محافظة ومدينة خليل الرحمن اْقامت مهرجاناً تاْبينيّاً 22/9/2014 للشاعر الرّاحل الباقي :سميح القاسم، تحت رعاية عطوفة المحافظ: السّيّد كامل حميد ،وفعّاليّات سياسيّة واْدبيّة ولجنة التّاْبين الخليليّة ،حضور مميّز من المحافظة والجليل ،اْسرة الفقيد، البرلماني محمد بركة رئيس الجبهة الديموقراطيّة للسلام والمساواة ،ولجنة المبادرة العربيّة الدرزيّة ،وكان سميح اْحد مؤسّسيها، بعد مهرجان التّاْبين ،كان تكريم للفقيد الغائب الحاضر ،ثم طعام عشاء فخم على مائدة المحافظ الكريم ،وهذه المداخلة لكاتب هذه السّطور ،تحت عنوان :سميح الذّبيح كبشُ ابراهيمَ واسماعيلَ.
جاء في آيات الله البيّنات : ما كان ابراهيم يهوديّاً ولا نصرانيّاً، ولكن كان حنيفاّ مسلماً، وما كان من المشركين، إنّ اْولى النّاس بإبراهيمَ للّذين اتّبعوه، وهذا النّبي والذين آمنوا ،والله وليُّ المؤمنين. صدق الله العظيم /آل عمران .

ما ينطبق على ابراهيم واسماعيل وكبش فدائهما ،ينطبق على هذا الرّاماوي الفلسطيني الذي يمثّل الجرح النّازف الدّامي .

اْهلنا وإخوتنا واْخواتنا في محافظة خليل الرحمن ،رغم ما يعتريها من احتلال وطغيان ،وبؤَر استيطان ،ومستوطنين شياطين ،اْبعد ما يكون عن الآدميّين !اْنتم تحيون ذكرى وتؤبّنون شاعر الثّورة والمقاومة ،في حين غزْة هاشم البطلة، ما زالت تجمع اْشلاء شهدائها من اْطفال ،نساء وعجزة ، وبعضهم ما زال تحت الرّدم، ناهيك عن الاف المشرّدين والمنكوبين الذين يفترشون الاْرض ويلتحفون السّماء ،عملكم هذا جبّار قهّار لمعتدين غُزاة لا يقراْون !

من سفح جبل حيدر 1047 م، حيث ترجّل فارس الكلمة المقاتلة ،إلى خلّة بطرخ الخليليّة 1020م،ومن الرّامة الى الرّام ،من خضر دير الاْسد ،الى دير الغصون وبلدة الخضر ،من كفر ياسيف ،الى كفر قدّوم ،من وادي التّفّاح /مقطع من وادي سلاّمة/، الى وادي التّفاح الخليلي ،من عين الصّرار الى عين سارة ، من وادي الحمام الى عين الحمام ،من مسجد الغار في صفد العالية بْراس تلّة ،واللي يبغضها تصيبو مِيْتْ عِلّة ،الى خليل الرحمن والحرم الابراهيم والغار، من العنب الجنّاوي الى العنب الخليلي، طعمك حليلي يا عنب ،خاصّة بنكهة عبد النّاصر ،كما دوّن سميح ،شموخ الجليل كشموخ الخليل ،القدس الشريف ورام الله ،من زرقاء اليمامة ،حيث حاولوا إخماد صوته صغيراً، وعجزوا عن ذلك كبيراً، الى الرّامة من القاسم الى فهد القواسمي وشهداء الثلاثاء الحمراء ،ثورة البراق 1929 ،الذين تسابقوا على الموت واقدامهم عِلْيَتْ فوق رقبة الجلاّد ،وصاروا مَثَل يا خال ،طول وعرض لِبْلاد، محمد جمجوم وعطا الزّير الخليليّان الى فؤاد حجازي الصّفدي: نهوى ظلام السّجن يا اْرض كرمالِك ،يوم تندهي يا اْرض بتبَيّن رجالك: قلبي قمر اْحمر ،قلبي بستان ،فيه العوسج فيه الريحان ،شفتايَ سماء تُمطر ناراً حيناً ...حُبّاً اْحيان .رحلة جبليّة صعبة ،اْصعب من رحلة فدوى وابراهيم طوقان ،مقارعة لا تلين ضدّ التّجنيد الالزامي المفروض المرفوض، وضد مصادرة الهويّة العربيّة والفطر المبارك. مسيرة سميح شاقّة ،منهكة، إلاّ ا نّها مثقلة بالعطاء والسّخاء ،اْكثر من سبعين مولوداً روحيّاً، فكريّاً ،عدا عن الموجود في الجوارير والاْدراج، لعلّه يرى النّور ليلة الإسراء والمعراج ،لم يستاْذن اْحداً، قال كلمته ومشى ،لعلّ وعسى يسمع مَن به صمم، في بلاد العرب والعجم ،دون التّطرّق للّذين هادوا ،مادوا وتمادوا في غِيّهم وبطشهم وطيشهم .كان سرّي مرّي الى غياهب السّجون القمعيّة ،نَعّم الطّرقات ،رايح جاي ،عدا عن اْوامر منع التّجول وتقييد الحركة :وعندما اْقْتَلُ في يوم من الاْيام/سيعثر القاتل في جيبي على تذاكر السّفر/واحدة الى السلام/واحدة الى الحقول والمطر /واحدة الى ضمائر البشر /اْرجوكَ اْلاّ تهمل التّذاكر/يا قاتلي العزيز/اْرجوك اْن تسافر! يا ليلة الإسراء يا درب من مرّوا الى السّماء /عيوننا اليكِ ترحل كلّ يوم /تعانق الكنائس القديمة / وتمسح الحزن عن المساجد !سميح يُخمد نار الفتنة ،يقطع الطريق على النافخين في اْبواق الحروب والدّمار ،صوت صارخ في البرّيّة ،مع تراثنا العربي الخالد :إنجيلاً والقرآن:لا توقظوا الفتنة ،الفتنة اْشدّ من القتل ،الفتنة نائمة لعن الله من اْيقظها ،ليقول :

حملتُ اْهلي واْوطاني على كتفي سيراً على الجمر والاْشواك صوب غدي
ثمّ يجهر بصوته عالياً:
يا اْمّةً اْمّ فيها الجهلُ فانتُهِكَتْ وناوشَتْها ذئاب الرّوم والعجم
واليعربي اْنا ضاقت عروبته بما استباح الشّعوبيون من ذِمَم
والفاطمي اْنا والقرمطي اْنا وَشُعْل النّار في الاْسمال والرّمَم
مقَتَ هذا اليعربيّ الاْصيل درب كاهن التّجنيد عزرائيل مُهَجِّن القوميّة الآراميّة المفبركة محلّيّاُ، في سلطة تطوير الوسائل القتاليّة الاسرائيلية //رفائيل// سميح ومحمود شطرا البرتقالة اليافاوية الحزينة ،تناظر ،تقاطع ،تقابل بالرّاْس، تمام الانطباق ،زاويتان وضلع ،ضلعان وزاوية ،مثلّث برمودا ،جيب وجيب التّمام ،قاطع وقاطع التّمام ،ظِلّ وظل التمام ،إنّهما بديهيّان ،مُسَلّمان ،مُسْلمان ،نازح ورازح ،كادح وللسلم جانح .اتّفق العرب اْلاّ يتّفقوا ،إلاّ اْنّهم على محبّة الشّطرين اتفقوا ،تماهوا وانسابوا ،لديهم اجماع واتّباع دون ابتداع ،سميح هو المقام المشترك لكافّة الكسور البسيطة ،المركّبة والعشريّة ،مع اولى القبلتين وثالث الحرمين /ومن قبل البشارة ،المهد والقيامة :لا استاْذنُ اْحداً، اْقضم تفاحة موتي، واْغنّي واْغنّي للحرّيّة !حتى لو كان الغُزاة لا يقراْون ولا يُقرّون بالشرعيّة الدّوليّة. ونحن في رحاب خليل الرّحمن لعلّ سميح يذكّرنا بشعر ابن مطروح :
خليلَ الله جئناكَ نرجو شفاعتكَ التي ليست تُرَدُّ
اْنِلْنا دعوةً واشفعْ تُشَفّع الى من لا يخيب لديه قصدُ
وقُلْ يا ربُّ اْضيافٌ ووفدٌ لهم بمحمّدٍ صلةٌ وعهدُ
فيا مولاهم عطفاً عليهم فهم جمعٌ اْتوكَ واْنتَ فردُ

لو عدنا الى سجلّنا الاْدبي الشّعري ،منذ العصر الجاهلي: المعلّقات/ المذهّبات ،الى اْمرئ القيس ،الاْعشى ،لبيد ،زهير ،طرفة ...وعرّجنا على عصر بني اْميّة مع :جرير ،الفرزدق ،الاْخطل...،ثمّ العصر العبّاسي مع المتنبّي ،المعرّي ،الحمداني...،وعصرنا الحديث مع :شوقي ،حافظ، مطران نزار والملائكة ...وشعرنا الفلسطيني المقاوم :درويش ،زيّاد ،حسين ،جبران ،بسيسو ،فدوى....فسميحنا ،اْبو وطن محمد، وها هو نجله البِكْر وطن اْمامي بينكم !فسميح منهم وإليهم، معهم على دربهم واْترابهم ،اْنداداً وليسوا اْضداداُ ،معاذ الله، الواحد منهم يتمّم الآخر ،إن شئنا فسميح يغرف من بحر ،وإن شئتم فهو ينحت في صخر ،قُلْ هو المتنبّي :

اْنام ملءَ جفوني عن شواردها ويسهر الخلق جرّاها ويختصم.
وله حصّة الاْسد على درب ذاك المغوار ،الحبيب بن اْوس، القائل :
السّيف اْصدق اْنباءً من الكتب في حدّه الحدّ بين الجِدّ واللعب
بيض الصّفائح، لا سود الصّحائف في متونهنّ جلاء الشّك والرّيَب
لم يَطِق الاعوجاج اْبداً ،حتى في حضرة اْبي عمّار ،طيّب الله ثراه، فناوله فرده قائلاً : يا سميح يمكنك اْن تقوّم اعوجاجي بفردي !
جراح العالَم العربي جعلت قلبه دامياً، نازفاً ، منفطراً ، حتى قال في قصيدة بغداد :
وللقصائد كوفيّ يتيه بها وكم تَتيهُ اذا قالوا :من الشّادي؟
وَمِلءُ نهرَيْكِ حبر الرّوح سال دما وسال حبراً دمي في بحر اْحقادي
واْنتِ كابيةٌ في القيد باكيةٌ والقهقهاتُ لاْوباش واْوغادي
ما اْنجَدَتْ يمناُ قيسٌ ولا ذرفت ثمود دمعة محزون على عادي

سميح الرّاحل الباقي يشدّ اْزرنا معاً وجميعاً كالبنيان المرصوص ،ولعلّ الحديث النّبوي العطر ،ينطبق عليه تماماً : اذا قضى رجل انقطع ذِكْره إلاّ من ثلاث :صدقة جارية ،عِلْم يُنتفع به ،وولد صالح يدعو له! والحمد لله سميح لها ،قدّها وقدود ،وهو يجود من الموجود ،شعره واْدبه صدقة جارية الى ما شاء الله ،وكذلك عِلم ينتفع به للاْجيال ـوها هو ابنه وطنه بيننا وبقيّة العنقود الراماوي يدعون له، كما ندعو له نحن ، وعلى دربه، قائلاً لغُزاة لا يقراْون :

تقدّموا بناقلات جندكم / وراجمات حقدكم /وهدّدوا /وشرّدوا /ويتّموا /وهدّموا /لن تكسروا اْعماقنا //لن تهزموا اْشواقنا / نحن قضاء مُبْرَمُ / تقدّموا/ تقدّموا كلّ سماء فوقكم جهنّم /وكلّ اْرض تحتكم جهنّم ...
طيّب الله ثراكَ اْبا وطن محمد ،وجعل الجنّة مثواك ،ولكم من بعده جميعاً طول البقاء.

في وسط الصورة محافظ الخليل،على يساره وطن القاسم غالب سيف... ومحمد بركة،وعلى يمينه نمر نمر

في مقرّ محافظة خليل الرحمن ولفيف من مؤبّني سميح القاسم

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]