سأبدأ من السّر بين الأسئلة: هل عرَف المُجرمُ أن (ميسرة) لم يحالفها الموتُ كما صفاء، قبل أن يهربَ من مرآةِ قبحِه؟ هل ستبوحُ بِأَصْلِ القصّة ما أن يعودَ لسانُها (ميسرة)، هل ستخلِص لها ذاكِرتُها إذا اقْتَنَعَتْ أنّ صفاء لنْ تحْمل كتبَها المدرسيّةَ بعدَ اليوم، ولن يحلّق ضجيجها في سماء بيتهما المتواضع! هل كان المُجْرمُ واحدًا، أم عدّة؟ هل عرفَتْ أي واحدٍ منهم (ميسرة)؟!

باغت التعب والدتهما عصر (السبت/ 12-04-2014) عندما أقنعها أن تعود لمنزلهم البعيد عن الحقل عشرات الأمتار، وتترك ابنتيها الكبرى ميسرة محمد حمد سلامين (20) عامًا، و الصغرى صفاء (16) عامًا، تلمّان العشب اليابس “النتش” في منطقة “السيميا” في بلدة السموع، جنوب الخليل.

تأخرتا قليلًا، أو ربّما كثيرًا على قلبِ أمّ، فبحثت العائلة عنهما، إلى أن أبلغها أحدهم، أنّهما في أرض الحقل، معتدى عليهما، آثار الحجارة، وأدوات حادة تلون جسديهما، الصغرى ودّعت الحياة، والكبرى تصارع النفس الأخير.

طواقم الإسعاف أنعشت قلب (ميسرة)، فرّد على الحياة، وأما صفاء فمع الموت ذهبت إلى (معهد الطب العدلي) في بلدة أبو ديس المقدسية، للكشف عن أسباب وفاتها.

ميسرة، في المشفى الأهلي في الخليل، لا زالت الفاجعة تسرق صوتها، فالأطباء أدلَوْا بأن صدمة نفسية، تحول بينها والكلام، من المتوقع أن تستمر بين الساعات والأيام، حتى يسترجع وضعها الصحي والنفسي طبيعته شيئًا فشيئًا.

سمّاها بالجريمة الحقيرة العقيدُ محمد تيم مدير شرطة المحافظة، وقال إن الاعتداء بحدّ ذاته يفصح عن سبب ارتكاب الجريمة الذي لا يجوز التحدث فيه!

هنا وصلت القصة، لكن تيم سيجعل السرَّ علنيًا ما أن تكشف التحقيقات كلّ الخبايا…

انتظروا علانية السّر، وإن تأوّهتم، فليست كل الأسرار جميلة، وليس إعلانها أخف وطئًا

* رئيسة التحرير في شبكة الحرية الإعلامية

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]