تحت هذا العنوان يكتب تسفي برئيل، في "هآرتس"، ان اسرائيل عادت إلى أسرة الشعوب، واختفى الضجيج الصغير الذي سمي "الجرف الصامد" عن الشاشة لتحتل مكانه الحرب المحترمة، الدولية، وخاصة، تلك التي يمكن لإسرائيل أن تفخر بها. صحيح أن إسرائيل ليست جزء من التحالف الغربي أو العربي الذي بدأ بقصف العراق وربما سيشمل سوريا، للقضاء على "الدولة الإسلامية"، لكنها بالتأكيد موجودة. فالاستخبارات الاسرائيلية تخدم وستخدم أعضاء التحالف، وإذا احتاج الأمر ستسمح إسرائيل للطائرات الأمريكية باستخدام قواعدها لشن الهجمات، وباتت تشعر بالغطاء الدافئ للانتماء إلى الشرق الأوسط العربي الذي يحارب الإسلام الراديكالي.

لقد ترسخ شعار "حماس هي داعش، وداعش هي حماس" بشكل جيد. وانقذت حرب اوباما ضد قاطعي الرؤوس، إسرائيل من عزلتها. هذا هو اوباما الذي نحب. اوباما الخاص بنا، اوباما الذي لم يتأثر بمقتل اكثر من 200 الف سوري، لكنه يسارع الى طرد الارهابيين الإسلاميين من اوكارهم، وسحق قواعدهم وتدمير قادتهم. واذا حدث وقتل خلال ذلك عدة آلاف من المدنيين العراقيين او السوريين، جراء خطأ يرتكبه طيار، او بسبب مصادر معلوماته، فليس هناك ما يمكن عمله، والهدف يبرر ذلك. فداعش تستخدمهم كدرع بشري، وبالإضافة الى ذلك فإن هؤلاء المدنيين يتعاونون مع داعش ضد الحكومة العراقية.

ويبدو ان إسرائيل تبرعت بهذه الصيغة المحبوبة للتحالف. كم هو جيد انه يمكن لأوباما وشركائه، أخيرا، فهم ما تعانيه اسرائيل. إذن، لماذا يصر العالم على اتهام اسرائيل عندما تسحق عشرات آلاف البيوت في غزة وتقتل 2200 نسمة فقط؟ لماذا يقارنوها بالذات بسوريا وليس بأوروبا المصابة بالرعب من الإسلام المتطرف؟ يمكن لحساب بسيط فقط ان يثبت بأن اسرائيل تتواجد في جانب الأخيار. في حملة "الجرف الصامد" قتل 44 فلسطينيا كل يوم، في الحد المتوسط، ومن شأن ضرب هذا العدد بالسنوات الثلاث والنصف، التي تدير سوريا خلالها الحرب ضد مواطنيها، التوضيح بأنه في وتيرة مشابهة، يصل الرقم الى 56 الف قتيل فلسطيني فقط، أي ربع عدد القتلى السوريين.

هذه طبعا حسابات ديماغوجية، لأن اسرائيل لم تكن ستصل بتاتا الى هذا العدد من القتلى. ولكن المقارنة بين الحرب ضد داعش والحرب ضد حماس هي أيضا ديماغوجية كبيرة. حماس لم تسيطر على مناطق في دولة اسرائيل لتقيم عليها مسلخا بشريا. ومنذ سبع سنوات تواجه مع مليون و900 الف فلسطيني الحصار داخل قطاع غزة، ولكنها تعتبر "جهة مسؤولة" اذا رغبت يمكنها منع الهجمات على اسرائيل. كما أن رؤيتها بشأن إنشاء أمة اسلامية لا تأتي على حساب طموحاتها القومية باقامة دولة قومية فلسطينية. انها تتقبل مبدأ الدولة الفلسطينية على حدود 67، حتى وان كانت تحلم باقامة دولة فلسطينية على كل أراضي إسرائيل. فحلمها لا يختلف عن الحلم المهووس باقامة اسرائيل على كل أراضي فلسطين.

انها لا ترفض المفاوضات السياسية مع إسرائيل، بل تفاوضها في سبيل التوصل الى وقف دائم لاطلاق النار. حماس تنتظر بفارغ الصبر استئناف المفاوضات في مصر، كي تتمكن من بدء ترميم القطاع وعرض انجازات مدنية لسكانها. ويسمح بالتسجيل لصالح حماس انها فصلت نفسها عن سوريا وايران على خلفية المذبحة في سوريا. هذه هي ايران ذاتها التي تطمح واشنطن الى تحقيق التعاون معها في الحرب ضد داعش، والاسد ذاته الذي يبدو الآن ككنز استراتيجي في هذه الحرب. وفي الوقت ذاته، خدمت حماس إسرائيل، عندما زودتها بالذريعة لسحب صلاحيات محمود عباس. حماس ليست تنظيما محبوبا مقصوص الأظافر، بل هي ابعد من ذلك، ولكن اوروبا والولايات المتحدة كان سيسرهما لو وجدتا شريكا مثل حماس في داعش، أو لو كان يمكنهم فعلا القول "ان داعش هي حماس".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]