تحت هذا العنوان تكتب صحيفة "هآرتس" في افتتاحيتها الرئيسية ان بنيامين نتنياهو أصر على تلوين خطابه امام الأمم المتحدة ليس بالوان الحرب واليأس والتخويف فحسب، وانما بأطياف الفرص والسلام. وبين الكلمات التي استخدمها تم سماع مصطلحات واعدة مثل "التسوية التاريخية" و"الفرص الجديدة". ولكن بعد ساعات وجيزة من الخطاب، واصلت حكومة نتنياهو الاثبات بأن كل تعبير او تصريح يشذ عن نبوءة الخراب الذي تحملها لمستقبل إسرائيل، ليس الا شعارات فارغة.

ان دخول عشرات المستوطنين الى سبع عمارات في سلوان بواسطة جمعية "العاد" وبمرافقة وحماية كبيرة من الشرطة الإسرائيلية وبمباركة وزير الاقتصاد وعضو المجلس الوزاري نفتالي بينت، الذي اعتبر الخطوة بمثابة "حدث تاريخي"، يثبت ان كلمات مثل "التسوية التاريخية" و"السلام" ليست الا ضريبة "عادية". ضريبة يدفعها نتنياهو كي لا يراه الجمهور الإسرائيلي والعالمي على حقيقته: داعما متحمسا لضم المناطق الفلسطينية، وتسليم دولة إسرائيل، بمواردها، وضرائبها وقوات امنها، للمستوطنين.

ان السيطرة على البيوت في سلوان – البلدة العربية التي تعاني في السنوات الأخيرة من دخول المستوطنين، الذين يصل عددهم الى 500 نسمة – يشكل مسمارا آخر في نعش العملية السياسية. وتهدف في الواقع الى تصعيب التوصل الى تسوية اقليمية في القدس، وبذلك منع أي فرصة للتوصل الى اتفاق بين إسرائيل والفلسطينيين.

يعرف نتنياهو انه لن تقوم أي جهة مهيمنة في المنطقة، بعقد تحالف سلمي مع إسرائيل بدون اخلاء المستوطنات. ولن ينجح لا الائتلاف ضد داعش، ولا اتفاقيات المياه والغاز ولا أي تعاون اقليمي بتمويه اضرار الاحتلال. وحتى اذا كان نتنياهو يبحث عن السلام في السعودية، فانه ليس من الواضح مع من سيوقع السلام في ظل السياسة الإسرائيلية الكولونيالية وغير القانونية، والتي تقلب ضدها ليس العالم العربي فحسب، وانما افضل صديقاتها.

على خلفية الوضع الحساس في القدس – التي تمر في احدى اكثر مراحل التوتر خلال العقود الأخيرة – فان هذه الخطوة تعتبر مدمرة. لقد ازداد التوتر في المدينة في اعقاب مقتل محمد ابو خضير وحرب الجرف الصامد، وقاد الى تظاهرات عنيفة، ويجبي من الشرطة موارد كبيرة جراء محاولاتها "السيطرة" على الأوضاع. ويمكن لتوسيع الاستيطان في القدس الشرقية ان يزيد من حدة الأوضاع ويشعل العنف مجددا. فهل هذا هو ما يقصده نتنياهو عندما يتحدث عن السلام؟

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]