يتوجّه أزيد من عشرين مليون جزائري من المسجلين على اللائحة الانتخابية، صباح اليوم الخميس، إلى صناديق الاقتراع لانتخاب سابع رئيس لهم، في ظلّ أجواء مشحونة واستقطاب حاد، غذّته سلطة ترغب في تمرير ولاية رابعة لمرشّحها بشتى الوسائل بتعلّة الحفاظ على أمن واستقرار البلاد، ومعارضة منقسمة بين مقاطعين بدعوى الحسم المسبق لنتائج الانتخابات، ومرشحين يريدون قلب الطاولة على الجميع لما يتمتّعون به من حشد جماهيري كبير.

وتفتح في الثامنة من صباح اليوم، الخميس، مكاتب الاقتراع التي بلغ عددها الخمسين ألفا، أبوابها من أجل انتخاب سابع رئيس للجمهورية.

ويرى مراقبون أنّ كل المؤشرات توحي بأن الرئيس المنتهية ولايته سيخلف نفسه في قصر المرادية رغم متاعبه الصحية، ولن يبقى لخصمه، علي بن فليس، إلا منطق “المعجزة الإلهية”، لكي يتمكن من قلب الطاولة على الجميع.

وتجري الانتخابات الرئاسية اليوم في عموم تراب الجمهورية، بعد أن انطلقت منذ 72 ساعة في ديار المهجر، ولدى سكّان الأقاصي الصّحراويّة الذين يعرفون بالبدو الرُّحّل.

وأبدى عدد من سكان المناطق الحدودية الجنوبية الواقعة بين الجزائر ودولتي مالي والنيجر، استياءهم من عدم إدراج أسمائهم في قوائم الانتخابات، رغم أنّهم جزائريون أبا عن جدّ، وحرمانهم بالتالي من أحد حقوقهم.

ولا يولي المرشحون كما الأحزاب، أهمية لما يعرف بالصناديق المتنقلة المُسَخرة لانتخاب البدو الرّحل، بسبب محدوديتها وصعوبة متابعتها أو مراقبتها، ممّا يجعلها دائما تصبّ في مصلحة السلطة، بسبب التزوير.

واتهمت هيئة أركان المرشح بن فليس، بعض الدوائر القنصلية في كلّ من بريطانيا وفرنسا هولندا، بتعمّد عدم استصدار بطاقات الناخبين لفئة الشباب، لعلمها المسبق بأنّهم حسموا أمرهم في خيارين؛ إمّا المقاطعة أو التصويت لمرشّح آخر غير بوتفليقة.

علي بن فليس: سنقف في وجه التزوير والمزورين ولنا آليات للدفاع عن أصواتنا

ويخيم شبح المقاطعة على الانتخابات الرئاسيّة الجزائرية، بسبب سلوك العزوف الذي يتميز به غالبية الشباب من بين الطلبة والعاطلين عن العمل، منذ استحقاقات سابقة، بسبب ما يسمونه بـ “الوعود الجوفاء” للطبقة السياسية التي فقدت مصداقيتها ولم يعد خطابها يجدي نفعا في استمالة الناخبين.

وتعززت “الأغلبية الصامتة”، وهي الطبقة المقاطعة للانتخابات، بموجة انخراط جزء من الطبقة السياسية والفعاليات المدنية لخيار مقاطعة الانتخابات الرئاسية، الأمر الذي يرشحها لأن تكون الهاجس الأول لشرعية الرئيس القادم، الذي سيجد نفسه مطوّقا بشرعية مهزوزة وأزمة ثقة عميقة.

ويخوض الانتخابات الرئاسية التي تجري اليوم، ستة مرشحين، على رأسهم، مرشح السلطة، عبدالعزيز بوتفليقة، الأوفر حظا للفوز بالعهدة الرابعة، رغم عدم ظهوره خلال الحملة الانتخابية. ويشكل المرشح المستقل، رئيس الحكومة السابق، علي بن فليس، أقوى المنافسين لبوتفليقة.

هذا علاوة على كلّ من زعيمة حزب العمال اليساري، لويزة حنون، وموسى تواتي، رئيس حزب الجبهة الوطنية الجزائرية، وفوزي رباعين، رئيس حزب عهد 54، وعبدالعزيز بلعيد، رئيس جبهة المستقبل.

وشكل إعلان الرئيس بوتفليقة عن ترشّحه لعهدة رابعة رغم تدهور أوضاعه الصحية، منعرجا حاسما في الجزائر، وفتح البلاد على جميع الاحتمالات، في ظل تنامي الغضب والاحتقان الشعبي، وتوجّه قطاع عريض من المعارضة والتنظيمات المدنية نحو خيار مقاطعة الانتخابات والاستعداد للتّصعيد بدءا من يوم الغد.

وبخصوص نتائج الانتخابات، أكّد بن فليس في هذا السياق، أنّه ليس متأكّدا من فوزه. حيثُ قال: “إذا خسرت الانتخابات، سأكون في صفّ المعارضة".

وتابع: “سنقف في وجه التزوير والمزورين، ولنا آليات للدفاع عن أصواتنا، ولن نجر الشارع إلى الفوضى، فنضالنا سيكون سلميا، ديمقراطيا ".

من جهة أخرى، أطلق ثلاثة مترشحين، هم كلّ من؛ علي بن فليس، ومرشح الجبهة الوطنية موسى تواتي، ومرشح حزب عهد 54 علي فوزي رباعين، أمس الأربعاء، مبادرة مشتركة لمراقبة الانتخابات. واتّفقوا على التنسيق الجماعي بين ممثليهم في مديريات الحملة الانتخابيّة واللجنة الوطنية السياسية لمراقبة الانتخابات.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]