ودّعنا الشهر الفضيل، وقد حمل معه غنائم وأمانات من اعمالنا وحسناتنا قمنا بها خلال 30 يومًا، فمنا من اغتنمه واستغله كما يجب وكما هو مفروض بالعبادة والطاعة والتقرب من الله وإطعام الفقير ومساعدة المحتاج، ومنا من اخذته هموم الحياة بعيدًا عن حلاوة عيش الشهر الفضيل كما طلب منه، لكن بجميع الاحوال يحل علينا عيد الفطر السعيد حاملًا معه أملًا جديدًا وبسمةً ترتسمُ على شفاه الجميع، من صامَ ومن لم يصُم، كبارًا وصغارا، شبابًا وشيبا، يحمل في طياته معنىً يمدنا بالطاقة، لننهض ونبدأ من جديد .. هذا هو العيد.

تعودنا منذ ان كنا صغارًا أن نقف طوابيرا لا تنتهي في محلات الملابس، حتى نقتني ونشتري اجمل ما في المحلات، من ثم نذهب الى البيت لنجد الوالدة مجتمعة مع نساء الحي حول طاولة ارضية كبيرة "طبلية" يقمن بصنع الكعك، كعك العيد والحلويات المختلفة، يتنافسن في صنع افضل أنواع كعك.

حركة بارزة كانت تشهدها قرانا ومدننا تحضيرًا وتمهيدا للعيد، ومع تقدم السنين وفي ظل الحروبات والقصف ومناظر الدماء التي تشهدها المنطقة اصبحت هذه المعالم الاساسية تختفي شيئا فشيئا او تتقلص، فلا نساء حارة يصنعن الكعك، ولا طوابير لشراء ملابس ولا تجمعات سكانية احتفالًا بقدوم الفطر .

وكأن العيد اصبح حملًا ثقيلًا أو همًا يجب ازالته والتخلص منه سريعا عند البعض، فتجدنا ننقاد كالآليين لاقتناء ابسط الأمور والكماليات، فقط، وكما هو متداول فإن التجهيز للفطر يبدأ بالنصف الثاني من رمضان، وهذا لم نره أبدا هذا العام، هموم الحياة المعقدة والمشاكل الاقتصادية والاجتماعية والتباعد بين الاقارب وغلاء المعيشة والحرب التي طال همها الجميع، جميع هذه الظروف جعلت من العيد فترة صعبة جدا يجب قضاءها بحذر وحيطة، حتى انه قد اخذ منحنى اخر عند بعض الاشخاص، منحنى سلبي جدا، بسبب المظاهر الكاذبة التي يتراكض اليها البعض والتبذير التي يقومون به دون أي حاجة أو اعتبار أو حتى مساهمة ومساعدة للغير، فقد العيد معناه الحقيقي، فاصبح الإقبال على المراكز التجارية ضعيف، وزيارات الاقارب والمحبة والتواصل بين الاقارب شبه معدوم، قطعنا الارحام التي وصانا الله تعالى بوصلها، منا من بعثر وبذر ومنا من اخذته هموم الحياة الاقتصادية بعيدا عن فرحة العيد فتعزيه مقولة "العين بصيرة واليد قصيرة" ومن من لا يجعل يده مغلولة الى عنقه ولا يبسطها كل البسط، فخير الامور الوسط، أن يقضي المرء العيد بحسب امكانياته وظروفه دون البخل ودون التبذير، وحتى هنالك بعض الاشخاص الذين لا يشعرون بفرحة العيد ابدًا بسبب الحرب وتضامنا مع أبناء شعبنا الفلسطيني الذين يعيدون تحت القصف والنار في غزة، وهذا هو الرأي والموقف الغالب الذي اتخذه بعض الاشخاص خلال التقرير الذي قامت به مراسلتنا لرصد اجواء العيد في منطقة الناصرة.

نرمين دويري: الحروبات والدماء الذي وصل اليها العالم وانعدام الانسانية هم اسياد الموقف حيث اصبح لا قيمة للإنسان

نرمين دويري من مدينة الناصرة قالت لبكرا : الأوضاع صعبة جدا من جميع النواحي، لا يوجد فرحة للعيد العيد جاء بدون ملامح، الناس تملأهم الهموم والاحزان التي غلبت على الاجواء، العالم يمر في فترة حرجة جدا وخاصة دول الشرق الاوسط، حيث اختفت ملامح الفرح والراحة، الجميع يعاني والجميع يتضامن مع اهلنا واطفالنا وشعبنا في غزة هاشم، عن اي عيد نتحدث والاطفال والنساء تحت القصف هناك، يزورهم الموت يوميا دون شفقة او رحمة.

واسهبت دويري قائلة: حتى التقاليد والعادات الجميلة التي كنا نشهدها في الايام الاخيرة من الشهر الفضيل وعند اقتراب العيد اختفت، كلٌّ مشغول بنفسه وبهمومه، الحروبات والدماء الذي وصل اليها العالم وانعدام الانسانية هم اسياد الموقف حيث اصبح لا قيمة للانسان، الاطفال تذبح وتقتل في غزة هاشم والعالم يتفرج، والناس يُقتلون في العراق وسوريا على يد عصابات الفتنة ولا احد يحرك ساكنا، والفقر والقلة تملأ الاجواء، العالم في ضياع ليس هنالك اي مظاهر للعيد، والاسوأ من ذلك بان الوضع يزداد سوءا من عام الى اخر.

محمود سعدي: الناس يتوجهون الى جنين ومناطق الضفة الغربية لشراء حاجياتها اعتقادا منهم بان الاسعار هناك ارخص
اما محمود سعدي صاحب محل خضراوات في الناصرة اكد بدوره ان ملامح العيد اختفت منذ سنوات، حيث صرح لبكرا : أصبحنا نعاني بشدة من الاوضاع الاقتصادية الصعبة وخاصة في الناصرة، معظم المحلات التجارية باختلاف منتوجاتها تعاني من شبه انعدام في موضوع التجارة، معظم الناس يتوجهون الى جنين ومناطق الضفة الغربية لشراء حاجياتها اعتقادا منهم بان الاسعار هناك ارخص، المحلات التجارية في الناصرة تعاني بشدة، المدخول جدا بسيط، حتى اننا لا نرى زبائن من خارج البلد كما كنا قبل عدة سنوات.

واضاف سعدي :فرحة العيد معدومة، لا نشعر باقتراب العيد ابدًا، لا نشهد اي اجواء، حتى ان فرحة العيد انعدمت من داخل الناس ايضا بسبب المناظر التي نشهدها يوميا في وسائل الاعلام من حرب ودمار وقتل ابرياء، اصبح الجميع يعيشون في خوف، بسبب الاوضاع الاقتصادية الصعبة والاوضاع السياسية ايضا التي تؤثر بشكل كبير على نفسية الناس وعلى الوضع الاقتصادي للبلد ووضع التجارة ايضا.

ايهاب ابو ليل: تم الاتفاق على الغاء جميع الفعاليات والبرامج والمسيرات الاحتفالية الخاصة بالعيد
ايهاب ابو ليل من بلدة عين ماهل افتتح حديثه لمراسلة "بـُكرا" بآية استشهد بها من القرآن الكريم تدعوا الى التضامن والتعاطف مع من تنقصهم فرحة العيد قائلا "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداع له سائر الجسد بالسهر والحمى" صدق الله العظيم.

وتابع ابو ليل: في بلدة عين ماهل ليس هنالك اي قيمة للعيد في ظل الاجواء الراهنة، القلوب حزينة ومتعبة بسبب القتل والقصف على اهلنا في غزة وانا بصفتي المركز التنظيمي للقسم العربي ومركز فرع عين ماهل في حركة الشبيبة اؤكد بانه وبعد عدة مشاورات تم الاتفاق على الغاء جميع الفعاليات والبرامج والمسيرات الاحتفالية الخاصة بالعيد والتي نقوم بها كل عام خلال فترة عيد الفطر السعيد وذلك تضامنا مع اهلنا في غزة وحدادا على مصابهم.

واختتم ابو ليل حديثه قائلًا: نسأل الله تعالى ان يأتي رمضان والعيد القادم واهلنا والجميع ينعمون بالحرية الامان والسلام.

نجاة معامرة: نتمنى ان يتم ايقاف القصف على اهلنا في غزة فترة العيد على الاقل

أما نجاة معامرة من قرية الرينة فقالت : الضغوطات المادية التي يعاني منها مجتمعنا اليوم في ظل تضييق الخناق الذي تمارسه الدولة على مواطنيها، والحرب على اهلنا في غزة جعلت فرحة العيد شبه معدومة لدينا وأثرت بشكل سلبي على استقبال عيد الفطر هذا العام، نتمنى ان يتم ايقاف القصف على اهلنا في غزة فترة العيد على الاقل وان تفرج علينا وعليهم وان يعم السلام ارجاء المنطقة.

واضافت معامرة : ترتكز التحضيرات للعيد لدينا بتحضير الملابس وجميع مستلزمات العيد للعائلات المستورة، حيث من المعروف بأن عيد الفطر هذا العام جاء تزامنا مع افتتاح السنة الدراسية وموسم الاعراس، حيث يتطلب من رب الاسرة ميزانية كبيرة جدا ليقوم بتغطية جميع هذه المناسبات وعدم التقصير بحق مجتمعه وعائلته، بصورة عامة الاوضاع الاقتصادية في الدولة صعبة جدا وتسوء من عام الى اخر مما يؤدي الى زيادة في معاناة الاهل خاصة في ظل استقبال جميع هذه المناسبات في آن واحد، فهنالك ضغوطات كبيرة يعاني منها الاهل هذا العام مثل اقتناء ملابس العيد لصغارهم وملابس المدرسة بمناسبة اقتراب افتتاح العام الدراسي الذي جاء تزامنا مع الشهر الفضيل وعيد الفطر السعيد وتحضير المستلزمات وكعك العيد ومتطلباته، اضافة الى التزامنا فيما يتعلق بموضوع الاعراس والمناسبات السعيدة التي تكثر في الصيف كجزء هام من تقاليد وأعراف مجتمعنا التي يصعب التخلي عنها بغض النظر عن مدى تأثيرها على المجتمع العربي سلبيًا أو ايجابيا، جميع هذه المناسبات تضع الأب والأم داخل دائرة محكمة الاغلاق مع ارتفاع الاسعار في الاسواق، فتزداد صعوبة التحضير للعيد عاما بعد عام ويسوء الوضع اكثر.

صالح كريم: يجب ان نراعي مشاعر العائلات الفلسطينيه المنكوبه وان تقتصر احتفالات العيد على صلة الارحام والزيارات

وقال صالح كريم من بلدة كفركنا : أعتقد انه في ظل الحرب المفتوحة على غزة نحن في الداخل الفلسطيني يجب ان نراعي مشاعر العائلات المنكوبة وان تقتصر احتفالات العيد على صلة الارحام والزيارات وتجنب المظاهر الاحتفالية للعيد ان كان ذلك من مسيرات احتفاليه او مفرقعات او المظاهر العامة للعيد تضامنا مع شعبنا الفلسطيني في غزة.

ديانا دويري: لو قام العرب بمقاطعة اليهود والشراء من محلات الناصرة لكان وضعنا المادي افضل

وعقبت ديانا دوير من الناصرة صاحبة مكتبة بحرقة قائلة :الوضع مبكي جدا ألمنا لا يوصف، الناس حزينة وخائفة جدًا والمشتريات خفيفة جدًا، الحركة التجارية ضعيفة، نحن على هذا الوضع منذ فترة، الناس تثقلها الهموم بسبب الديون وشح العمل والمؤلم اكثر ان الناس بالرغم من اوضاعها الاقتصادية الصعبة فإنها تقتني حاجياتها من المجمعات التجارية وفقط ماركات، أي بضعف السعر، حيث يدفعون مبالغ كبيرة.
واضافت دويري :يجب دعم التجارة بالناصرة، لو قام العرب بمقاطعة اليهود والشراء من محلات الناصرة لكان وضعنا المادي افضل، كما انه في ظل الحرب على اهلنا في غزة نشهد انعدام تام لمظاهر الفرحة، لا احد يريد ان يعيد.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]