كان علاء عودة يعبر حاجز زعترة العسكري جنوب نابلس باحثا عن لقمة عيش وسبيل ظن أنه آمن، وسبقه في العبور بالاتجاه الآخر بيني غانتس، رئيس هيئة أركان جيش الاحتلال، مشهدا العبور كانا في قمة التناقض، الأول ذهب للبحث عن الحياة فُمنح له الموت، والثاني ذهب الى "القبر" وتلى ترانيمه المعهودة وعادة بنشوة المنتصر بعد غزوة لمدينة نابلس و"قبر يوسف".

مر علاء أعزل فمنحه الجنود الموت، ومر غانتس مدججا بالسلاح برفقة فرق الموت وعصابات المستوطنين، فقدم الجنود مشهدا واقعيا من صور الموت الذي يرسمونه باستمرار على حاجز عسكري لعين، وكان علاء بمثابة قرن لذلك المشهد.

حاجز زعترة...يرسم الموت 

على حاجز زعترة ترُسم صورة الموت بشكل متكرر، والجنود هناك لا يحتاجون الى مبرر للقتل واطلاق النار، وتكفي أن تكون الهوية فلسطينية للحصول على وابل من الرصاص القاتل.

سقط علاء مضرجاً بدمائه على حاجز زعترة، وحول جثته تجمع جنود ومستوطنون وخبراء متفجرات وكلاب بوليسية، والكل هناك يدرك في ذاته أن علاء كان ضحية جندي اعتاد على التلذذ بقتل الفلسطينيين، بينما سارعت وسائل اعلام اسرائيلية الى بث صورة مشوشة لجندي اسرائيلي يتلقى العلاج على الحاجز، في محاولة لتبرير جريم قتل علاء.

شهود عيان أكدوا لـ"بكرا" أن علاء قُتل بدم بارد، ولم يشكل أي خطر على الجنود، كما حاول الاحتلال تبرير جريمة القتل، وأن علاء كان يسير مشيا لعبور الحاجز بهدف تسلم بضائع عبارة عن هواتف نقالة من أحد التجار، وقرر أن يعبر مشيا لتجنب الازدحام الموجود هناك، لكن جنود الاحتلال كان لهم قرار مختلف فأطلقوا النار باتجاه علاء وأصابوه في قدميه، وبعدها مباشرة أمطروه بوابل من الرصاص، فاستشهد وانضم لآخرين سبقوه الى الموت بذات الطريقة وفي المكان نفسه.

منع سيارة الإسعاف من تقديم العلاج له فمات

مات علاء، ووصلت سيارة الاسعاف الفلسطينية الى المكان، فمنعها الجنود من الاقتراب، وقرروا مصادرة الجثمان الى أجل غير معلوم، وزرعوا في بيت فلسطيني حسرة جديدة.

انقشع الليل وأعاد الجنود تمركزهم في الصباح، وفي مكان ما زالت رائحة الموت وبقايا دماء تفوح فيه، نظرات الجنود هي ذاتها، وتزرع في نفس المواطنين اعتقادا أن كل فلسطيني قد يكون مصيره مثل علاء.

وكانت قوات الاحتلال ادعت أن علاء حاول اطلاق النار على الجنود، الا أن ذويه وشهوداً عيان أكدوا أن ذلك كله ليس الا محاولة من الاحتلال لتبرير عملية قتل وقعت بدم بارد.

وأكدت عائلة الشهيد أن علاء اعتاد على تسلم بضائع لمحله من تلك المنطقة، وكان يسير في سيارة نقل عمومي، ونزل منها على الحاجز لكن رصاصات الموت كانت أسرع اليه من بضائعه ومنعته من العودة "سالما" الى أهله.

في بلدة حوارة التي ينتمي اليها الشهيد كان المشهد أسود، والحزن هو المسيطر، وأطفال علاء الاثنان يراقبان الناس بدهشة الموت الحاضر، والأب الغائب قسرا في ثلاجة الاحتلال.

حوارة الغاضبة انتفضت أمس ضد جنود الاحتلال، فاندلعت مواجهات في شوارعها، بينما مساجدها تنعى بعد كل صلاة، شابا غاب عن البلدة بلا عودة.

تشييع الشهيد "عودة" بجنازة عسكرية بنابلس

وانطلق موكب تشييع الشهيد علاء عودة (31 عاما) ظهر الأربعاء من أمام مستشفى رفيديا بمدينة نابلس شمال الضفة المحتلة باتجاه بلدته حوارة جنوب المدينة.

وأفادت شهود عيان، بأن جنازة عسكرية شيعت الشهيد من أمام مستشفى رفيديا وحتى مبنى المقاطعة شرق المدينة، حيث سيتم نقله بعدها لبلدته حوارة للصلاة عليه وإلقاء عائلته نظرة الوداع على جثمانه، ومن ثم مواراته الثرى في مقبرة البلدة.

وكان عودة (30 عاما) استشهد في ساعة مبكرة من فجر أمس الثلاثاء، على حاجز زعترة المقام على بعد كيلومترات قليلة من البلدة بعد أن أطلق عليه الجنود عدة رصاصات قاتله استقرت في جسده.

وعودة متزوج وله طفلان ويعمل في محل لتصليح الهواتف النقالة في البلدة وهو ليس الأول الذي يقتل بدم بارد على هذا الحاجز العسكري.
وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي سلمت جثمان الشهيد عودة إلى ذويه ليلة أمس بعد احتجازها لعدة ساعات.

وقد سلم جثمان الشهيد عودة على حاجز عورتا شرق مدينه نابلس، قبل أن ينقل إلى مستشفى رفيديا الحكومي بمرافقة عشرات المركبات وعدد كبير من مواطني بلدة حوارة ومدينة نابلس.

ومنذ صباح اليوم، تدور مواجهات بين سكان البلدة وقوات الاحتلال التي أغلقت الطريق الرئيس الذي يخترق حوارة أمام المركبات.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]