في الوقت الذي قام به وزير التربية والتعليم "شاي بيرون" بتوسيع استقلالية المتدينين اليهود في وزارة المعارف، نراهُ يعمل على التضييق على القسم العربي في الوزارة وخنق استقلاليته شيئًا فشيئًا، عكس ما كان قد صرّح به سابقًا على الملأ في وسائل إعلام وفي اجتماعات مُختصين، هذا ما يُمكن استنتاجه من الرسالة التي بعث بها لرؤساء مجالس محلية عربية في البلاد يُخبرهم بها بقراراته الجديدة.

التغييرات التي يُجريها الوزير – كما يقول من توجه لنا من مدراء وحدات نهوض بالشبيبة من المثلث والجليل، فضلوا عدم ذكر اسمائهم – مُناقضة ليست فقط لأقواله السابقة، إنما أيضًا لما تقولهُ التجربة أنهُ الأنجَع، وما يراهُ مختصين.

لمحة عن مبنى الوزارة فيما يتعلق بالتعليم العربي

تُقسَّم وزارة التربية والتعليم إلى قسمين اثنين، الأوّل هُو التعليم الرسمي، المسؤول المُباشر عن العملية التعليمية، ويقف على رأسه مُدير عربي، مربوط تنظيميًا مع باقي أقسام وزارة المعارف والألوية، والثاني هُو أدارة المُجتمع والشباب، التي تعمل في مجال النهوض والتنمية الشبابية والكشاف والقيادة الشابة ومركز ارشاد وغيرها.

إحدى الأقسام الموجودة في "إدارة المُجتمع والشباب" هو قسم (النهوض بالشبيبة)، وهُو قسم مُهم للطلاب المُتسربين في المدارس، ومن حيثُ الأرقام، ومن حيثُ ما يراهُ المُراقبون، من المجال أو عبر وسائل الإعلام، فقد شهد هذا القسم تطورًا ملحوظًا، حيثُ وخلال ثلاث سنوات، تضاعف عدد أبناء الشبيبة المُلتحقين بوحدات النهوض بالشبيبة، والتي تشمل مدارس ليلية وفعاليات ومُحاضرات ودورات وغيرها.

ناقوسَ خطرٍ دائم.. عند العرب

الأرقام تقول أن نسبة التسرُب من المدارس في الوسط العربي في اسرائيل مُقلقة جدًا، مما يُرجّح أن فشلا ما في قسم منع التسرُب هو السبب، أو على الأٌقل، شريك في منع تسرُب الطلاب من المدارس قبل انهاء فترة التعليم الإلزامي، خصوصًا إذا قارنا بين التسرُب من المدارس بين الوسط اليهودي والمُجتمع العربي، فسنرى أن الأمر لا يُشكل مُشكلة في الوسط اليهودي (سوى لدى شرائح مُحددة، مثل المُتدينين اليهود)، في حين أنهُ في الوسط العربي يُعتبر مُشكلة ضخمة وُتفاقمة كُل الوقت، تكاد لا توجد بلدة عربية واحدة لا تُعاني منها، ولا تدق فيها ناقوس خطر، عام بعد عام.

القرار الغريب

علم موقع "بُكرا" من مصادر مُختلفة، أن قرارًا داخل وزارة المعارف مفادة نقل كُل القسم الذي يتعلّق بالاهتمام بأبناء الشبيبة المُتسربين من المدارس "التي تعمل الآن في 35 وحدة في الوسط العربي بتطوّر ظاهر بالأرقام" إلى وحدة منع التسرُب التي تشهد فشلا ذريعًا "تشهد عليه الأرقام".. ومع أن هذا القرار ساري المفعول على الوسطين العربي واليهودي، إلا أن هذا، وحسب التجربة والمُطلعين في مجالي التربية والسياسة أيضًا، سيضُرُ أساسًا بأبناء الشبيبة والطُلاب العرب.

تداعيات ذلك..

هذا التغيير سيعني مسًا في ميزانية الاهتمام بالشبيبة المتسربة من المدارس، فعدد الوحدات قد يَقِل من جديد، والميزانيات ستتقلّص، وما سيحدث في حال نُفّذ القرار بشكل نهائي، فإن استقلالية العرب في هذا المجال ستتضرر بشكل كبير، فالقرار يعني توزير الوحدات حسب الألوية، أي أن ابن الطيبة أو كُفر قاسم سيحتاج لترتيب الميزانيات والحصول على دورات لطلابه، بالترتيب مع موظف يهودي في اللواء لا يعي جيدًا حاجيات ابن الطيبة، وسيُقرر بناء على معايير قد لا تنطبق مع الحاجيات على الأرض، وكذلك الأمر في أم الفحم والناصرة الخ..!
كما أن يقوم نفس القسم الذي فشل بالتغلُب على آفة التسرُب من المدارس قبل انهاء التعليم الالزامي بأخذ مسؤولية الاهتمام بالمُتسربين وإعادة تأهيلم، قد ينقل الفشل من هُناك إلى هُنا أيضًا.

مُطالبة لوقف المُخطط عند العرب وزيادة ميزانية الطلاب المُتسرين

هذا وعلم موقع "بُكرا" من مصادر فضّلت عدم ذكر اسمها، أن ناشطين سياسيين في اسرائيل، وجمعيات فاعلة في مجال التربية والتعليم ومهتمة في الطلاب العرب، تقوم بترتيب أوراقها لمنع تحويل هذا الملف كُما يُخطط لهُ، لعدم ظلم البلدات العربية وتحويل هذا الملف من أمر مُهم لديه من يُراقب أموره إلى ورقة مُهملة في ملفات الأولية، كما علم "بُكرا" أن المطلب الآني هُو زيادة ميزانيات الاهتمام بإعادة تأهيل الطُلاب المُتسرين، ومُراقبة والكشف عن سِر عدم نجاعة منع التسرُب في البلدات العربية ووصول الفشل في هذا السياق إلى هذا الحد حتى الآن، واعتمادًا على تصريحات الوزير العلنية السابقة، وتيمنًا بقراراته المتعلقة بالوسط اليهودي.

وفي حديث لنا مع الاستاذ جلال صفدي، مُدير ادارة المجتمع والشباب للتعقيب على هذا الموضوع، وجهنا للحصول على الرد من الاستاذ كمال عطيلة، الناطق باسم وزارة المعارف، وعندما يصلنا رد الوزارة عن طريقه سننشره كاملا.

هذا وسنقوم في موقع "بُكرا" بمُتابعة هذا الملف لما فيه مصلحة للجمهور عامة وحرصًا على الشفافية والموضوعية والديمقراطية.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]