عند ساحل البحر الأدرياتيكي وعند أقصى جنوب كرواتيا وفي منطقة دالماثيا تستريح إحدى أجمل المدن المشرفة على البحر الأبيض المتوسط: دبروفنيك، المدينة الأكثر إزدهارًا وأناقة في كرواتيا.

تمتد على مساحة ستة كيلومترات من الشمال إلى الجنوب حيث تحتشد كل المعالم التاريخية في وسط المدينة العتيقة. تعود شهرة دبروفنيك السياحية إلى العام 1897حين بدأ تشييد فندق إمبريال. وبحسب الـ CNN فإن دبروفنيك واحدة من أفضل عشر مدن قروسطية تزنّرها الأسوار التاريخية في العالم.

عندما تزورين دبروفنيك يصعب عليك أن تتخيّلي أنك لن تعودي إليها مرة أخرى، فالجمال المدهش لـ Stradun، والطريق الرئيسية للمدينة العتيقة المرصوفة بالرخام والمزيّنة بالأبنية الباروكية الملحفة بوميض الأدرياتيك، من التفاصيل التي تغريك بإعادة إكتشافها مرة تلو الأخرى.

المدينة العتيقة ومرفأ بيل Pile
يعتبر مرفأ بيل نقطة انطلاق زيارتك لدبروفنيك، فهذا الميناء الرائع شُيّد عام 1537، وفي سالف الأزمان كان جسره المتحرك يرفع كل مساء، وتقفل البوابة ويعطى المفتاح إلى الأمير. وعند قبّة قوس تاريخي يسكن مجسّم لسيد المدينة في عصر النهضة سانت بليز.
بعد عبور البوّابة الرئيسية تصلين إلى البوابة الداخلية التي تعود إلى عام 1460 ومن ثم يبدأ اكتشاف بلاكا Placa، وتسمى راهنا سترادون.
هنا أطلقي العنان لنزهة على القدمين وسط عالم يحتشد فيه الجمال المعماري، حتى تصلي إلى أقصى المدينة العتيقة لتجدي نفسك وسط ساحة لوتزا حيث أُنشئت سوق عصرية.

ينبوع أونورفيو
يعتبر ينبوع أونورفيو واحدًا من المعالم الرائعة في دبروفنيك. شيد عام 1483 وهو جزء من نظام إمدادات مائية تأتي من نبع متفجّر يبعد 12 كيلومترًا.
يتوسّط الينبوع حجرة مقببة ودائرية جاءت على شكل قلعة صغيرة تضررت بشكل كبير خلال زلزال 1667 ولم يبق من منحوتاتها سوى 16 قناعًا منحوتًا على الجدار الدائري يخرج الماء من فوّهات الأقنعة.

دير الفرنسيسكان
يعود تاريخ هذا الدير إلى القرن الرابع عشر وهو واحد من أجمل المعالم الأثرية المشيّدة على النمط الروماني في مرحلة متأخرة من فترة الدالماثيان، يتميّز بأعمدته الرفيعة المتوائمة والمتوّجة بمنحوتات وزخارف بأشكال مختلفة.
أما حديقة الدير فهي بستان برتقال وبلح. تخيّلي كيف أن زهر البرتقال يفوح في هذا البستان خلال الربيع. وقرب الدير توجد ثالثة أقدم صيدلية في أوروبا افتتحت عام 1317 وربما هي أول صيدلية افتتحت للعامة، و لا تزال تؤدي دورها إلى يومنا هذا.
فلمَ لا تجدين حجة ألم الرأس وتدخلين إلى الصيدلية وتخوضين مغامرة شراء مسكن من عالم القرون الوسطى!

قصر الحاكم
شُيّد هذا القصر ليقيم فيه حاكم دوبرفنيك، ويضم مكتب الحاكم وشققه الخاصة وصالات للمؤتمرات ومكاتب إدارية. كان الحاكم يُنتخب كل شهر، ولم يكن يحق له خلال مدة تفويضه مغادرة المبنى إلا بموافقة مجلس الشيوخ.
واليوم تحوّل القصر متحفًا بعدما رُمّمت صالاته لتعرض فيها اللوحات والخزائن والنقود التي تستحضر أمجاد دوبروفنيك الماضية.

قصر سبونزا
يعود هذا القصر إلى القرن الرابع عشر وكان مقر الجمارك وبيت المال، وضم مصرفًا وكنزًا. يجمع هذا المعلم التاريخي النمط القوطي وفن عصر النهضة، ويضم شرفة رائعة تقوم على ستة أعمدة بنمط عصر النهضة، ونوافذ بنمط الفن القوطي الحديث تُزخرف الطبقة الأولى للمبنى، فيما الطبقة الثانية متوّجة بنوافذ مزخرفة بأسلوب عصر النهضة وتضم مهجعًا يتوسّطه مجسّم للقديس بليز.

المدينة العتيقة والأسوار

لن تكتمل زيارتك لدبروفنيك إلا بنزهة تمتد على مساحة الأسوار الأجمل في العالم والتي تزنّر المدينة لتكون فخرها التاريخي.
شُيّدت الأسوار بين القرنين الثالث عشر والسادس عشر. هنا على هذه الأسوار سيري ولا شيء تخشينه، فالتاريخ لا يزال كما هو عند هذه الأسوار العريضة التي حمت ”الجمهورية المدنية” التي استمرت خمسة قرون.
إمشي فوق الأسوار واستمتعي بمشهد عزّ نظيره في العالم، وافتحي ذراعيك لزرقة المتوسط الممزوجة بزرقة الأدرياتيكي، وتخيّلي نفسك طائر النورس يرتاح على أسوار التاريخ.

تليفريك دوبروفنيك
أجمل مغامرة يمكن أن تخوضيها هي ركوب تليفريك دبروفنيك الذي يحلّق بك خلال أربع دقائق فوق الأسوار ليوصلك إلى قمة سترادون التي يبلغ ارتفاعها 405 أمتار.
هنا عند القمّة سوف تخضعين لسحر المدينة، فالمشهد عز نظيره بفضل البيوت القرميدية للمدينة العتيقة التي تبدو كأنها شخوص بقبّعات حمراء تتأمل تاريخها تحت الأفق الأزرق.
أما جزيرة لوكرون وجزر إلافيت Elphites السابحة في الأدرياتكي فتبدو حوريات بحر تتشمس وسط الأزرق اللازوردي غير آبهة بتيارات الزمن الإنساني وأمواجه المتبدّلة.

التسوّق في دوبروفنيك
كل تفصيل في دوبروفنيك يثير فيك شهيّة التسّوق، فهذه المدينة تعدك بكل أنواع التسوّق... في برج سان دومينيك القروسطي، يبدو التسوّق كرواتياً بامتياز بدءًا من المنتجات التقليدية مثل زيت الزيتون والعسل والكمأ، إلى اللوحات التي يبتكرها فنانون محليون.
وقرب قصر الحاكم يوجد بوتيك كرواتا الذي يبيع فقط ربطات العنق الحريرية المصنوعة في دوبروفنيك، وتوضع ربط العنق في علبة تقليدية كتب عليها تاريخ ربطة العنق وأن كرواتيا ابتكرتها في القرن السابع عشر (اسم ربطة العنق ”كرافات” مأخوذ من كرواتيا).
أما وسط المدينة العتيق فهو فردوس تسوّق الماركات العالمية لأرقى دور الأزياء، وما عليك سوى إطلاق العنان لبطاقة الإئتمان إذا كانت ميزانيتك في مأمن...

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]