كتبت المحامية سمدار بن ناتان التي تدافع عن خمسة من الأسرى الأمنيين العرب امام المحاكم الاسرائيلية، في مقالة تنشرها في "هآرتس" انه عندما جري الحديث عن الأسرى اليهود الذين قتلوا عربا على خلفية قومية، تم تقصير فترات محكوميتهم بسخاء خاص، واطلاق سراح غالبيتهم بعد قضاء ست او 13 سنة في السجن فقط، اما الأسرى العرب من مواطني اسرائيل فانهم لا يتمتعون بالمساواة.. فالمساواة ليست قائمة في سجوننا.

وفي تعقيبها على المعارضة الشديدة التي يبديها بعض السياسيين والامنيين الاسرائيليين لاطلاق سراح هؤلاء الأسرى في اطار الاتفاق الذي تم التوصل اليه قبل المفاوضات، بزعم ان "اطلاق سراحهم يشكل مسا بسيادة الدولة"، كتبت بن ناتان ان هناك حاجة الى منظور سياسي وتاريخي بشأن مكانة هؤلاء الأسرى في الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني، كي نتطرق الى الادعاء بان الافراج عنهم يمس بالسيادة الاسرائيلية وسلطة القانون.

وتضيف ان الالتزام بإطلاق سراح أسرى ما قبل اوسلو ينطوي على ابعاد تاريخية خاصة لا يفهمها الجمهور الاسرائيلي. فاتفاقيات اوسلو تعني الوصول الى نقطة تحول متفائلة جدا، بشأن اعتراف اسرائيل بحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وبحقه في اقامة دولة مستقلة، وتخلي القيادة الفلسطينية عن الكفاح المسلح. وهؤلاء الأسرى تجندوا للنضال القومي الفلسطيني عندما كانت اسرائيل تتنكر لهذه الحقوق الأساسية ومنعت التعبير العلني عن الحقوق الجماعية للشعب الفلسطيني والاتصال بقيادته. وبما انه تم تقسيم الشعب الفلسطيني بالقوة في عام 1948، فان النضال لا يمكن ان يتوقف على اراضي الضفة والقطاع فقط، لأن الكفاح المسلح من اجل التحرر من الاحتلال والحكم الاجنبي يعتبر شرعيا (وهذا ما مارسته التنظيمات السرية الاسرائيلية ايضا)، كما ان الاعتراف بحق تقرير المصير للفلسطينيين يعني، ايضا، ان نضالهم كان مشروعا. وهذا لا يقول ان كل الطرق التي استخدموها كانت مشروعة، لكن الوسائل المرفوضة لا تلغي شرعية النصال كله.


وتقول انه تم اطلاق سراح غالبية اسرى ما قبل اوسلو في اطار اتفاقيات سابقة، وبقي الاسرى العرب من اسرائيل في السجن فقط، والجمهور الفلسطيني يفهم ذلك جيدا ويولي اهمية بالغة لحقيقة ارتكاب هؤلاء لجرائمهم قبل اوسلو، ولكن الحكومة الاسرائيلية والجمهور الاسرائيلي يفضلون تعتيم ذلك بدل ان يعتبروا اطلاق سراح هؤلاء الاسرى خطوة تاريخية لمرة واحدة، تعبر عن روح المصالحة والاعتراف.

وتضيف ان الوزير بينت وبقية المعارضين للافراج عن هؤلاء الأسرى ينتفضون بادعاء "المس بالسيادة الاسرائيلية" لكنهم يتذكرون ذلك فقط عندما يكون اطلاق سراحهم مرتبطا بدفع عملية مصالحة واقامة الدولة الفلسطينية. فهؤلاء الاسرى لم يحصلوا طوال ثلاثة عقود امضوها في السجن على أي حقوق متساوية يستحقونها كمواطنين، كما يتضح من مقارنة مع الاسرى المعتقلين اليهود الذين يعتبرون "امنيين" او "ايديولوجيين"، وعلى سبيل المثال "عصابة بات عاين" السرية، او القتلة يورام شكولنيك، وعامي بوبر ويونا ابو روشمي، رغم ان الاجراءات المتعلقة بفترة اعتقالهم لم تكن مساوية لتلك المتعلقة بالأسرى العرب. فهؤلاء الأسرى لم يحظوا بأي اجازة ولم يسمح لهم بالزواج واقامة اسرة خلال فترات اعتقالهم، كما سمح لعامي بوبر ويغئال عمير. ولم يتم تقليص مدة محكوميتهم. وترى بن ناتان ان اطلاق سراح الأسرى العرب سيتم اعتباره خطوة حقيقية نحو الاعتراف والغفران وتصحيح الغبن حتى من قبل المواطنين العرب في اسرائيل، بروح توصيات لجنة اور. كما ان هؤلاء الناس الذين امضوا في السجن فترات تتراوح بين 25 و30 سنة تغيروا ولا يشكلون خطرا، فقد تقبلوا طريق المصالحة من خلال الحوار والدبلوماسية، وشجبوا الارهاب ضد المدنيين. الا ان اسرائيل تفضل عدم سماع هذا الشجب، وبدل ذلك تعمل على تأجيج نار الانتقام والتعصب القومي.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]