قد لا يكون هذا العنوان غريبا بالنسبة لم يعرف مواقف وزير الأمن الإسرائيلي، موشيه يعلون، صديق المستوطنين واحد انصار فكرة ارض اسرائيل الكبرى، ولكنها تزيل قناعا آخر عن وجه الحكومة الإسرائيلية التي زعم رئيسها، قبل اسبوعين فقط، امام الرئيس الامريكي التزامه بحل الدولتين.

في مجمل اللقاءات التي منحها يعلون لوسائل الاعلام الاسرائيلية ركز على مسالتين اساسيتين: اعلان مواقفه الصقرية المعارضة بأي شكل من الاشكال لقيام دولة فلسطينية، والتهجم كعادته على الرئيس الفلسطيني واعتباره ليس شريكا للمفاوضات، بل يحدد، بصفاقة المحتل، ان مهمته هي فقط الشراكة في الحوار وادارة الصراع. اما المسالة الثانية التي ركز عليها فهي حربه مع وزير الاقتصاد نفتالي بينت في مسألة من الذي حث على تدمير انفاق غزة، الجيش ام بينت كما ادعى لوسائل الاعلام في حينه.

"اسرائيل ستواصل السيطرة على أراضي واجواء الحكم الذاتي"

ويعلن يعلون في اللقاء الذي منحه لصحيفة "يسرائيل هيوم"، "ان الفلسطينيين لن يحصلوا على دولة، وكل ما سيحصلون عليه هو حكم ذاتي منزوع السلاح، وستواصل اسرائيل السيطرة على ارضه واجوائه، حتى لو كانت الخرائط تربط بين المدن الفلسطينية".

وكشف يعلون كل الأوراق، كما تكتب الصحيفة، وقال: "انا لا ابحث عن حل مع الفلسطينيين وانما ابحث عن طريق لإدارة الصراع. يجب التحرر من نظرية ان كل شيء ينضوي داخل الاطار المسمى دولة، من جهتي فليطلقوا عليها اسم "الامبراطورية الفلسطينية"، ما الذي يهمني. ففي كل الأحوال سيكون ذلك حكما ذاتيا فقط. لقد تم الفصل السياسي وهذا جيد، نحن لا ندير حياتهم هناك".

"ما يريدونه هو هدم اسرائيل وليس اقامة دولة لهم"

ويعتبر يعلون ان "ابو مازن ليس شريكا للاتفاق، فهو لم يقل ابدا انه سيعترف بنا كدولة قومية للشعب اليهودي. ولم يقل أبدا انه اذا تم التوصل الى اتفاق تسوية حتى ولو كان ذلك على حدود 67، حسب وجهة نظره، فان هذا لن ينهي الصراع والمطالب. ولم يقل انه تنازل عن حقوق اللاجئين، فما الذي يمكن الاتفاق معه بشأنه؟ انه شريك للنقاش، شريك لادارة الصراع. الجاب الثاني لا يعتقد ان خطوط 67 هي النهاية، ولم يقولوا ذلك بتاتا. بالنسبة لهم هذه مرحلة، وما يشغلهم في الواقع هو ليس اقامة دولة، وانما تدمير الدولة اليهودية وعدم السماح بوجودها. يجب معرفة كيفية ادارة هذا الصراع بدون أوهام".

"لا يوجد تجميد للبناء في المستوطنات"

وتطرق يعلون خلال اللقاء الى الاحتجاج الأمريكي والاوروبي على البناء وراء الخط الأخضر، ويدعي ان هذا الاحتجاج قاد الى سياسة كبح تصاريح البناء في الضفة. لكنه ينفي ان تكون هناك سياسة لتجميد البناء في المستوطنات، واعتبرها مجرد "تأخير في الاعلان عن خطوات التنظيم والبناء بسبب الحساسية". وقال انه "من هذه الناحية يجب التعامل بحكمة وعدم تعريض انفسنا الى قرارات دولية صعبة ستجعلنا نندم لاحقا على وصولنا الى هذه الزوايا".

"مقتنع اخلاقيا بقرارات الحرب بل وحتى قتل المدنيين"

وبشأن عدم اتخاذ قرار بتدمير حماس خلال الحرب الأخيرة واحتلال غزة، قال يعلون انه مقتنع اخلاقيا بالقرارات التي تم اتخاذها، بما في ذلك القرار المتعلق باصابة المدنيين في البيت الذي تواجد فيه محمد ضيف. وبشأن احتلال غزة قال انه لو فعلت اسرائيل ذلك لكانت تواصل حتى اليوم دفن ضحاياها.

ولا يخيف يعلون الخلاف مع الادارة الامريكية حول المسائل السياسية الملحة – ايران، الفلسطينيين وبقية قضايا الشرق الاوسط. ويقول "ان الخلافات تنبع عن الفارق في المفاهيم والآراء، وعن كونهم ينظرون الى الامور من هناك بينما ننظر اليها نحن من هنا. ولكن مقابل الولايات المتحدة هناك الكثير من المصالح المشتركة التي تتغلب على الخلافات".

"اسرائيل تكتفي بالتفاهمات الولية مع حماس"

ويكشف يعلون في اللقاء الذي اجرته معه "هآرتس" حقيقة التوجه الإسرائيلي الى محادثات القاهرة حول وقف اطلاق النار الدائم مع قطاع غزة، ويقول انه ليس مقتنعا بأن الاتصالات غير المباشرة مع حماس ستؤول الى اتفاق مفصل لوقف اطلاق النار. وبالنسبة لإسرائيل، يضيف: "تكفي المبادئ التي تم الاتفاق عليها في نهاية آب، بإضافة بعض التفاهمات التي توصلت اليها الامم المتحدة والفلسطينيين بشأن ادخال البضائع والاموال تحت اشراف دولي.

ويعتقد يعلون ان جوهر الأمور يكمن في التنسيق السياسي – الأمني مع مصر، والذي يسمح الى حد كبير بتقييد مساعي حماس الى التسلح. ويقول: "منذ سنة لم يصل أي صاروخ من سيناء الى غزة، لأن مصر بدأت العمل بشكل فاعل. كما اننا نحن والمصريين اوقفنا دخول الاسمنت الى القطاع، قبل فترة طويلة من الحرب، لأنه تم استخدامه لبناء الأنفاق."

"الميناء والمطار احلام خيالية"

وحسب يعلون فان الترتيبات الجديدة ستتيح للغزيين الحياة، ويقول "لقد بدأ تحويل الأموال ووسائل الترميم الى القطاع. ولكن انشاء ميناء بحري ومطار ليست إلا مجرد احلام خيالية. يمكن مناقشة ذلك في القاهرة ولكن حتى حماس تفهم بأن هذه الأمور ليست مطروحة على جدول اعمالنا او اعمال السلطة الفلسطينية ومصر".

ويرى يعلون ان إسرائيل عالقة في منطقة معادية وعليها المناورة داخلها بتعنت، ولكن بحذر. ولا يرى أي سبب للتأثر.

"بيت العنكبوت ليس قائما"

في رده على سؤال حول ما تعلمه حزب الله والتنظيمات الأخرى من الحرب في غزة؟ هو "اولا ان مسالة بيت العنكبوت ليست قائمة". ويقصد يعلون في ذلك ما جاء في خطاب الشيخ حسن نصرالله في ايار 2000، بعد عدة ايام من الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان. حيث قال نصرالله ان "اسرائيل أشد وهنا من بيت العنكبوت".

ويقول يعلون: "لقد كان ذلك الخطاب يلخص سنوات التسعينيات، ولكن الامور تغيرت منذ ذلك الوقت. فبعدها جاءت عملية السور الواقي في عام 2002 ومن ثم العمليات في غزة، وصولا الى الجرف الصامد في الصيف الماضي. هذا توجه مختلف واصرار مختلف".

ولا يشعر يعلون بالرضا لكون الجرف الصامد استغرقت 50 يوما، ولكنه يقول "ان العرب تعلموا بأن اسرائيل، خلافا لبعض توقعاتهم، يمكنها الصمود حتى في الاستنزاف، وهي تدافع عن نفسها وتجبي الثمن الباهظ من اعدائها".

ويعترف يعلون انه "يمكن لحزب الله ان يكون قد راكم الثقة بالنفس بشكل يفوق ما نسبناه اليه". ويقول: "ان حزب الله يحاول ترسيخ معادلة ردع جديدة على الحدود السورية واللبنانية، يقوم في اطارها بالرد على كل خطوة عسكرية ينسبها الى اسرائيل، من خلال شن هجمات على أراضينا". ويضيف: "نحن أمام انقلاب بالمقارنة مع السابق. ففي السابق كان الجيش السوري يقوم بتفعيل حزب الله كي يضربنا في جنوب لبنان دون ان نتمكن من اتهامه بالمسؤولية المباشرة، والآن يعمل حزب الله بالطريقة ذاتها في هضبة الجولان".

تنسب اسرائيل الى الميليشيات المرتبطة بالنظام السوري عدة عمليات وقعت في الجولان خلال السنة الأخيرة، كزرع الغام واطلاق صواريخ، ولكنها تعتبر هذه الميليشيات تعمل بالهام من حزب الله والحرس الثوري الايراني. ويؤكد يعلون ان "العملية الأخيرة التي نفذها حزب الله كانت طموحة"، ولكنه يستبعد امكانية كون الاستخبارات الإسرائيلية تقلل من قوة نوايا التنظيم الذي يبدو انه كان على استعداد للمخاطرة بالتصعيد لو نجحت خطته بقتل عدد كبير من الجنود من خلال تفعيل العبوات.

ويقول يعلون "ان حزب الله يرسل قواته الى العراق وسوريا بغير رغبة منه، وانما بإملاء من ايران. كما يغوص التنظيم الشيعي في الحرب الداخلية امام الفصائل السنية المتطرفة، في البقاع اللبناني. ولديه ضوائق اخرى باستثناء التوتر مع اسرائيل". ويضيف "ان الاحداث معنا لا تثبت ان حزب الله يتجه نحو التصعيد، لقد قمنا بالرد بقوة ستجعل حزب الله يفكر ثانية قبل ان يمضي نحو التصعيد".

وحسب يعلون فان "المعارك في لبنان اندلعت بتأثير من الحرب الأهلية في سوريا. فالرئيس الأسد يسيطر على 25% فقط من اراضي الدولة. هذه ليست سوريا، وانما دولة علويستان – مدن الساحل الشمالي والمنطقة التي تربطها بدمشق. فالمتمردين يسلبونه السيطرة على الحدود معنا في الجولان. وشرق الدولة تسيطر عليه داعش، وشمال شرق سوريا يخضع للحكم الذاتي الكردي".

ويشعر يعلون بالقلق ازاء دخول تنظيمات سنية متطرفة تتماهى مع القاعدة، كجبة النصرة، الى الجولان السوري، ولكنه يعتقد حاليا ان الوضع يخضع للسيطرة: "من الواضح غياب الاستقرار هناك ولكن ميليشيات معتدلة اكثر، كالجيش السوري الحر هي التي تسيطر على المناطق المتاخمة للحدود. وليس سرا انها تتمتع بالدعم الانساني الذي نقدمه لسكان القرى في المنطقة، العلاج الطبي في مستشفياتنا، والغذاء للأطفال، ووسائل التدفئة في الشتاء. وهذا يحدث بشرط ان لا تسمح للتنظيمات المتطرفة بالوصول الى الحدود".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]