النظم الراشد في الإسلام 30 عاماً كما ذكر،ختمه الحسن بن علي بتنازله عن السلطة لخصومه السياسيين حرصاً منه على مصلحة الأمة ووحدتها، لكن إن كان الحسن تنازل عن سلطته لخصومه بإرادته فهل يعتبر حاله حال مرسي الذي أُخذت منه السلطة عنوة ؟.

أما المعروف في السياسة أن التاريخ لا يعيد نفسه فلا تطابق كامل بين المشاهد لكن المقارنة بينهما من حيث الاختلاف والاتفاق ممكنة، خلافاً لما قاله نيكافيلي أن الأحداث تكرر نفسها وأن الناس أنفسهم لا يتغيرون، فمن حيث الاختلاف كلاهما نُحِيّ عن السلطة في وقت بلغ فيه التجاذب بين القوى السياسية مبلغه، ومن حيث الاتفاق وهو الأهم أن خوف الحسن على الأمة والوطن وتخليه عن السلطة يعد عقلانية ورشاداً له ولأتباعه فإن كان كذلك أفلا يعد حرص الإخوان على حقن دماء المصريين وإقرار مبدأ السلمية وترسيخه بين أبناء المجتمع ولو كان على حساب دمائهم كما أخبر مرشدهم الأستاذ محمد بديع "أن سلميتنا أقوى من الرصاص" .

ألا يعد تهذيب لغة الخطاب في البلاد العربية والخروج من دائرة التخوين والمؤامرة وسحب البساط من تحت أقدام من حاولوا أن يجمعوا الإسلاميين لسقف واحد تحت ما يسمى "الإسلام الردكالي" (المتطرف) من الرشاد والعقلانية، ألا يعد التأسيس لنظام ديموقراطي سلمي ورفع مستوى الفكر السياسي الذي يكافح من أجل حرية الإنسان سياسياً واجتماعياً واقتصادياً من خلال حرية تعبير وعيش من الرشاد والعقلانية.

إن جاز لنا في عرف شياطين السياسة أن نقول أن ما ذكرناه هو انتصار لمصر بلداً وثقافة وقيماً وأخلاقاً وأنه بعرف الشيطان ذاته أن نقول أنهم منتصرون لأنهم جزء من نسيج المجتمع المصري بكل مقدماته، ولأنهم الأحرص على كل ما ذكر.

وما حدث تقريباً كحال صناعة السياسة في كل بلد كما ذكر بوستن روني في تعريفه للسياسة بأنها قائمة لدى جميه الأمم الحديثة على الخصام والنزاع كما لا ينبغي في الخطوة الأولى أن نغفل عن دور قوة الممانعة التي تحظى بها مصر في المنطقة الإقليمية العربية الإسلامية وما يمكن لها أن تصوغ تحولات فكرية بخصوص تيارات إسلامية على وجه الخصوص.

لو أن الإخوان عادوا للسلاح والعنف واستحضار التجارب السياسية في المنطقة كفيلة بالإجابة على العنوان، كالتجرية الجزائرية والليبية والسورية من جهة والتجربة التركية من جهة أخرى، وأيهما أجدى .

فالسياسة ليست لوحة مبسطة فثمة خيارات صعبة بين السيء والأسوأ ، بين الصحيح النسبي والأقل صحيّة، وربما الحفاظ على وحدة مصر وسلامها الإجتماعي وتأمين شرطها الاقتصادي المأزوم، وتفويت الفرصة على تفكيكها واستنزافها خشية تكرار ما أصاب العراف وسوريا من تفكيك وتدمير، وبالتالي تدمير الجيوش العربية الأقوى المحيطة بإسرائيل كل هذا وسواه هو الأهم، الأمر الذي يقتضي الحوار والخروج من الأزمة وصبّ الزيت على نارها.
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]