بدأت سلطات الاحتلال الإسرائيلي وبصورة مكشوفة مؤخرًا بتنفيذ مخطط كبير تحت مسمى "قرى طلابية يهودية" في العديد من أحياء المدن الفلسطينية في الداخل المحتل.

وتكمن خطورة هذا المخطط الذي وضعت نواته قبل عدة سنوات ويجري تنفيذه حاليًا في أن كل قرية من المشروع ستقام مكان حي فلسطيني بعد تهويده وإخراج سكانه من منازلهم.

وضمن المخطط سيتم استجلاب عشرات الألاف من الطلاب اليهود المتطرفين، وقد توافد المئات منهم فعليًا إلى المدن المستهدفة وهي عكا واللد والرملة ويافا.

15 ألف يهودي

ويقول إسماعيل أبو مرسة ممثل الحركة الإسلامية في مدينة اللد التي تعتبر أبرز المدن المستهدفة للمخطط إن فرع المخطط في اللد كبير جدًا وبدأ تسويقه بالفعل منذ فترة في المدينة حيث يهدف لاستجلاب 15 ألف نسمة من اليهود للسكن فيما تبقى من أحياء فلسطينية.

وفي هذا الإطار أصدرت بلدية الاحتلال في المدينة الأسبوع الماضي قرارًا بإخلاء منازل عائلة أل حامد الفلسطينية المقدر عدد أفرادها 65 نسمة وهدم هذه المنازل فورًا، في خطوة تأتي بسياق التنفيذ العملي للمخطط.

وكما يقول أبو مرسة لوكالة "صفا" إن هذه العائلة المعروفة والتي تسكن منازلها منذ الخمسينيات وجميع أفرادها كبار في السن وعجزة ومقعدين رفضت قبل ذلك عروض بإغراءات مالية للخروج من منازلها بالرغم من أنها تعاني من ضائقة مالية وظروف معيشية صعبة.

ونظرًا لهذا الرفض الفلسطيني تم إصدار قرار الإخلاء والهدم عنوة وبدون أي تعويضات، ولم تكتفي بلدية الاحتلال بذلك بل فرضت على أهالي المنازل التكفل بتكاليف عملية الهدم.

وسيتم بعد عملية الهدم استجلاب مجموعات شبابية يهودية للعيش مكان هذا الحي الفلسطيني وفي المقابل أحياء أخرى في اللد، حيث سيتم إسكانهم في "كرفانات" أو منازل مصادرة مبدئيًا لتثبيت وجودهم على الأرض.

ويؤكد أبو مرسة أن الشريحة التي سيتم استجلابها للمدينة من اليهود المتطرفين من فئة الشباب الطلاب والأغنياء، لافتًا إلى أن هذا المخطط يهدف لإعادة اللد إلى سابق عهدها من حيث الكثافة السكانية لليهود وتغيير وضعها الديمغرافي.

ويبلغ عدد الفلسطينيين حوالي 35% من مجمل سكان اللد، وهي نسبة وإن كانت منخفضة إلا أنها تشكل مخاوف كبيرة لدى "اسرائيل"، حيث قال رئيس بلدية الاحتلال في تصريحات سابقة "أخشى بعد 10 سنوات أن يكون رئيس البلدية فلسطيني".

وضمن المخطط تم مؤخرًا بناء 3 وحدات سكنية أيضًا تمهيدًا لاستقبال الطلاب اليهود ضمن الـ15 ألف نسمة، إضافة إلى مشاريع اقتصادية وتحفيزية صادقت عليها الحكومة الإسرائيلية مؤخرًا لإغراء هؤلاء بسرعة الانتقال للمكان.

وكما يقول أبو مرسة "هذه الفئة المتطرفة هي من تحكم مدينة اللد حاليًا لأن معظمهم تبوئوا مناصب عديدة فيها سواء في الجمعيات أو المؤسسات أو البلدية، ولذلك فإن كافة الخطط الموضوعة في المدينة هي لخدمة المتطرفين اليهود بالتحديد".

ويشدد على أن عملية البيع والشراء لمباني الأحياء المستهدفة للمخطط تمت عبر مناقصة أجريت مؤخرًا بين العديد من الجمعيات اليهودية، وقريبًا سيتم البدء بالبناء على الأرض.

حي بأكمله

وفي مدينة عكا فإن المخطط بدأ ومنذ فترة حيّز التنفيذ وبالتحديد في حي "المعاليق" بالبلدة القديمة للمدينة، حيث قامت جمعية "أياليم" بإسكان يهود في 5 مباني فلسطينية بالمدينة بعد إخراج سكانها الأصليين منها.

ويؤكد مدير جمعية "الياطر" الفلسطينية للتنمية والثقافة في المدينة سامي هواري أن القرية الطلابية اليهودية نواتها قائمة منذ فترة على الرغم من أنها مخطط كبير سيؤدي في مراحله الأخيرة إلى تهويد المدينة ومحو الآثار والطابع العربي عنها بشكل كامل.

ويقول: " إن المرحلة الأولى من المخطط تستهدف 20% من مساحة عكا القديمة، موضحًا أنه تم ترميم العديد من المنازل التاريخية وأخرى عانى سكانها من حظر ومنع ترميمها من قبل بلدية الاحتلال".

ويلفت هوارة إلى عملية الإغراءات المالية التي تصاعدت وتيرتها في الأونة الأخيرة بهدف إخراج من تبقى من السكان الفلسطينيين في هذه الأحياء خاصة تلك المطلة على البحر لكونها تتمتع بموقع استراتيجي مهم.

مدينة أغنياء
أما في مدينة يافا فإن التهويد يتعدى بكثير مخطط "القرية الطلابية" سواء من حيث الهدف أو عدد هذه المخططات، وفق إمام المدينة سليمان السطل.

ويقول : إن خطرًا كبيرًا تشهده يافا بسبب وجود شريحة الطلاب المتطرفين الذين تتعمد "اسرائيل" ضمهم في كل مخطط تهويدي في المدينة لأهداف عنصرية بحتة تستهدف التضييق على الفلسطينيين عبر هؤلاء المتطرفين.

ويضيف "الأخطر عن هؤلاء الطلاب الذين يتوافدون للمدينة بشكل مستمر هم شريحة الأغنياء الذين تأتي بهم اسرائيل بشكل متعمد ومدروس له من أجل الاستيلاء على المباني الفلسطينية في المدينة.

ويشير إلى أن مدينة يافا محاطة بمدن اسرائيلية من كل الجهات، ولذا فإن لها أهمية لدى الحكومة الإسرائيلية التي حوّلتها إلى مدينة للأغنياء اليهود فقط، مؤكدًا أن كل من يزور المدينة يتضح له هذا الأمر بشكل جلي من خلال طبيعة المباني فيها.

ولا توفر بلدية  الرملة في مدينة الرملة أي فرصة للاستيلاء على المزيد من المنازل الفلسطينية تمهيدًا لإسكانها باليهود، حيث أصدرت قبل يومين موجة من قرارات الإخلاء والهدم لمنازل عائلات فلسطينية.

ويقول العضو العربي في بلدية الرملة عامر أبو غانم إن الاحتلال يتذرع في إصدار هذه الأوامر بأن أصحاب المنازل قاموا ببناء جدار خارج مخطط منزله ببضعة سنتميترات، وهو ما حدث في قرار هدم منزل عائلة شحادة.

ويشير إلى أن عملية استجلاب الشبان اليهود إلى المدينة عمليًا موجودة، وأن بلدية الاحتلال تلاحق الفلسطينيين لطردهم من منازلهم عبر المحاكم أو التهديد أو الإبعاد من المدينة.

ويشدد على أن سياسة التفريغ للمنازل من الفلسطينيين ومن ثم التمهيد لإسكانها باليهود أصبحت منهجًا يهدد بقاء أهل الرملة، مؤكدًا أن "اسرائيل" تحاول بكل السبل استباق الزمن للاستيلاء على هذه المساكن. 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]