هنالك الكثير من الناس يخلطون بين المُتعلم والمُثقف وهذا خطأ، هناك فرق شاسع بين الإنسان المُتعلم والانسان المُثقف لأن ليس كل مُتعلم مُثقف وبالعكس، الإعتقاد السائد في مجتمعنا أنَّ المُثقف هو كل من يحمل شهادة جامعية في تخصص مُعيَّن، بيدا أن هذا الإعتقاد ليس في محله تمامًا، ذلك أنَّ الإنسان المُتعلم قد لا يكون انسانًا مًثقفًا، لطالما نسمع أنَّ فُلانًا مُثقف والآخر ليس مُثقف، وكأنه أصبحت منح صفة المثقف أو حجبها عن الأشخاص مبنيٌ على أساس الأهواء والمزاجات المتقلبة.

الإنسان المُتعلم هو الذي تلقى علومًا في المدارس والجامعات وحصل بموجبها على شهادات تثبت له ذلك وهي مُحدده باختصاص مُعَيَّن فقط.
أما المُثقف هو الذي خضع لعملية تعلم ساهمت في تعزيز القدرة العقلية على العمل بفعالية في حالات مألوفة وجديدة في الحياة الشخصية والفكرية، وهو الذي يملك معلومات جديدة ومُفيدة وإطلاعه على كل شيء جديد، ويستطيع أن يثبت نفسه بجدارة في المجتمعات من خلال الفهم والإلمام بما يمتلك من معلومات.

إنَّ الثقافة لا تحتاج إلى الشهادات، والدكتوراه لا تحتاج إلى الدرجات العالية، وليس هذا يعني أن من لا يحمل شهادة يعتبر مُثقفًا، ولكن هذا يعني أن التثقيف ليس بالضرورة أن يصبح هذا أساسه، كما أن الثقافة لا ترتبط بتخصص مُعَيَّن، يجب عليك تخصصه لتصبح مثقفًا، والثقافة في اللغة العربية تعني التمكن من إدراك كافة العلوم المختلفة في مختلف جوانب الحياة، هي صفة تَدل على منهج حضاري شامل وأسلوب معرفه مستمر يتماشى مع العصر، وهي تشمل العادات والتقاليد التي يكتسبها الإنسان من أجداده ويُطورها ويُعدلها، وتشمل المخزون المعرفي من المعلومات والمعارف التي اكتسبها الإنسان من تجاربه إما عن طريق التلفاز أو الصُحف أو الكتب أو حتى الأحاديث التي تجري بين الناس والخ...
كثيرًا ما نُشاهد ونُجالس متعلمين وأصحاب شهادات كبيرة ومع ذلك نجد مستواهم الثقافي ضعيف ضحل ومحدود جدًا بل يكادون لا يملكون أي ثقافة، وتعاملهم مع الناس لا يرقى إلى مستوى ما يحملونه، فالكثير وللأسف لا يجيدون الكلام ولا حتى التصرف بشكل يتناسب مع تحصيلهم الدراسي، نعم إنهم يعتقدون أنفسهم مُثقفين لكن أثناء الحوار في موضوعٍ ما نجدهم غير كفؤ للحوار وكأنهم لا يعرفون أي شيء عن الموضوع المطروح للنقاش.

من جهة أخرى نُصادف أُناس لا يحملون شهادة عالية ومنهم من لم يكملوا تحصيلهم الدراسي لكنهم يتمتعون بثقافة عالية ولهم عقلية كبيرة مُتفتحه، وأفق واسع وفكر رفيع عالي بروح ممتعه للتواصل الحواري والثقافي والفكري معهم بشتى مجالات الحياة لنضجهم الفكري وثقافتهم العالية.

الشهادات العلمية قد تُنَمَّي الفِكر والثقافة ولكنها لا تساعد على تحسين الأخلاق، فقد يكون إنسان لا يملك أي شهادات ولكن أخلاقه أفضل بكثير من شخص لديه العديد من الشهادات.

إنَّ الإنسان الذي بيده وعقله وإصراره وإرادته يستطيع أن يجعل من نفسه شخصًا مُثقفًا ومُحترمًا بفكره وعقليته حتى لو كان لا يحمل شهادة، فالثقافة هي معرفة أي شيء عن كل شيء، الشهادة والتحصيل الدراسي لا يعملون من الانسان شخصًا مُثقفًا، إنَّ الإنسان هو الذي يصنع من نفسه شخصًا مُثقفًا فِكرًا وأخلاقًا بقراراته واختلاطه مع كل الناس والمجتمع بكل أنواعه.

وإذا أردت أن تكون شخصًا مُثقفًا عليك أولًا أن تتمتع بروح متواضعة، وأن تكون قادرًا أن تُناقش وتُحاور في كل المواضيع الحياتية بأنواعها المتعددة، كما يجب أن تمتلك عقليه منفتحة ودراية في التواصل مع الناس باختلاف أنواعهم وطباعهم مهما كان مستواهم الدراسي، وأن تكون على دراية كاملة بما يحدث حولك من العالم، فمتابعة أحداث العالم تجعل عقلك أكثر مرونة وإتساعًا لما يحدث، وتصبح أكثر قدره على التواصل والتناقش مع الاخرين في الكثير من الأمور. 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]