عقب الاتحاد المسيحي في الاراضي المقدسة اليوم الاربعاء فيما يتعلق بخبر ارسال طلبات التجنيد غير الالزامية للجيش الاسرائيلي الى الشباب المسيحي في بيان اصدره وصلت نسخة منه لموقع بكرا يلخص فيه موقفه بالعنوان:" مسيحيتنا تملي علينا واجب العمل لفرض المحبة كجنود سلام لا كجنود قتال".

ومما جاء في البيان:" باسم الاب والابن والروح القدس الاله الواحد امين.... ان الاتحاد المسيحي في الاراضي المقدسة هو جمعية مسجلة وحركة اجتماعية صاعدة تعمل لمصلحة المسيحيين في البلاد وترى بمصلحتهم البوصلة الموجهة لها بعد مرجعيتها الاولى وهي تعاليم الرب يسوع المسيح والاباء القديسين.

الحفاظ على ما تبقى من الوجود المسيحي

ان مؤسسي الاتحاد المسيحي واعضائه قطعوا على انفسهم عهدا بخدمة شعبهم وكنائسهم بدون مقابل او اجر وجعلوا نصب اعينهم هدفا واضحا بالحفاظ على ما تبقى من الوجود المسيحي في ارض المسيح سالما مسالما وامنا مرتاح البال ذو مرجعية وهوية واضحة يتحلى بالانتماء لكنيسته وقيادته.

ان الاتحاد المسيحي في مرحلة بلورة رؤيته العامة ودراسة خطواته المستقبلية ورص صفوف العاملين فيه وتجنيد شريحة من الشباب المسيحي الفعال في المجتمع, الا ان المستجدات الطارئة التي بدأت تطفو على السطح في الشأن المسيحي اقلقت القائمين عليه واثارت واجبهم اتجاه فكرهم وابناء شعبهم وكان لا بد من هذا البيان.

المسيحيون في وضع لا يحسدون عليه

ان المسيحيين في البلاد هم بوضع لا يحسدون عليه, فمن جهة, وعلى الرغم من كونهم اقلية عددية هم يتمتعون بخصائص وخصال ايجابية هي مدعاة فخر لنا وللمجتمع العام. الا ان اوضاع الشرق والبلاد باتت اقوى منهم واضحت تضييق عليهم من كل الجبهات. ولربما الازدياد المقلق بنسبة هجرة المسيحيين وتضخم ازمة الهوية في صفوفهم هما اكبر دليل على ضيق حال المسيحيين.

الاتحاد المسيحي يعترف بالدولة الاسرائيلية

وفي ظل هذه الاوضاع المؤسفة لا نرى الا محاولات استغلال وتوجيه اوجاع ابناء شعبنا لخدمة مصالح شخصية او غير شخصية من عدة اطراف من اقطاب مختلفة بات ابرزها اليوم دعاة تجنيد شبابنا في صفوف الجيش الاسرائيلي فما كان لبعض شبابنا ان ينجر وراء تلك الدعوات التي تتنافى مع كل مبدأ ومنطق مسيحي لولا تلك التضييقات والاوضاع الرثة. وعلى نفس الصعيد, تسعى حركات واحزاب مختلفة, في المقلب الاخر من الخارطة السياسة, لتوظيف مثل هذه المساعي لمصالحها الضيقة فنراهم يتسارعون لاستقطاب الشباب المسيحي الى مسارات باتت عديمة الجدوى عدى عن سياسة الكيل بمكيالين والسكوت عن مظاهر اكثر قلقا, كالتطرف الطائفي والفكر التكفيري, وتصويب اغلب سهامهم صوب المجتمع المسيحي لما يعانيه من تشرذم وانعدامه لقيادة حقيقية.

نرفض بشكل قاطع تدخل شبابنا عسكريا لأي طرف كان 

الاتحاد المسيحي يعترف بالدولة الاسرائيلية وحقها بالدفاع عن نفسها كما يعترف بحق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته الحرة والمستقلة ويرى بذلك الحل لهذا الصراع الطويل ويصلي لإنهائه بسلام. ومن هذا المنطلق, نحن نرفض بشكل قاطع تدخل شبابنا عسكريا لأي طرف كان لما يترتب على ذلك من تناقضات اخلاقية ودينية.

التجنيد خطر حقيقي

كما ونرى بالتجنيد خطر حقيقي على وجود شعبنا المسيحي لأنه سيكون سببا مباشرا وراء تراجع التفوق الثقافي لشبابنا وارتفاع نسبة الجريمة المتدنية حاليا في اوساطهم وتوسيع ازمة الهوية المتفاقمة اصلا واشعال نيران الفتن الحارقة مما سيؤدي لزيادة نسبة الهجرة من البلاد وبذلك سيزيد التهديد على وجود شعبنا العريق.

وعلى هذا الصعيد, لا يمكننا تجاهل محاولة البعض بفرض "لهجة جديدة" على مجتمعنا المسيحي تهدف للربط بين الحقوق والواجبات. اولا, لوقاحة هذا الطرح وعدم دستوريته. وثانيا ,لكوننا نرى بمواطنيتنا في دولة اسرائيل كمواطنة كاملة متممة لكافة واجبتها من دفع جميع المستحقات الضريبية, احترام القانون وسيادته وحتى العمل لاجل الصالح العام, وذلك بالرغم من معاناة المسيحيين, كما فئات عدة في المجتمع الاسرائيلي وخاصة المجتمع العربي, من التمييز الممنهج بحقهم وعدم نيلهم لكافة حقوقهم كباقي شرائح المجتمع. فأنه وبرغم هذا التمييز رفض المسيحيين دوما ربط واجباتهم المدنية (كدفع الضرائب واحترام القانون) بحصولهم على كافة حقوقهم, لذا نرفض اليوم ايضا سياسة ربط الحقوق بالواجبات وخاصة اننا لا نرى بالخدمة العسكرية كواجب. فمسيحتنا تملي علينا واجب العمل لفرض المحبة بين الاطراف المتنازعة كجنود سلام لا كجنود قتال.

كما ونود التأكيد على خطورة مشروع تجنيد المسيحيين فهو يحمل بطياته طروحات خطيرة حول الهوية ومسألة الاندماج في المجتمع الإسرائيلي.

فإننا لسنا ضد الاندماج الفعال والايجابي بمجتمع ديمقراطي ومتساوي الا اننا نرفض توظيف هذه المسألة في خدمة مشروع التجنيد وذلك للأسباب المذكورة أعلاه وايضا لقناعتنا ان لمثل هذه الطروحات نتائج عكسية وسلبية ستنتج حتما تشرذم في صفوف المسيحيين وخلق فئات متطرفة ,تارة ب"تأسرلها" وتارة بمعادتها للدولة مما يعود بالضرر على المسيحيين واخراجهم من نقطة التوازان التي لطالما نجحوا بالحفاظ عليها والحفاظ على العيش المشترك مع كافة مركبات المجتمع على اختلاف انتماءاته القومية, الدينية والطائفية.

ندعو للرفض

ولذلك ندعو ابناء شعبنا لرفض طلبات التجنيد, فهي غير الزامية, وكما ندعوهم لاحترام قانون الدولة وعدم الانجرار وراء اعمال تخل به مهما علت الشعارات الداعية لذلك والحفاظ على الرزانة والاخلاق التي هي من اهم صفاتنا كشعب حضاري وواع.

وقبل الختام, نؤكد ان رفضنا القاطع لمساعي تجنيد المسيحيين موجه صوب دعاته, واننا نرفض محاولة البعض بنبذ الشباب المتجند. فنحن لا ندين ابناء كنيستنا لاختيارات اتخذوها في مقتبل عمرهم لربما تحت تأثير خارجي او تحت تأثيرات ضيقات مختلفة ان كان على الصعيد الشخصي او الصعيد العام. وندعو الشباب المتجند او المتردد للرجوع ان امكن عن قرارهم وفي كل الاحوال الحفاظ على القيم المسيحية والابتعاد عن مناصب تجلب الاسى لأي فئة كانت وخاصة الفئات الضعيفة والبريئة من الشعب الفلسطيني.

وفي الختام, نتوجه لكافة المجتمع المسيحي داعينه الى التعقل والتروي بقراءة خارطة الاحداث كافة والحفاظ على الوحدة المسيحية كما وندعوكم للالتفاف حول الاتحاد المسيحي ومناصرته وتذويت نهجه وفكره المسيحي الخالص لان الاوضاع باتت تتطلب قيادة حقيقية واعية ومسيحية حقه لا تعمل الا لمصلحة شعبنا وبقائه الخالد في ارضنا المقدسة.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]