القصف الجوي الاجرامي الاسرائيلي على غزة متواصل منذ أكثر من أسبوعين، والقوات البرية الاسرائيلية دخلت غزة بدباباتها وصواريخها ومدافعها، فلا القصف الجوي، ولا الحرب البرية حققت أهدافها بضرب المقاومة الوطنية الفلسطيبنية وقادتها في غزة، ولا استطاعت كسر إرادة المقاومة. وكلما اشتد قصف المحتلين للسكان في غزة، كلما اشتدت وتيرة المقاومة، وازدادت قوتها وعزيمتها في الدفاع عن قطاع غزة.

لقد اعتقد جنرالات الجيش الاسرائيلي استنادا إلى عنجيتهم وكبريائهم، بأنهم قادرين على إسكات المقاومة بطائراتهم، ولم يتعلموا الدروس من الحملات السابقة، ولم يستوعبوا شيئا من دروس المقاومة التي تجمع حولها كل أهل غزة شيبا وشباباً، نساءً ورجالاً، وحي الشجعانية خير مثال على ذلك.

رئيس الحكومة الاسرائيلية نتنياهو يعرف عنه بأنه كاذب ومخادع، وهذا بشهادة الأمريكيين والأوروبين وحتى بشهادة بعض أبناء جلدته في الكنيست. فعندما يقول نتنياهو، إن المرحلة الثانية من الحرب على غزة، هي المعركة البرية على اعتبار أن المرحلة الجوية حققت أهدافها، فهذا محض كذب وافتراء. لأن أهداف الحملة لم تحقق سوى قتل البشر ولا سيما المسنين والأطفال والنساء وتدمير الحجر والشجر.

وبالرغم من عمليات القتل والدمار، ظلت صواريخ المقاومة مستمرة في السقوط على مدن وبلدات إسرائيلية في أماكن مختلفة في الوسط والشمال والجنوب، ولا سيما على تل أبيب وحيفا، حتى وصلت إلى مطار بن غوريون الدولي وشلت حركته، الأمر الذي يعكس مدى صمود المقاومة وقدرتها على المواجهة.

الغريب في الأمر، أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، المفترض به أن يكون حليفا للمقاومة الفلسطينية في غزة، التي تواجه جيشا شرسا مدججا بكل أنواع الاسلحة التقليدية والفتاكة، نراه يتخذ موقفا مغاير تماما، ويقوم بدور الوسيط للقيادة السياسية الاسرائيلية على حساب دم شهداء غزة، وكأنه تنكر لفلسطينيته، ويعتبر نفسه طرفا غريبا يريد أن يتدخل فقط بتقديم مبادرة تم مباركتها مسبقا من إسرائيل.

اقتراح عباس بمجمله، هو لصالح إسرائيل وليس لصالح المقاومة الفلسطينية، ولا جديد فيه، وهو ليس سوى إعادة للمبادرة المصرية، هذه المبادرة التي وصفوها بـــ "مبادرة تهدئة"، كما أن الاقتراح المعيب يأتي من رئيس سلطة فلسطينية تعتبر غزة جزءأً منها، فبدلاً من الاعلان عن وقف المفاوضات نهائيا مع المحتل الاسرائيلي إكراما لشهداء غزة، نرى عباس يفعل العكس تماما، ويحاول إنقاذ إسرائيل من مستنقع غزة من خلال اقتراح لوقف إطلاق النار، ولذلك يقوم عباس وزمرته بدور الوسطاء مبيحين بذلك دم الشهداء.

ويبدو أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس فقد الدم الفلسطيني الحقيقي، وتحالفه مع حاكم مصر عبد الفتاح السيسي، يدل على تفضيل الجندي الاسرائيلي على المقاوم الغزي. وإلا كيف نفهم قيام سلطات السيسي يإغلاق معابر غزة مع مصر في وجه الجرحى الغزيين، وكيف نفهم الموقف الاأخلاقي لعباس مما يرتكبه الجيش الاسرائيلي من جرائم في قطاع غزة.

ولو كان عند عباس ذرة واحدة من الكرامة الوطنية الفلسطينية، لما اتخذ هذا الموقف المخزي من غزة، وإذا فقد الانسان كرامته فقد كل شيء. 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]