الذكرى السنوية الـ38 ليوم الأرض الخالد، الذي يصادف اليوم الأحد، والذي وقع في 30.3.1976، هي ليست عادية بالنسبة للكثير من أبناء المجتمع العربي في البلاد، خصوصا الذي عاصروا يوم الأرض الأول.

احد هؤلاء الأشخاص هو شاكر جبارة (أبو عمار) الشخصية الوطنية المعروفة في مدينة الطيبة، والذي أعاد ذكرياته في حديثه مع مراسلنا صباح اليوم، 38 عاما، ليستذكر أمام عدسة الكاميرا ابرز ما واجهه في يوم الأرض الأول.

وقال شاكر جبارة (أبو عمار) في حديثه لمراسلنا:" كان هناك قانون جائر يمنح صلاحية لوزير الداخلية مصادرة أي ارض يريد بحجة التطوير، والحقيقة هي ليست تطوير وإنما تهويد، أي نهب أراضي العرب وسلبها لصالح اليهود".

شاكر جبارة:" كنا بالطيبة نتابع الأخبار الواردة من اجتماع شفاعمرو"


وأضاف:" اذكر أننا في الطيبة كنا نتابع الأخبار الواردة التي كانت تصلنا من بلدية شفاعمرو أثناء اجتماع رؤساء السلطات المحلية هناك لاتخاذ قرارا بالإضراب الشامل احتجاجا على مصادرة الأراضي في الجليل، وكنا نعلم مسبقا أن رئيس الحكومة آنذاك كان يضغط على بعض الرؤساء بعدم الموافقة على الإضراب وبالتالي إفشاله".

" قررت اللجان بالإجماع إنجاح الإضراب"

ومضى يقول:" لكن جهود الشهيد توفيق زيّاد تجند للموقف المضاد، وعندما أصدرت اللجنة قرارا بعدم الإضراب كان هناك لجنة في بلدة عربية للأرض، وكل اللجان قررت بالإجماع الإضراب ونجح، وكنا في الطيبة ننوي القيام بمظاهرة إذ اجتاحت قوات الأمن البلدة فتصدينا لها، واستشهد ستة فلسطينيين من بينهم فلسطيني من مخيم نور شمس استشهد بالطيبة وهو رأفت زهيري، وفي نفس الأسبوع استشهد أخوه عصام في مخيم تل الزعتر في لبنان".

" قصص بطولية أخفيناها... شباب عائلة حاج يحيى احتجزوا 3 جنود"

وعن ما يذكره في يوم الأرض الأول من أحداث قال:" اذكر قصة بطولية كنا في الطيبة نخفيها على مر السنوات تجنبا للمشاكل مع الشرطة، وهي أن مجموعة شباب وطني وواعي من إخواننا في عائلة حاج يحيى، نجحوا باحتجاز ثلاثة جنود، أثناء تصديهم لعنف الشرطة القوي في ذلك الحين، هذه ذكريات نذكرها جميعا..".

" شارك بصنع اليوم جميع أهل الطيبة"

وأكمل قائلا:" بعد دقائق معدودة وصل خبر احتجاز الجنود لقوات الأمن التي ألقت بكل ثقلها على الطيبة وحاصرت المنطقة المحتجز فيها الجنود وحضرت الشرطة بقوات ودوريات كبيرة وحتى مدرعات وطائرة عمودية، كان يوما حافلا بالأحداث، شارك فيه صنعه معظم أهل الطيبة رجالا ونساء ومن مختلف انتماءاتهم، في النهاية طبعا نجح قوات الأمن بتخليص الثلاث جنود من قبضة الطيباويين، مع الكثير من الجرحى والمعتقلين".

" احتجاز الثلاث جنود دفع الأمن للانتقام بعد أن فقدوا صوابهم.. فقتلوا رأفت زهيري"

وأضاف قائلا:" هذه المواقف البطولية حسب رأيي هي التي دفعت الشرطة من فقد صوابها، وبالتالي قررت الانتقام من أهل الطيبة، ولذلك فإنهم تعمدوا قتل الشهيد رأفت علي زهيري، جميعنا شاهد القناص كيف صوب بندقيته نحوه وكأن اختاره من بيننا، وحينها صعدنا من مواجهاتنا ضدهم ما أدى إلى انسحابهم على الفور، وتغيبوا عن الحضور للطيبة عدة أيام، لكن للأسف خطر المصادرة لم يتوقف اثر هذه الأحداث، بل ازداد للأسف وما زلنا نراه اليوم في عدة مخططات مثل برافر وشارع 6 والغاز والخرائط الهيكلية وغيرها".

" هدف السلطة كان ترحيلنا.. لكنهم فشلوا"

وتابع قائلاً:" هدف السلطة واضح من المصادرة، فهو يأتي لترحيلنا من وطنا الذي يمتد إلى 8100 عام وهو زمن تواجد الكنعانيين في ارض فلسطين قبل خلق أول يهودي في العام في سنوات طويلة، نحن لا ننكر أن لليهود صلة في بعض المناطق في يهودا والسامرة، لكن هذا لا يعني أن لهم الحق في الأرض، هناك فرق بين صلة وحق، وان كان على طريقتهم فان لنا الحق نحن العرب باسبانيا ألآن لان أسلافنا فتحوها وعمروها، نحن لن صلة في اسبانيا وليس لنا الحق فيها".

" قرار الإضراب في ذلك الوقت لم يكن سهلا"


ولم يخفِ أبو عمار الفرق الكبير بين أهل الطيبة في ذلك الوقت، وبين أهل الطيبة الآن فقال:" كان في الماضي التفاف جماهيري كبير وروح ثورية عظيمة، قرار الإضراب في ذلك الوقت لم يكن بالقرار الصعب، في ذلك الوقت كان للنضال ثمن كبير، وليس مثل اليوم، في الحقيقة لا ادري ما هي الأسباب المباشرة لكن هناك الكثير من الأسباب التي يعلمها الجميع وهي ليس سبب واحد بل عدة أسباب".

" الروح الوطنية الثائرة تراجعت لأسباب كثيرة"

وقال أيضا:" في الماضي كانت بنية الطيبة تعتمد على الزراعة والأرض، أما اليوم هذا غير موجود، أنا لا ادعي أن أهمية ومركزية الأرض أختفت، لا بل على العكس ما زالت الأرض غالية وعزيزة على الجميع، لكن اليوم نلاحظ أن اغلب أراضي الطيبة هي أراضي بور غير مستغلة من ناحية الزراعة، فتكاليف المياه أكثر مما تنتجه الأرض، وهذا على ما يبدو دفع الناس بعدم الاعتناء بأرضهم، هذا سبب اقتصادي".

" يكفي الطيبة أنها بلد عارف عبد الرازق، داوود الطويل وصالح برانسي"

وأردف قائلاً:" أهل الطيبة عنيدين على الحق ولا يتنازلوا عن أرضهم، الطيبة هي بلد عارف عبد الرازق الذي كان قائد الثورة الفلسطينية الكبرى في العام 1936 ضد الانجليز واليهود، في قطاع الصعبيات، وكان قريبا جدا في القائد العام للثورة الحاج محمد أمين الحسيني، وهي بلد داوود الطويل قائد معركة الطيرة وأبلى بلاء حسنا هو ومجموعته، الطيبة بلد الشهيد صالح برانسي، يكفينا هؤلاء الثلاثة ليشرفوا ليس فقط طيبتنا، وإنما قضيتنا العامة".

" النهضة والحزب الشيوعي لم يتفقوا في تاريخهم.. لكنهم توحدوا في يوم الأرض الأول"

وقال أيضا:" اذكر أيضا حين أتى أهل الشهيد رأفت زهيري إلى الطيبة، وقمنا بتسليمهم جثمان الشهيد، وذهبنا إلى نور شمس للمشاركة بتشييع جثمانه في الجنازة، كانت أجواء وطنية ثورية، كانت لدينا عزة وطنية كبيرة، التي أرغمتنا على نسيان انتماءاتنا، اذكر أن النهضة والحزب الشيوعيين كانوا لا يلتقون أبدا في تلك الفترة، لكن في يوم الأرض الأول كانت هناك لُحمة غير مسبوقة بين الطرفين، ومن ذلك الحين رأينا التنسيق بين القوى الوطنية".

" شخصيات وطنية من الحزب الشيوعي لا غبار عليها..."

وسرد قائلا:" كان هناك شخصيات وطنية لا غبار عليها في الحزب الشيوعي مثل توفيق زياد، الياس نقارة وإميل توما، أما في حركة النهضة القومية فكان تحرك شعبي كبير من قبلهم في الجليل، الناصرة والمثلث وعلى رأسهم منصور كردوش، الشعب حينها واحد.. لأننا طبقنا الدين لله والوطن للجميع".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]