تحلُّ علينا، وعلى شعبنا العربي الفلسطيني في كل مكان، وعلى الأُمة العربية قاطبة، وعلى أحرار العالم، يوم الخامس عشر من أيار الذكرى السنوية السادسة والستين لنكبة الشعب العربي الفلسطيني، وِفقًا للتقويم الفلسطيني والعربي والدولي..

وعلى الرغم من أن تسمية النكبة لم تحمِل كل المعاني والمآسي الحقيقية، التي حَلَّت بالشعب الفلسطيني عام 1948، وما قبله وما بعده، إلاّ أنها مازالت جرحًا دَميمًا ونازفًا حتى يومنا هذا..

فقد تعرّض الشعب الفلسطيني، خلال النكبة، الى مجازر وقتل وتهجير جماعي، والى عملية تطهير عرقي، على أيدي مجموعات وقوّات صهيونية اسرائيلية، أدَّت الى ترحيل معظم أبناء هذا الشعب من وطنه، والاستيلاء على ارضه ووطنه، ومُصادَرة تاريخه وجغرافيته..
وما زالت النكبة تُعتبَر، وبحق، من أخطر الجرائم التي أُرتكبت بحق الإنسانية، خلال العقود الأخيرة، شهد العالم عليها وما زال يُشاهِد..!؟

وعليه، فقد كانت النكبة، ومازالت، الحدث المُؤسِّس للقضية الفلسطينية وللشعب الفلسطيني، الذي تحوَّل بمعظمه الى لاجئين خارج الوطن وداخله، كما أن النكبة، التي بدأت ما قبل عام 1948 وخلاله، لم تتوقف عمليًا وما زالت مُتواصلة الى يومنا هذا، الى جانب اسقاطاتها التي تتراءى أمام أعيننا..

وتحلّ علينا هذه الذكرى، هذا العام، في ظروف ومخاطر مَصيرية تمرّ بها القضية الفلسطينية ويمر بها الشعب الفلسطيني، لا تقلّ خطورة عمّا كان قُبيل النكبة..

فإذا كانت النكبة بمثابة تراجيديا وجودية على الشعب الفلسطيني، فإنه يمرّ اليوم بنكبة سياسية لها إسقاطات على وجوده وبقائه وتطوره في وطنه، إذا لم يجر تدارُك الأمر وإدارة هذا الصّراع بمستوى التحديات الحقيقية، التي لا تحتمِل العَبث ولا الترف، لا سيّما بعد سقوط جميع المحاولات والمشاريع لإجراء "تسوية سلمية" بين الشعبين في البلاد، جرّاء مواقف وإجراءات وسياسات المُؤسَّسة الاسرائيلية، من مواصلة تهجير الشعب الفلسطيني، بأداوت "ناعمة"، ومواصلة مَشاريع الاستيطان والتهويد والعدوان عليه، في جميع أماكن تواجده في وطنه..

مخاطر" يهودية الدولة"

وفي هذه المناسبة - الذكرى، فإن لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية الفلسطينية، في الجليل والمثلث والنقب والساحل، تُحذِّر من المخاطر التي تَتَهدَّد القضية الفلسطينية والوجود الفلسطيني أمام المشاريع الاسرائيلية، وفي مقدمتها مَشروع "يهودية الدولة"، وتدعو الى رفضه ومواجهته، لِمَ يحمله من إسقاطات خطيرة على حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وِفقًا للقرارات الدولية، وتجسيده بكون العودة حق، وعلى بقاء الشعب الفلسطيني في وطنه..

تحمُّل المسؤوليات السياسية والقانونية والإنسانية والأخلاقية

إن لجنة المتابعة العليا تدعو الهيئات والمنظمات الدولية والحقوقية، والتي تدَّعي الدفاع عن حقوق الإنسان، الى تحمُّل مسؤولياتها السياسية والقانونية والإنسانية والأخلاقية، بوقف نزيف النكبة وبترجمة الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، بإقامة دولته المستقلة وكاملة السّيادَة على أرض وطنه، وعاصمتها القدس.. وتُناشِد اللجنة القيادات الوطنية الفلسطينية، من مختلف الفصائل والحركات والاحزاب والمَشارِب، الى تحمُّل مَسؤولياتهم التاريخية والوطنية أيضاً، من خلال إنجاز واستكمال المصالحة الوطنية الفلسطينية على اساس الوحدة الوطنية والكفاحية الحقيقية، وتعزيزها وتطويرها في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي، والالتزام بما تمّ الاتفاق عليه في إطار هذه المصالحة، الى جانب ضرورة التمسُّك بالثوابت والحقوق الوطنية الفلسطينية..

وفي النهاية تؤكد اللجنة انه من حق الشعب الفلسطيني أن يعيش ويحيا ويتقدم، حُرَّاً كريمًا، كباقي الشعوب، على ارض وطنه، وأن إدراك وإرادة أبناء هذا الشعب قادرة أن تُترجِم هذا الحق العادل والطبيعي الى مشروع حياة، فالوطن ليس مجرّد مَسْكن، والوطن اكبر من السياسة، انه القيمة والمعنى، التي تربط بين الماضي والحاضر والمستقبل..

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]