في مقر مبنى الموساد كان النقاش حاداً بين رئيس الجهاز وأعضائه وكان السؤال الذي لم تحدد اجابته حتى هذه اللحظة: كيف يمكن الانتقام لمقتل عميل الموساد باروخ كوهين الذي كان يعمل متخفياً كعميل للموساد في اسبانيا تحت اسم حانان بيشاي، وتم اغتياله أو تصفيته بمعنى اصح في احد شوارع مدريد قادما من مدينة براسيلز في مهمة خاصة بالموساد.

لم يكن باروخ كوهين عميلاً عادياً للموساد بل كان تاريخه الطويل في قتل العرب الفلسطينيين في الارض المحتلة يجعله واحداً من أهم الأهداف التي يعمل الفدائيون على تعقبهم واصطيادهم في أي مكان بالعالم.

كان باروخ احد الذين طاردوا ياسر عرفات زعيم منظمة التحرير الفلسطينية في اعقاب حرب 1967 وكاد يمسك به الا ان عرفات نجا من هذه المحاولة ولذا فان باروخ كان هدفاً دائماً لواحدة من أقوى المنظمات الفدائية التي عملت لفترة طويلة في تصفية العملاء والخونة من الجانبين الإسرائيلي والعربي، لذا فقد نجحت منظمة ايلول الاسود أخيراً وفي 26 يناير 1973 من اغتيال باروخ كوهين الذي لعب دوراً مهماً ومؤثراً في تصفية الفدائيين قبل ان يستقر في اوروبا كقائد لعملاء الموساد في أوروبا.

عندما نشرت صحف تل أبيب والصحف العربية الصادرة في الارض المحتلة خبر مقتل كوهين انتبه الموساد إلى ان هذه الصحف العربية نشرت أيضاً قبل مقتل كوهين خبرا يقول ان منظمة ايلول الاسود اصدرت حكمها بإعدام احد عملاء الموساد في اوروبا.. وكان المقصود باروخ كوهين. كان مقتل كوهين يشكل بالنسبة للإسرائيليين اشارة تحذيرية خطيرة اذ ان معناها ان منظمة ايلول الاسود قد استطاعت اختراق شبكة الموساد في اوروبا وهو أكثر ما اقلق الموساد الذي اجتمع في فبراير 1973 ليقرر كيف سيكون الانتقام!!

انقسم أعضاء الموساد في هذه الجلسة الى قسمين قسم يرى ضرورة قتل ياسر عرفات وقسم يرى ان الاهم هو قتل جورج حبش زعيم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وبدأت فرق الموساد تخطط لاغتيال عرفات أو جورج حبش.

فشلت كل المحاولات لاغتيال هذين القائدين حتى تلك المحاولة التي تم خلالها تغيير مسار طائرة لبنانية وتوجيهها الى قاعدة عسكرية اسرائيلية ظناً ان جورج حبش على متنها باءت أيضاً بالفشل اذ لم يكن عليها ونجا الزعيم الفلسطيني المتشدد.

شارع الخرطوم

كانت الساعة وصلت الحادية عشرة صباحاً يوم 3 ابريل من عام 1973 كما تشير الى ذلك ساعة الحائط المثبتة خلف موظفي استقبال فندق سندس في قلب العاصمة الحية المرحة بيروت عندما دخل سائح انجليزي ابيض البشرة، أزرق العينين وشعره يميل إلى الأحمرار وتوجه من فوره الى موظف الاستقبال وحياه ثم طلب منه حجز غرفة له.

سأله الموظف ليملأ استمارة الدخول عن اسمه قال..

ـ ديتور التور

ـ المهنة ـ رجل أعمال

ـ المدة التي سيقضيها في الفندق.. ثلاث ليال.. وربما ثلاثون!

ثم طلب موظف الفندق جواز سفره ليستكمل بقية اجراءاته وناوله السائح الجواز وصعد مع احد خدم الفندق الى غرفته وترك الجواز مع الموظف الذي نادى عليه لكي يوقع على استمارة الدخول، رد عليه السائح، ليس مهما ربما في المساء.

وفي المساء وقف السائح الانجليزي التور يسأل الموظف: هل هناك محلات قريبة تبيع أدوات صيد؟

ـ نعم ياسيدي.. لماذا؟

ـ انا هاوٍ للصيد ولكني اهواه ليلا فقط.

ـ غريبة.. اتصطاد ليلا فقط؟

ـ نعم انها هواية غريبة ولكني أجد متعتي في ذلك دائما، ظل التور يخرج مساء كل ليلة من الفندق حاملاً سنارته ويسير على الشاطيء في الظلام حتى منطقة تسمى مغارة الحمام حيث يمارس هوايته ويعود في آخر الليل وكأنه صياد عائد من رحلة صيد حقيقية.

وبعد ثلاثة أيام من وصول هذا السائح الغريب وصل إلى نفس الفندق ثلاثة سائحين كل منهم على حدة وفي توقيت يختلف عن توقيت الآخر بفارق ساعتين بين كل سائح وآخر، ولكن كان السائح الانجليزي آندرو هو أول من وصل وكان يبدو كرجل انجليزي تقليدي، كلاسيكي المظهر، متأنق ومتحفظ في كلامه لكنه كان على كل الاحوال يتحدث، واملى بياناته للموظف وسلمه جواز سفره أيضاً.

بعد وصول اندرو بساعتين وصل سائح آخر لكنه كما قال لموظف الاستقبال بلجيكي وقال ان اسمه شارل بوسار ولكنه كان قادماً من روما.. وكان يبدو في الأربعين من عمره وعندما بلغت الساعة التاسعة مساء كان قد وصل سائح انجليزي ثالث اسمه جورج ألوار لم يتحدث بأية كلمة مع أي من العاملين بالفندق وعندما اراد موظف الاستقبال ان يسأله عن اسمه القى له بجواز سفره ثم طلب مفتاح غرفته وصعد اليها دون كلمة ولا مع الخادم الذي قاده الى الغرفة وكان يبدو في الثلاثين من عمره.

لم يكن أي من السياح الثلاثة يعرف احدهم الاخر بشكل مباشر ولم يسبق ان التقوا معا من قبل لكنهم كانوا جميعاً يعملون لحساب جهة واحدة!!

دقت الساعة الثانية عشرة منتصف ليل بيروت عندما فوجيء موظف استقبال فندق «سندس» بالسائح الغامض يقف أمامه ويسأله.

كيف يمكنني ان اذهب إلى شاطيء البحر؟

ـ الآن ياسيدي؟

ـ هل هناك خطر يمنع ذلك؟

ـ لا ولكن الوقت متأخر وعموماً اليك الطريق.. وصف موظف الاستقبال الطريق للسائح الانجليزي جورج الذي خرج من الفندق متجهاً إلى شاطيء البحر.

في فندق أطلانطيك «اتلانتيك» تكرر المشهد نفسه أيضاً من سائح انجليزي اسمه اندروميسي الذي اختار هذا الفندق الواقع على شاطيء البياضة ومنذ لحظة وصوله وحتى مغادرته الفندق ظل يسأل عن حالة الطقس وكلما اجابه عامل من الفندق عن الطقس اعطاه مبلغاً من المال.

لم يلاحظ أحد من عمال الفندق وموظفوه وجود أية علاقة بين هؤلاء السياح إطلاقاً، فهم لم يلتقوا مع بعضهم بعضاً في صالة الفندق وكان كل منهم يخرج بمفرده ليتجول في شوارع بيروت سيرا على الاقدام ولكنهم جميعاً كانوا يسيرون يومياً وبانتظام في شارع الخرطوم ببيروت اكثر من مرة في اليوم الواحد.

كان شارع الخرطوم هو هدف جميع هؤلاء السياح، وفي الحقيقة انهم لم يكونوا أيضاً سياحاً.. ولكن المؤكد انهم لم يكونوا على معرفة مباشرة ببعضهم لكنهم جميعاً يعملون لصالح الموساد وقد تلقى كل منهم على حده تعليمات محددة بالسفر إلى بيروت والوصول بالطريقة التي وصلوا بها والا يتحدث كل منهم للآخر أبداً داخل الفندق وان يدرسوا جيداً شارع الخرطوم.. اهم شارع بالنسبة لهم في لبنان كله.. ولكن لماذا؟

لسبب بسيط وهو ان مكاتب قيادة الجبهة الشعبية الديمقراطية الفلسطينية تقع جميعها في هذا الشارع، والأهم ان الشارع أيضاً يسكنه بعض فدائيي منظمة ايلول الأسود وقادة فتح.. كان شارع الخرطوم طويلاً ممتداً لمسافة بعيدة تنتهي بملعب وناد رياضي مقام على أحدث طراز لذا فانهم كانوا يلتقون في نهاية كل جولة يقومون بها لشارع الخرطوم في هذا الملعب ليس للعب الكرة أو البولينج بل لمراقبة مبنى قيادة الجبهة الشعبية.

كان هناك أيضاً شارع آخر لابد لهؤلاء الجواسيس من مراقبته غير شارع الخرطوم، كان اسمه شارع فردان وهذا الشارع بالتحديد كان يسكن فيه الأعضاء المطلوبون من فتح ومنظمة أيلول الأسود.. كان المطلوبون هم علي حسن سلامة، كمال عدوان وكمال ناصر وابو يوسف النجار وكانوا جميعهم يقيمون بشارع فردان الا ان الذي لم يكن العملاء متأكدين من اقامته في هذا الشارع هو علي حسن سلامة ولكن ربما يكون موجوداً وتكلل العملية بالنجاح ويقضى على الاربعة خاصة علي حسن سلامة.

كان علي حسن سلامة بالذات مشكلة المشاكل للموساد فقد كانت إسرائيل تعتبره مسئولاً عن عملية ميونيخ وانه هو الذي خطط لاغتيال فريق رياضي إسرائيلي خلال دورة ميونيخ للألعاب الاولمبية التي اقيمت في ألمانيا وفي يناير الماضي قتل أحد أهم ضباط الموساد النقيب باروخ كوهين المشرف على الفرع الخارجي في أوروبا،
وهو في الوقت نفسه ابن أحد كبار رجال المقاومة الفلسطينية في حرب 1948 وكانت وظيفته الحقيقية قائد المجموعة 17 التي تقوم بحماية عرفات شخصياً، لذا فان قتله كان من أهم العمليات التي يخطط لها الموساد وعندما وصل جواسيس إسرائيل إلى بيروت يوم 3 ابريل الماضي كان للتمهيد لعملية اغتيال علي حسن سلامة الذي لم يكن عنوانه مؤكداً لدى الموساد الذي كان يطلق عليه اسم الامير الاحمر، ولكن ما كانت الموساد متأكدة منه بالفعل هو مكان كمال عدوان وكمال ناصر وابو يوسف النجار والغريب ان الذي توصل الى هذه المعلومة وابلغها للموساد كان الجاسوسة امينة المفتى التي تحدثنا عنها في حلقة سابقة وكانت آنذاك في بيروت تدير مصحة لعلاج الحالات المعاقة جسدياً ونفسياً.

كان المطلوب علي حسن سلامة اذن وهذه المرة لابد من النيل منه فتكفي مرة فشل واحدة للموساد في مطاردة هذا الفدائي العنيد.

التنفيذ

قام الجاسوس ديتور التور والجاسوس اندروتيسلاو والبلجيكي شارل بوسار والجاسوس الغامض جورج آلوار باستئجار اربع سيارات بويك وسيارة رينو وسيارة بلايموث وسيارة فاليانت من مكتبي تأجير مشهورين هما آفيس «وليناكار» وهما وكالتان كانتا تؤجران السيارات الفخمة للسياح فقط ولكنهم اختاروا استئجار سيارات قوية ذات دفع رباعي ولما سألهم موظفو الوكالتين لماذا؟ قال كل منهم على حدة: للنزهة بها في المناطق الجبلية وارتياد لبنان من جنوبه الى شماله.

سجل الموظفون اسم كل سائح من واقع جوازات السفر الانجليزية والبلجيكية وكانت بالطبع جميعها مزورة في مطابع الموساد الخاصة بتل ابيب حيث كانوا جميعاً من عملاء الموساد الاسرائيليين.

طلب الموظف المسئول من كل فرد منهم عند استئجار سيارة مبلغ 200 دولار تأميناً للسيارة فدفع كل منهم مبلغ التأمين بسهولة وتجمعت السيارات الأربع بحوزتهم حيث بدأوا التحرك بها وفق الخطة والتدريب على المناطق التي ستستخدم فيها هذه السيارات فيما بعد.. خاصة المناطق الساحلية المؤدية الى منطقة برج الحمام التي كان الجاسوس الاول ديتور التور قد اختارها لصيد السمك فيها ليلاً!!

في الساعة السادسة من صباح 9 ابريل 1973 كانت قافلة بحرية اسرائيلية قد تحركت في اتجاه المياه الاقليمية اللبنانية من ضمنها حاملة صواريخ وسفينة اغراض اخرى والتحمت هذه السفن في طريقها الى لبنان مع السفن التجارية الاخرى العابرة في الخطوط البحرية الدولية.

كانت حاملة الصواريخ تحمل ايضاً في بطنها عدداً من جنود المظلات وكانت هذه المجموعة مكلفة بمهاجمة مبنى قيادة الجبهة الديمقراطية.

اما السفينة الثانية فكانت مهمتها تفريغ مظلييها لمهاجمة واغتيال قادة المقاومة الفلسطينية في شارع فردان كل جندي من الجنود في السفينة الثانية كانت معه 4 صور وكانت هذه الصور للضابط علي حسن سلامة وابو يوسف النجار وكمال عدوان وكمال ناصر..!!

كما اعطيت لكل فرد من مجموعات الاغتيال صور اخرى للمناطق التي سيمرون بها اثناء تنفيذ العملية وخرائط دقيقة ومجسمات لمناطق العمليات في احياء وشوارع بيروت، واماكن الانتظار وطرق الانسحاب ومكان التجمع بعد تنفيذ العمليات واقتضت خطة الهجوم ان تتم بموجب عمليتي انزال بحري الاولى على شاطئ البياضة والثانية على شاطئ مغارة الحمام.

وصلت الساعة التاسعة والنصف.. اصبح الليل مخيماً على كل بيروت الهادئة المسالمة والغارقة في اضوائها وفي هذه اللحظة القت السفينتان الاسرائيليتان مراسيهما في المياه وكان الجنود في جوفي السفينتين يرتدون جميعهم ملابس رياضية او مدنية وجميعهم مسلحون ببنادق سريعة الطلقات واخرى متوسطة ومدافع رشاشة ثقيلة ومدفع هاون ومورتر بينما كان الضباط مسلحين بمسدسات بريتا سريعة الطلقات.

كان الجميع حتى هذه اللحظة ينتظرون اشارة قائد هذه العملية وكان القائد المقدم ايهود باراك!!

نعم هو نفسه ايهود باراك رئيس وزراء العدو الاسرائيلي السابق، كان وقتها لايزال مقدماً في الجيش ولكنه كان من اكثر ضباط هذا الكيان الذي قام بعمليات خاصة للموساد وكانت هذه العملية من العمليات الكبيرة التي قادها، فالذي سيغتال في هذه الليلة اربع من اهم قيادات الفلسطينيين.

ظل باراك ينظر كل فترة واخرى في ساعة يده الى ان وصلت الساعة الثانية عشرة منتصف الليل، عندها اعطى الاشارة ببدء العملية. في هذه اللحظة انزلت القوارب المطاطية من السفينتين الراسيتين في عرض البحر قبالة شاطئ بيروت واحداً في البياضه والاخرى في مغارة الحمام.

لم يكن هناك اي انسان على الشاطئ في هذه الساعة ظلت القوارب المطاطية تقترب من الشاطئ بجنودها الى ان تلقت اشارات من اليابسة بمصابيح بطاريات كان متفقاً عليها مع الجواسيس الذين نزلوا فندق سندس على هيئة سياح بريطانيين واستأجروا السيارات قبل ايام، وبعد ان تلقت القوارب المطاطية الاشارات المتفق عليها نزل الجنود الى الشاطئ بينما هرع الجواسيس الى السيارات التي كانت تقف في الشارع اعلى رصيف الشاطئ وخلف كل مقود سيارة جلس السائق في هدوء بينما كانت اضواء السيارة مطفأة.

في لحظات كان المظليون قد دخلوا بأسلحتهم الى السيارات الواقفة حيث انطلق السائقون الذين كان من الواضح جداً انهم يعرفون طرق بيروت جيداً وخاصة الطريق المؤدي الى شارع الخرطوم وشارع فردان.

وفي شارع فردان نزلت مجموعة من سيارتين واختبأت في بيت مظلم بالقرب من المبنى المطلوب، بينما افراد المجموعة الأخرى اتجهوا الى شارع غانا حيث نزلوا هناك ثم تسللوا في الظلام باتجاه شارع الخرطوم حيث يقع مبنى الجبهة الشعبية الديمقراطية.

التصفية

في مساء الليلة التي وصلت فيها سفن الاغتيالات الى شاطئ بيروت كانت محادثات المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية قد انتهت لتوها والساعة تشير الى الواحدة بعد منتصف الليل.

وبعد ان انتهى الاجتماع قال ابو يوسف النجار لابو اياد (صلاح خلف).. يا ابا اياد انا مكلف من كمال ناصر وكمال عدوان بدعوتك على عشاء سمك الليلة وقبل ان يجيب ابو اياد قال له النجار هل تعرف اين؟ في مطعم السلطان ابراهيم على شاطئ الاوزاعي.

قال ابو اياد: اعذرني يا ابو يوسف.. فأنت تعرف اني لا اجلس في الاماكن العامة، انا مستهدف كما تعلم وامني لا يسمح لي بقبول مثل هذه الدعوات.

رد كمال عدوان، الا يعجبك السمك؟

لا ليست المسألة كذلك ولكنها ليست خافية عليكم.

سنؤمن المكان تماماً.. لا تخشى شيئاً.

قبل ابو اياد في النهاية الدعوة وتوجه معهم الى المطعم في التاسعة مساء 9 ابريل، انتهت اجتماعات المجلس المركزي الفلسطيني وغادر اعضاء المجلس الى بيوتهم او المكان الذي يبيت فيه كل منهم، عندما اقترب ابو اياد من كمال ناصر وقال له هل لي ان ابيت عندك الليلة، هذه الليلة بالذات لست متفرغاً لك.. لدي مقال عن الشاعر عيسى نخلة اريد ان اكتبه رحمه الله كان صديقي.. وطبعاً اذا نمت عندي فلن اكتب المقال وغداً ورائي اعمال كثيرة.

هكذا يابو ناصر.. انت الخاسر.

ومضى ابو اياد وترك كمال ناصر يعود الى بيته وقرر ان يزور مجموعة من الفدائيين الذين نفذوا عملية ميونيخ والذين كان قد افرج عنهم مؤخراً.

لحظة الصفر

اصدر ايهود باراك اوامره ببدء التنفيذ للملازم اول ابيدع شور وضابط الصف حجاي معيين وطلب منهما اطلاق النار من مسدساتهما كاتمة الصوت على الحارسين امام مبنى الجبهة، وبالفعل تقدم الضابط وزميله من حراس المبنى حتى صارا على بعد خمسة امتار فقط من الحارسين ثم توقف الاثنان فجأة بينما اختبأ باراك ومجموعة جنوده والمقدم لفكين وجنوده في منطقة يستطيعون منها ان يشاهدوا ما يجري وعندما توقف ابيدع وحجاي فجأة، حبس باراك ولفكين انفاسهما رعباً حيث كانت الاشارة بالهجوم ستأتيهم عندما يفرغ الملازم وزميله الرصاص في الحارسين.. عندما توقف ابيدع كان ليتظاهر باشعال سيجارة لنفسه ثم اشعال سيجارة لزميله وذلك بالقرب من الحارسين الفلسطينيين لكنهما لم يهتما.

تابع ابيدع وزميله السير في اتجاه الحارسين حتى صارت المسافة الفاصلة بينهم متراً واحداً وفجأة قال للحارسين مساء الخير وقبل ان يردا قال لهما مرة اخرى.. I sorry ثم اطلق الرصاص وزميله عليهما، وبعد ان دوى صوت الرصاص من مسدسات ابيدع وزميله قفز مقاتلان فلسطينيان من سيارة كانت تقف بالقرب من المبنى واطلقا وابلاً من الرصاص على الملازم وزميله فارداهما قتيلين.

عندما سمع كمال ناصر صوت الرصاص كان لايزال يكتب مقاله عن الشاعر فقفز من مكانه نحو سلاحه يبحث عنه في نفس اللحظة التي كسر فيها باب شقته فجأة وافرغ المهاجمون في جسده ثلاثين طلقة ليستشهد على الفور قبل حتى ان ينطق كلمة واحدة.

وفي الوقت نفسه كان ابو يوسف النجار يستعد للنوم بينما كان اولاده الخمسة يدرسون واجباتهم او يحضرون ليوم الدراسة التالي عندما انفجرت قنبلة دمرت باب شقته ودخل مجموعة من الاسرائيليين يغطون وجوههم بجوارب نسائية الشقة واتجهوا الى غرفة نومه بينما اسرعت زوجته بالبحث عن مسدسه وعندما دخلوا الغرفة وقبل ان يطلقوا النار عليه القت زوجته مها بنفسها عليه لحمايته فاخترقت الرصاصات جسدها وجسده ليموتا في لحظة واحدة.

عندما سمع كمال عدوان صوت الانفجار والرصاص في شقة ابو يوسف النجار ادخل زوجته واطفالها الى غرفة داخلية وحمل بندقيته الكلاشينكوف لمواجهة ما سيحدث الا ان باب الشقة كسر بالطريقة نفسها ودخل ثمانية اسرائيليين بأسلحتهم حيث افرغوا رشاشاتهم في صدره وسرقوا اوراقه ومستنداته. بينما زوجته واولاده في حالة ذعر شديد

* باحث في الشئون الامنية والاستراتيجية

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]