بعيداً عن الشيب الذي يغزو رأسه وتجاعيد وجهه التي تقدر عمره، تشعر وكأنك تتحدث مع طالب شاب يافع يبحث عن العلم بنهم، ويهتم لكل صغيرة وكبيرة ولكل إصدار ومقال وكتاب ليطالعه وينمي به معرفته.

ففي بيته الهادئ جداً في مدينة البيرة، جلس المناضل وعضو المجلس التشريعي السابق، برهان جرار (68 عاماً)، وسط كتبه وحاسوبه المحمول، ليحدثنا اكثر عن تاريخه النضالي الطويل وشغفه للعلم والتعلم، خاصة بعد أن انهى دراسة الحقوق قبل أسابيع من الكلية العصرية الجامعية في رام الله، ليكون بذلك اكبر خريج سناً في هذه الكلية وربما اكثرهم تفوقاً وشغفاً للعلم.

تحديت ابني وكسبت الرهان

وحول فكرة دخوله للصرح الجامعي مجدداً وهو في منتصف الستينات، يحدثنا برهان في مقابلة خاصة مع موقع بكرا بالقول: "منذ صغري وأنا اعشق الكتاب والكلمة، لا يمر علي يوم إلا وان اكون قد انهيت عدة مقالات او اجزاء من كتب لاقرأها واستزيد منها، فأنا من عائلة متعلمة ومثقفة، فجميع اخوتي واخواتي البالغ عددهم 11 حاصلين على شهادات جامعية ولهم موقعهم بالمجتمع".

وحول فكرة دخوله الجامعة في هذا العمر، يقول جرار بأنه تحدى احد ابنائه الخمسة الذين دخلوا جامعة بيرزيت لدراسة الحقوق، وكان التحدي بان ينهي الأب هذه الدراسة بسنوات أقل ويضيف: "الفكرة لم تلاقي قبولاً وسط عائلتي في البداية، بالتحديد ابنائي وزوجتي، فالجميع اعتقد بانني سانسحب فوراً ولن اكمل وان هذا التحدي ما هو إلا لدفع ابني للدراسة أكثر، لكنني كنت على قدر كبير من العزم، وبعد أن قطعت اكثر من نصف الشوط بدأت ألاحظ تغير رأي زوجتي بالتحديد لهذه الفكرة بل ودعمتني أكثر واكثر".

وحول من فاز بالرهان يقول برهان جرار: "لم يستطع ابني استكمال دراسة الحقوق، فاضطر للتحول لتخصص التجارة والاقتصاد وانهى في أربع سنوات، أنا انا فقد انهيت دراسة الحقوق خلال ثلاث سنوات فقط، وتخرجت قبل ابني بعدة أشهر، وبالتالي كسبت الرهان"

مهندس زراعي ومحامي

وتعد شهادة الحقوق هي الشهادة الثانية لجرار، فهو مهندس ميكانيكي حاصل على درجة الماجستير من روسيا.

وفي هذا الصدد يقول: "منذ صغري وبعد ان التحقت بصفوف النضال بالشتات، حاولت مرارا اكمال دراستي العلمية، لكنني لم استطع بسبب انقطاعي القصري عنها لما كان يتطلب العمل الفدائي مني التغيب عن مقاعد الدراسة الجامعية، لكنني وفي سبعينيات القرن الماضي صممت ان احصل على شهادة جامعية وبالفعل ذهبت إلى روسيا وامضيت فيها 6 سنوات حصلت خلالها على شهادتي البكالورويس والماجستير في هندسة الزراعة.

لن اعمل محاميا وسأفتح مكتب تحكيم

خلال ايام قليلة، سيحصل برهان جرار الامتياز، أي بعد ان يكون قد مر على امتحان مزاولة مهنة الحقوق.

وحول رؤيته المستقبلية لشهادته يقول: "لم اتوظف بالتأكيد ولن ازاحم الشباب على رزقهم، بل ساعمل على فتح مكتب تحكيم، وهو مكتب مختص في اعطاء الاستشارات للمواطنين الذين يرفعون القضايا".

اما عن طموحاته المستقبلية يقول: "ارغب جدا ان احصل على شهادة ماجستير اخرى لكن في مجال الحقوق، لكن الظروف المالية الحالية لا تسمح ربما خلال السنوات القليلة المقبلة".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]