هذا ما يراه يوسي فورتر في تعليقه في "هآرتس" على خطاب نتنياهو امام الأمم المتحدة الذي وعد والتزم قبل مغادرته الى الولايات المتحدة، بأنه "سيصد الأكاذيب التي تم توجيهها الى إسرائيل". ويقول فورتر ان نتنياهو الذي رافقه طاقمه المؤيد ووزير الخارجية ليبرمان الذي وفر له جوقة تسخين بقوله ("ابو مازن فقد الصلة بالواقع")، بذل كل قدراته الفخمة لتحقيق التزامه: لقد صد وكبح، راوغ واحبط، هاجم وأصاب، ركل وصدم، دافع وعزف (على مشاعر الضحية "اليهودية" غير المتناهية).

وهكذا انتهى خطاب آخر لنتنياهو من على منبر الجمعية العامة: مع الكثير من ايران، وداعش – حماس وحماس – داعش، وجرائم الحرب لمن ينكر الكارثة، ابو مازن، ودس الاصبع في عيني الرئيس اوباما، الذي يهاجم مواقع داعش في العراق وسوريا، وفي الوقت ذاته يدير مفاوضات مع ايران النووية. ولكي لا يتهموا الخطيب بذر الخوف والرعب وعدم الأمل والاكتئاب فقط، القى بعظمة جافة نحو العالم العربي، شريكه الخيالي الجديد في السلام الاقليمي اليانع، الذي سينمي الاتفاق مع الفلسطينيين.

ولم ينس هذه المرة، ايضا، عرض لعبته – للفقراء طبعا، وببعض التثاؤب، والتي تفتقد الى الخيال، على شكل صورة مكبرة لمنصة لاطلاق الصواريخ الى جانب أطفال يلعبون في غزة. بعد خطاب "ابادة الشعب" الكاذب لرئيس السلطة الفلسطينية، يصعب طرح ادعاءات ضد نتنياهو لكونه كال له الصاع صاعين، من فوق المنبر نفسه، وذكرّه بهوية شركائه في حكومة الوحدة. من الواضح ان المفاوضات بين هذين الشخصين لن تتجدد، في غياب الحد الأدنى من الثقة والاحترام المتبادل، وطالما تواصل التعاون بين عباس وخالد مشعل.

ليس صدفة ان اول ردين صاخبين على الخطاب الذي تم ارساله الى المراسلين في إسرائيل، جاء من قادة الجناح اليميني في الليكود، النائبين زئيف الكين وياريف ليفين. لقد اصيبا بجنون المتعة، فلقد زال ولم يعد أي وجود للتهديد الكبير الذي حلق فوقهما خلال الدورة الحالية لنتنياهو، منذ 2009، التوصل الى اتفاق ما مع الفلسطينيين.

لو كان نتنياهو جديا في نيته طح أي خطوة امام الدول العربية ودول الخليج، لكان عليه استغلال الفرصة الاحتفالية والاعلان عن استعداده لمناقشة المبادرة السعودية (كما ادعى ليبرمان مؤخرا)، او بدل ذلك، الدعوة الى عقد مؤتمر سلام دولي – اقليمي (كما يقترح الوزير لبيد). لكنه اكتفى بذكر اسماء ابو ظبي والرياض والقاهرة وعمان، كما لو ان ترديد هذه الكلمات هو السلام المنشود. لم يعرض اي خطة او رؤية، ولا شيء جديد في الامم المتحدة. فقط اكتفى بتلك المقولة المبتذلة والمعروفة حول استعداده للتوصل الى تسوية تاريخية.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]