قبل أسبوع من موعد الانتخابات الرئاسية، تشهد الجزائر حالة من التوتر ظهرت ملامحها في تجدد الاشتباكات وأعمال العنف في مدينة غرداية جنوب البلاد، وفي احتجاجات اكتست طابعا عنيفا، ضد حملة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة المرشح لتولي ولاية رئاسية رابعة، رغم مرضه.

وأعلنت «حركة بركات» الجزائرية المعارضة لنظام الحكم، (وتعنى كلمة بركات، كفى بالجزائرية)عن تنظيم مظاهرات السبت المقبل في ثلاث ولايات للتعبير عن رفض ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية رابعة. وواجه عبد المالك سلال مدير حملة الرئيس، أمس، صعوبات كبيرة في تنظيم تجمع بمدينة في الجنوب، بسبب سخط سكانها من «فشل» الحكومة في معالجة مشكلاتهم.

بوتفليقة مريض

وقال نشطاء «بركات»، وهو تنظيم نشأ مباشرة بعد إعلان بوتفليقة ترشحه لولاية رابعة، في بيان، إن «المواطنين والمواطنات مدعوون إلى المشاركة بقوة» في مظاهراتها التي وصفتها بـ«السلمية» والتي ستنظم في باتنة وقسنطينة وتبسة، وهي ولايات تقع شرق البلاد، غاضبة على سلال بسبب «زلة لسان» في حق سكانها؛ إذ نقلت كاميرا تلفزيون خاص قوله لأحد الموالين للرئيس: «يقولون عن الشاوية حاشى رزق ربي»، وتعني أن سكان ولايات كثيرة بالشرق «هم أسوأ خلق الله»! يشار إلى أن «بركات» تضم صحافيين وأساتذة جامعيين وأصحاب مهن حرة مثل الأطباء والمحامين، لا ارتباط لهم بأي حزب سياسي. وينظم هؤلاء يوميا مسيرات ومظاهرات في الولايات، مما سبب صداعا حقيقيا لـ«جماعة الرئيس» التي تفضل أن تجري الانتخابات في هدوء لتمر «الولاية الرابعة» بسلام. ويصف البعض «بركات» بأنها نسخة من «حركة كفاية» المصرية، غير أن أعضاءها يرفضون هذا التشبيه حتى وإن كانت كلمة «بركات» باللغة العامية الجزائرية تعني «كفاية».

كم افواه

وقال التنظيم في بيانه: «يستمر النظام الجزائري في محاولاته القمعية لتكميم أفواه المعارضة الحقيقية، وهذا ما تتعرض له (حركة بركات) السلمية من حرب تشويه من طرف النظام وأعوانه، الذين يستعملون كل الوسائل الدنيئة لضرب مصداقية الحركة، بعد الالتفاف الشعبي الكبير الذي حققته في أوساط الجزائريين». وأضاف: «لقد حاول الموالون للرئيس إلصاق أعمال العنف التي تتنافى تماما مع خط (حركة بركات) السلمية، وهي وسيلة يستعملها هذا النظام المتسلط دوما لمحاربة وضرب كل القوى الحية والمعارضة، ووسيلة للبقاء في السلطة»، في إشارة إلى مواجهات خطيرة وقعت في بجاية (250 كلم شرق العاصمة)، الأسبوع الماضي عندما منع معارضو «الولاية الرابعة» سلال من تنظيم تجمع، في إطار حملة الدعاية لترشح بوتفليقة. واتهم سلال «بركات»، ضمنا، بالوقوف وراء منعه من تنظيم التجمع.

يذكر أن بوتفليقة أنهى مهام سلال رئيسا للوزراء، وكلفه قيادة الحملة الانتخابية بدلا عنه بسبب المرض الذي يعاني منه.

وقفات سلمية

وتابع البيان: «(حركة بركات) مستمرة في وقفاتها السلمية عبر كافة ولايات الوطن، من أجل تغيير سلمي للنظام الذي يحاول فرض نفسه عبر مهزلة انتخابية أخرى، ومصادرة حق الشعب في اختيار ممثليه، وهو المسعى الذي يدفع مرة أخرى بالبلاد إلى الانسداد».

اشتباكات

واندلعت أمس اشتباكات بين قوات الأمن ومتظاهرين في متليلي بولاية غرداية (600 كلم جنوب العاصمة)، بعدما أنهى سلال تجمعا في إطار الحملة الانتخابية. ورفع المئات من الأشخاص شعارات تدين «عدم وفاء الحكومة بالوعود» التي أطلقها سلال لما زار المنطقة قبل عام بصفته مسؤولا حكوميا، خاصة ما تعلق بالتشغيل. وتعرض موكب سلال وهو يغادر المدينة لوابل من الحجارة، وحاول المتظاهرون وقف السيارة التي كان بداخلها سلال، لولا تدخل قوات الأمن التي اعتقلت العديد منهم.

وتعهد سلال في خطابه أمام أنصار بوتفليقة من سكان متليلي، بـ«البحث عن الحل اللازم لمشاكلكم، وسنتخذ كل التدابير التي من شأنها إعادة الأمن والاستقرار لهذه المنطقة». وقال إنه سيعود إلى غرداية «وسأحل كل مشاكل سكانها لو انتخبتم بوتفيلقة لولاية رابعة، ولو وضع الرئيس ثقته فيّ مجددا بوضعي على رأس الحكومة».

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]