطراب الذى تعانى منه بعض البلاد العربية لا يخلق ابداعا، اما العناصر الاخرى فهى موجودة بالفعل مثل الاصوات والملحنين والشعراء، وطننا العربى يمتلك عددا هائلا من المبدعين.

• لديك ابنتان لماذا ابتعدتا عن الغناء؟
- ابنتى الصغرى صوتها جميل لكننى اخشى عليها من ارهاق الفن، لذلك لم اشجعها على المضى قدما فى هذا الامر.

• قلت انك لن تبتعدى عن مصر مرة اخرى لفترات طويلة، وانت بالاسكندرية هل انت قادرة على الوفاء بهذا الوعد؟
- ابتعادى عن مصر لم يكن بإرادتى، وبالمناسبة انا لم اغن فى مصر من سنوات طويلة لكننى قمت بزيارات خاصة منذ 6 سنوات.

• بمناسبة مصر قلت ان لك جذورا مصرية؟
- نعم امى مصرية، وفى زيارة قادمة سوف اسافر إلى بورسعيد حتى اعثر على بيت جدى. وهو امر يشغل الكثير من تفكيرى. وامى كانت تحدثنى كثيرا عن بلدها وعن جدتى وبيت جدى هناك.

• لكن والدك رغم دراسته بمصر تركها عقب تخرجه فى معهد الموسيقى العربية؟
- تركها لأنه كلف من قبل الحكومة اللبنانية بإنشاء الاذاعة اللبنانية، وهو امر وطنى لم يكن يستطيع ان يرفضه مهما حدث. لكنه اصطحب معه اغلى شىء من مصر وهى امى.

 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]