انطلقت في مقام النبي موسى الى الجنوب من مدينة اريحا الاحتفالية السنوية لموسم النبي موسى بحضور وزير شؤون القدس ومحافظها المهندس عدنان الحسيني ، ومحافظ اريحا والأغوار المهندس ماجد الفتياني ومحافظ رام الله والبيرة ليلى غنام والسفير التركي في فلسطين . كما شارك في الاحتفالية مدير عام الدفاع المدني اللواء محمود عيسى ونائب قائد منطقة اريحا العقيد حمزة الجياب والرائد اياد دراغمة مدير العلاقات العامة والاعلام في شرطة محافظة اريحا ,ونائب مدير الارتباط العسكري في محافظة اريحا الرائد غالب الخطيب ، و رئيس وكالة التعاون التركي التيكا، ووكيل وزارة الاوقاف ومدير اوقاف اريحا نوح الزغاري وخالد الزواوي مدير العلاقات العمة في وزارة الأوقاف وعدد كبير من الشخصيات الاعتبارية والدينية الاسلامية والمسيحية والوطنية وآلاف المواطنين من مختلف محافظات الوطن .

الظاهر بيبرس والنبي موسى

ويذكر ان البناء الحالي للمقام مكون من الجامع والمنارة وحجرات مختلفة وقد أكتمل في سنة 1269 بعد الميلاد خلال فترة حكم السلطان المملوكي الظاهر بيبرس ، وتم إضافة العديد من الغرف للحجاج والتي غيرت من معالم المقام الخارجية حتى وصل إلى شكله وحجمه الحاليين في 1475 ميلادي،كذلك أجريت إصلاحات أخرى هامة خلال الحكم العثماني في 1820، وهذه المعلومات موثقة في نقش حجري موجود في أعلى المدخل الغربي للمقام.

ويقع المقام على تلة صخرية ذات طبيعة جيرية، مختلطة بالقطران والصوان، وسط ما يكتنفها من كثبان رملية، فيما يعرف تاريخياً 'ببرية القدس'، ويعتبر نقطة تحكم بشبكة من الطرق والدروب، إذ يعرف بدرب الحج، وبالطريق التجارية المؤدية من الشام إلى مصر، وطريق الحجاج من القدس إلى مأدبا.

ويتكون المقام الذي أقيم على مساحة 5 دونمات، من ثلاثة ادوار بالإضافة إلى ساحات خارجية ومسجد والمقام بالإضافة إلى ما يزيد على مئة غرفة كانت تستخدم قديما لخدمة الجموع القادمة من بلاد الشام إلى المسجد الأقصى، حيث يضعون أمتعتهم وأحصنتهم في إصطبلات أقيمت داخل المقام للخيول.

الفرق الصوفية تحيي الموسم

الفرق الصوفية تواصل طوال الوقت قرع الطبول، و'الدروشة'، دون توقف، أو تعب أو كلل أو ملل، يتمايلون، مهللين مكبرين، مسبحين، مرددين كلام الثناء والمديح على الأنبياء، وعلى صاحب المقام، الذي يتربع ضريحه، في زاوية من زوايا المقام، التي باتت مسجدا.

كل شبر في المقام، استغله المواطنون؛ زاوية لإطعام الناس وطهي الطعام، وزوايا للحرفيين، وأخرى لبيع الكتب، وأخرى لبيع حلوى موسم النبي موسى الملونة؛ صفراء، خضراء، وردية، وبيضاء.

وشملت الاحتفالات افتتاحا رسميا تحدث فيه الحضور عن الاهمية الدينية والتاريخية والوطنية للاحتفالات التي تستمر حتى نهاية الاسبوع الحالي بإشراف من اللجنة الوطنية للاحتفالية والتي تضم العديد من الوزارات والمؤسسات منها وزارة الاوقاف ووزارة الثقافة ومحافظة اريحا والداخلية والشرطة وغيرها .

وتضمن الاحتفال حضور فرقاً دينية جاءت من تركيا ومختلف المحافظات الفلسطينية اضافة الى فرق ومجموعات كشفية وبيارق من القدس الشريف والمحافظات الأخرى وكذلك معرض فسيفاء وصور ورسومات، إلى جانب إقامة خطبة وصلاة الجمعة في المقام وأنشطة متنوعة للزوار ، وتعرض في اروقة المقام العديد من الصناعات اليدوية والأغذي وتنشط فيها الحركة السياحية .

حلوى النبي موسى

وتعد 'حلوى النبي موسى' من السكر والجوز والصبغة الملونة، ولا تجد سوقها إلا في هذا الموسم.

يقول المواطن محمد هاني من بلدة الرام شمال مدينة القدس المحتلة، الذي يجد فرصته في الموسم لبيع حلوى 'النبي موسى'، 'قبل إطلاق فعاليات الاحتفال بيومين يتم التحضير لعمل الحلوى وصبها حتى تجمد، وتزينها بالجوز والفستق وتقديمها'، مشيرا إلى أن هذه الحلوى لا تعد إلا في هذا الموسم فقط.

وفي المقام أيضا، زاوية اتخذت مركزا لعلاج المدمنين على المخدرات، حيث أسهم في علاج العديد من المدمنين، كونه يقع في مكان ديني، يبعث على الروحانيات والتوبة عن المعاصي.

الحضور التركي كان مميزا في هذا اليوم، غير مقتصر على الحضور الرسمي ممثلا بالسفير التركي في فلسطين، وإنما بفرقة للإنشاد الصوفي، التي قدمت أغنيات وأناشيد إسلامية في مدح الأنبياء، ولتي ستقدم عرضا في مدينة رام الله يوم غد السبت.

صلاح الدين من سن موسم النبي موسى

سنّ هذا الموسم البطل الإسلامي صلاح الدين الأيوبي، والذي أخذ برأي مستشاريه في إحياء هذا الموسم، وغيره من المواسم الأخرى في بلاد فلسطين، لإظهار قوة المسلمين، وكان ذلك بعد تحرير القدس من أيدي الفرنجة عام583هـ/ 1187م.

وشيد صلاح الدين جزءا من المباني القائمة اليوم، ثم جاء الظاهر بيبرس وبنى قبة المسجد عام 668ه/1265م، وأوقف عليه الكثير من العقارات والأراضي، ومنها مدينة أريحا، والأراضي الممتدة إلى الجفتلك.

وبعد الحرب العالمية الأولى؛ تولى المجلس الإسلامي الأعلى بالقدس، برئاسة الحاج أمين الحسيني، إحياء هذا الموسم، وكان الموسم الذي أقيم عام 1920 أضخم المواسم وأعنفها، حيث تصدت حكومة الانتداب للمحتفلين، وأعلنت الأحكام العرفية، لكن المجلس الإسلامي استمر في إحياء الموسم حتى عام النكبة 1948، وأعيد إحياؤه بشكل متفاوت خلال خمسينيات وستينيات القرن الماضي، قبل أن يتوقف مجددا مع احتلال عام 1967، ثم أعيد الاحتفال به لمرة واحدة سنة 1987.

وبعد قيام السلطة الوطنية الفلسطينية، أعيد الاحتفال بموسم النبي موسى عام 1997م، تحت رعاية الرئيس الراحل ياسر عرفات، وبقي الاحتفال به سنوياً بشكل محدود، حتى هذا العام الذي شكلت فيه اللجنة الوطنية لاحتفالية موسم النبي موسى، عليه السلام.

حسب ما توارد الحاضرون من ذكريات، فإن من يحضرون للمقام يبيتون فيه، بعضهم يقيم فيه أسبوعا، وبعضهم لليلة واحدة، حيث يستعدون لذلك بإحضار ما يلتحفون به وينامون عليه، مشددين على أن هذا جزء من العادات التي درج عليها آبائهم وأجدادهم.

كما طالب بعض المواطنين، بإيلاء المقام عناية واهتماما أكبر، وعدم اقتصار الاهتمام فيه على موسم النبي موسى، أو على فترة معينة من العام.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]