ليس هنالك أدنى شك بأن ظاهرة "العنصرية المُعلنة" تعتبر من أكثر الظواهر التي برزت في الفترة الأخيرة في اسرائيل، فقد باتت التصريحات والممارسات العنصرية أمر طبيعي ويومي لدرجة أن الذي ينتقد العنصرية أصبح هدفًا للتحريض والشتم من قبل المتطرفين.

مؤخرًا رأينا وسمعنا عن أحداث كثيرة، فصل موظفين وعاملين عرب بسبب مواقفهم تجاه العدوان على غزة، منع عاملين عرب من التحدث بأماكن العمل بلغتهم العربية، كتابات وعبارات مسيئة، قتل في القدس على خلفية عنصرية، مظاهرات معادية للعرب ولليهود اليساريين، شتائم عنصرية للاعبي كرة قدم في الفرق الكبيرة من قبل المشجعين، شتائم حتى على من يصرح ضد العنصرية حتى ولو كان رئيس دولة اسرائيل روبي ريفلين الذي لم يسلم من تصريحات اليمينيين وتحريضهم.

حق التعبير عن الرأي والتحريض

حول العنصرية بشكل عام والظواهر التي يعيشها الشارع الاسرائيلي مؤخرًا، كان لنا حديث مع المدير المشارك بجمعية سيكوي لدم المساواة المدنية، رون جيرلتس والذي تحدث بالبداية عن الحد الفاصل بين التعبير عن الرأي والاعتداء والتحريض فقال : طبعًا هنالك فرق بين حق التعبير عن الرأي وهو حق ديمقراطي وبين التحريض والاعتداء على حرية الغير، ولكن يجب التنويه أن قانون حق التعبير عن الرأي وجد لكي يعبر الأشخاص عن رأيهم بأمور قد لا تعجب أطراف أخرى، إن كانوا يهودًا أو عربا ولو لم يكن كذلك لما كان هنالك حاجة لمثل هذا القانون، أي بكلمات أخرى يحق للشخص أن يعبر عن رأيه حتى لو كان لا يعجب الآخر ولكن حرية التعبير عن الرأي تنتهي عن التحريض على الغير، فالتحريض هو اعتداء على حرية الغير وهذا أمر يجب أن يكون مفهومًا ايضًا.

هنالك صراع اسرائيلي داخلي بين اليمين والطرف المعتدل

ثم تحدث جيرلتس عن الشارع الاسرائيلي وموجة العنصرية القوية التي يشهدها وقال : نعم هنالك موجة عنصرية كبيرة ومخيفة في الشارع الاسرائيلي ضد العرب ولكن مهم جدًا التنويه أن هذا الفكر العنصري لا يمثل كل الشعب الاسرائيلي، حيث أن قسم كبير جدًا من الشعب الاسرائيلي يهدف للعيش المشترك ويرفض كل أشكال العنصرية، وهذا الطرف هو أكبر من الطرف الآخر، ولكن الطرف الآخر يظهر أكثر لأن أفكاره وتصريحاه وأفعاله مثيرة وتجذب الانتباه، فاليمين المتطرف يعتبرنا نحن اليساريين والمعتدلين اعداءً كما يعتبر العرب وهنالك صراع بين الطرفين، لا أعرف لصالح من سينتهي، نتمنى أن ينتهي لصالح الجهة المعتدلة والتي على حق.

وحول موقف الشارع الاسرائيلي من القضية الفلسطينية قال رون جيرلتس : ايضًا الشارع الاسرائيلي منقسم لطرفين في قضية الضفة وقطاع غزة فهنالك الليبراليين الديمقراطيين الذين ينادون بالسلام والهدوء وهم طرف كبير ايضًا والذين بنداءاتهم للسلام يهدفون لأمرين، الأول أن يحصل الشعب الفلسطيني على حقوقه الكاملة والديمقراطية والثانية بأن يعيش الشعب الإسرائيلي بسلام، أما الطرف الآخر فهو الطرف اليميني الذي يحلم بإسرائيل من البحر للنهر وهو طرف قوي لا سيما وأن الحكومة اليوم وفي السنوات الأخيرة هي بيد هذا الطرف، أي الليكود، فهم يريدون بناء المزيد من المستوطنات ويستمرون بالاحتلال والحصار .

يظنون أن عرب الداخل ليسوا فلسطينيين !

وقال متحدثًا عن جهل الشارع الإسرائيلي للهوية الحقيقية للعرب بالداخل وقال : يستغرب قسم كبير من الاسرائيليين من تضامن العرب في الداخل مع أهالي غزة وأهالي الضفة لا سيما التضامن الذي ظهر كثيرًا في فترة العدوان الأخيرة، فهم يظنون أن العرب بإسرائيل هم اسرائيليين ولا علاقة لهم بالشعب الفلسطيني وهذا أمر مؤسف فلا يعرفون أن العرب هنا هم جزء من الشعب الفلسطيني بل وتربطهم العلاقات العائلية والأخوية مع أهالي الضفة وقطاع غزة، فهم شعب واحد والفارق أن العرب هنا معهم الجنسية الاسرائيلية وهذه لا تعني انسلاخهم عن شعبهم.

مناهضة العنصرية ومساعدة كل من يتعرض لها

وأخيرًا تحدث جيرلتس عن عمل جمعية "سيكوي" لمناهضة العنصرية وقال: أولًا قمنا بالتعاون مع منظمات وجمعيات أخرى بتأسيس حركة "كفاية" وهي عبارة عن موقع الكتروني وصفحة بمواقع التواصل الاجتماعي نستقبل فيها كل تقرير أو شكوى عن حادثة عنصرية ونقول بمعالجتها مع الأطراف المختصة بذلك قانونيًا، وأيضًا نعمل مؤخرًا على مناهضة ظاهرة منع العاملين العرب من التحدث بالعبرية بأماكن عملهم ومساعدة كل العمال والموظفين العرب الذين يطردون من عملهم لأسباب عنصرية ونقوم بالعمل على ارجاعهم وفق القانون، كما وتقول "سيكوي" بالضغط على الحكومة كي تتصرف بشكل جدي ضد كل ظاهرة الإقالات العنصرية، وقد قمت مؤخرًا بكتابة مقال حول أسباب العنصرية ضد العرب وتحدثت فيه أن السبب الرئيسي بهجوم اليمين على العرب هو أن العرب يتقدمون ويدخلون بالمجتمع الاسرائيلي اقتصاديا وهذا أمر لا يعجب اليمين، وأخيرًا أود أن أشدد أننا كجمعية متواجدون دائمًا لاستقبال أي توجه من أي مواطن شعر أو تعرض لأي اعتداء عنصري.

صفحة "كفاية" في فيسبوك

الموقع الإلكتروني لـ "كفاية"

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]