إيمان مجاهد -23 عاما-، أم في مقتبل عمرها تمسك يد ابنتها البكر منى التي لم تتجاوز الثلاث سنوات، وتذهبن سويا من الطوري في القدس الى مصاطب العلم في المسجد الأقصى.

رباط الام وابنتها ليس جديدا، فمنذ بلغت الطفلة 11 شهرا، جلبتها أمها الى حلقات الرباط لتتعلق الطفلة بعدها بكل ما يمتّ للأقصى بصلة وتجسد كلمة "ترعرعت بالأقصى" واقعا يمشي على الأرض.

"تيقظني صباحا لنذهب إلى الأقصى".

تقول ايمان "منى خطت أولى خطواتها وتكلمت أول كلماتها هنا في الأقصى، كنت دائما أجلب معي طعامها ولباسها الى الأقصى لنقضي فيه معظم النهار".

تروي الأم بفخر كيف أن طفلتها الصغيرة توقظها صباحا لتطلب منها أخذها الى الاقصى، وتصف أن "منى" أصبحت معتادة على الاستيقاظ مبكرا والذهاب للرباط.

العائلة في مصاطب العلم .

منذ صغرها كانت الام "ايمان" تذهب بعد مدرستها القريبة من الأقصى لتصلي الظهر فيه، وتقول:" أنا كل اشي له علاقة بالأقصى بموت فيه، انا روحي معلقة هون".

ايمان ليست وحيدة هنا، فأمها وأختها يرابطن أيضا في مصاطب العلم ،ويساعدنها برعاية ابنتها الصغيرة، فهذه العائلة جمعها حب المسجد والرباط فيه .

مضايقات على الأبواب.

على الرغم من أنها كانت تحمل الصغيرة وتدخل الأقصى يوميا، لكن ذلك لم يشفع لها من احتجاز الشرطة الاسرائيلية لهويتها.

وتتحدث بحنق كيف أن الشرطي الاسرائيلي يحاورها مرار لثنيها عن القدوم الى المسجد بحجة أن ما تفعله شاق ! تقول ايمان بفخر :"علمت صغيرتي منى أن اليهود صهاينة جبناء، فأصبحت كلما مرت على ملأ منهم قالت بأحرفها المتلعثمة "صهيوني جبان "، أنا أفرح لذلك وأتباهى بشجاعة صغيرتي.

تكبير الطفلة منى عند الاقتحامات .

العجيب اللافت أن اعتياد الطفلة منى على أجواء المسجد الأقصى بلغ أن تصدح بالتكبيرات مع المرابطين عند الاقتحامات الاسرائيلية، ليس هذا فحسب بل تقول أمها أنها مرّت يوما ما من جانب يهودٍ مقتحمين، فما كان من طفلتها أن كبرت تلقائيا بدون ارشاد أو توجيه، ما جعل الأم ترى غراس الرباط قد أينع في ابنتها .

فرصة لإكمال تعليمها الجامعي بمصاطب العلم.

قبل حملها بمنى ،بدأت ايمان بتلقي التعليم الجامعي في جامعة القدس المفتوحة ،لكن عندما جاءتها البشرى بحمل ابنتها، اضطرت لترك الجامعة .

تقول ايمان بفرح "والآن مصاطب العلم وفرت لي فرصة اكمال تعليمي الجامعي بمجال الخدمة الاجتماعية، أنا اذهب الى الاقصى مع ابنتي وأكمل تعليمي ايضا، مكثت سنة ونصف الى الآن في المصاطب انا وابنتي ".

"إن حملت بطفل آخر سأحضره أيضا إلى الأقصى".

في اليوم الذي تتغيب فيه ايمان وابنتها عن الأقصى تشعران بضيق، وأن شيئا ما ينقصهن، لقد اعتدن على المسجد.

تضيف ايمان :"عندما يسألني زوجي أين تحبين أن نذهب للترفيه، أقول له الأقصى ،هو مكان الراحة بالنسبة لي ".

الأم برفقة صغيرتها تطلب العلم في المسجد وقد ساهمت أيضا كمعلمة في مخيم ربيع الأقصى الحالي.

أخواتها من المرابطات يحببن منى كثيرا ولا يتذمرن من بكائها أحيانا ،بل يساعدنها ويقفن بجانبها .

تختم ام منى: "رسالتي الى جميع الأمهات ،لا تدعي أي شيء يشغلك عن الأقصى ،اجلبي أطفالك واعمري بيت الله ،فهو ما تبقى لنا من كرامتنا وعزتنا ".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]