شاركت جلالة الملكة رانيا العبدالله ألاسبوع الماضي في مؤتمر «الاستثمار في المستقبل - حماية الأطفال اللاجئين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا» الذي ينظم للمرة الأولى في المنطقة، ويقام في إمارة الشارقة تحت رعاية سمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة.

وألقت جلالتها كلمة رئيسة خلال الافتتاح، أكدت فيها أن كارثة اللاجئين تعتبر من أعظم الكوارث الانسانية، مشيرة الى أن الجميع يدرك حجمها وقوة صفعتها على وجه إنسانيتنا.

وخلال المؤتمر الذي جاء بدعوة من قرينة سمو حاكم الشارقة، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، المناصرة البارزة للأطفال اللاجئين في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وحضورها، قالت جلالتها: «نعلم أن الجميع يحاولون مساعدة اللاجئين والوقوف إلى جانبهم في محنتهم، لكن الكوارث الإنسانية تحتاج إلى جهود كل الناس».

وأضافت «الاقتلاع من الوطن..

يخلق واقعاً جديداً فالدنيا صغيرة عندما ننظر إليها ونحن آمنين، لكنها موحشة وكبيرة وغريبة لمن لا يعيش في أمان، حين يخرج الإنسان من وطنه قسراً، ينتقل من كونه ملكاً في بيته، إلى كونه رقماً.

بالرقم يأكل وبالرقم يسكن وبالرقم يعيش».

وقالت جلالتها «في الأردن كثافة اللجوء السوري تشكل تحدياً كبيراً لنا خاصة في المجتمعات المحلية المستضيفة، هناك أكثر من مليون سوري في الأردن، منهم 613 ألفاً فقط مسجلين في الوثائق والسجلات». وأضافت «الأردن صغير بحجمه إلا أنه كبير في انتمائه القومي والإنساني..
والبركة المطروحة في أرضه، والشهامة الأردنية لا تقبل الذل والمعاناة والتشرد لأي عربي».

واشارت الى ان «العالم منذ عقود يعرف جيداً أن بإمكانه الإعتماد على الأردن في المواقف الإنسانية الصعبة، وعلى العالم دور كبير في مساندة جميع الدول الحاضنة والمستضيفة للاجئين، لأن في هذا إستقرار لمنطقتنا».

وفي حديثها عما يقدم للاجئين قالت جلالتها: «هناك عجز واضح في العطاء الإنساني فالاحتياجات لتخفيف المصائب والمحن تفوق ما يقدم بكثير.
تقديرات الأمم المتحدة لحاجة الدول المستضيفة للاجئين السوريين تتجاوز ثلاثة مليارات دولار لتغطية نفقات احتضان اللاجئين في عام 2014! ولم يتبق من عامنا هذا سوى شهرين! ولم يتم تأمين سوى 50 بالمائة من هذا الرقم».

واكدت جلالتها ان هذه الأرقام تغطي نفقات اللاجئين المسجلين وليس كلفة استضافة النازحين ككل. فالعائلة النازحة والعائلة المواطنة التي تشاركت معها في مواردها الشحيحة من مياه وطاقة وكهرباء، والطفل الذي ترك مدرسته وبيته ووطنه والطفل الذي اكتظ صفه وتقاسم عطاء معلمه ووقت حصته الدراسية. كلهم بحاجة للدعم، لئلا يشعر أي منهم بالقهر. وحول الظروف التي يتحملها الاطفال اللاجئون السوريون، قالت جلالتها «ثلاثة أعوام إنطوت وطفولة اللاجئين تمضي، وللطفل ثلاثة أعوام هي عمر»، مبينة ان الحياة صدمتهم بقسوتها وإجحافها في حقهم، وأثقلت أعوامهم الصغيرة بهموم وتراكمات ندوب جسدية ونفسية.

وتساءلت جلالتها «أية طفولة وأي مستقبل ينتظر الأطفال في أوطاننا العربية الممزقة؟ وهل سنرضى لهؤلاء الأطفال..
للملايين من هذا الجيل أن يكبروا وهم يعتقدون أننا رأينا حالهم والفراغ في مستقبلهم، ولم نفعل شيئاً؟» وقالت جلالتها هناك مئات الآلاف من الأطفال العرب خارج المدارس بسبب النزاعات، وأثمن ما قد نقدمه لهؤلاء الأطفال هو تعليم يقيهم ذل الضياع، حتى لا تقعدهم دوامة اللجوء عن بناء حياة ملكهم.

وأضافت واجبنا هو أن نؤمن لهم تعليماً يرون من خلاله مستقبلهم...

تعليماً يخرج بخيالهم وطموحهم من الشتات إلى عالم لهم فيه دور.

فحين ينقشع غبار الحرب سيبدأ أطفال وشباب اليوم بالعودة لأوطانهم، ولكي يبنوا وطناً ينعمون فيه بالأمن والاستقرار...
يجب أن نعلمهم اليوم.
التعليم هو أداتهم لإعادة بناء أنفسهم وإعادة إعمار أوطانهم.

وأكدت جلالتها ان إغاثتهم وتمكينهم من العيش مسؤولية كل شخص خارج تلك الدوامة، لا عطفاً بل واجباً إنسانياً.

وقدمت جلالتها الشكر لدولة الإمارات العربية المتحدة ولإمارة الشارقة وسمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي وسمو الشيخة جواهر القاسمي وللمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين على عقد وتنظيم هذا المؤتمر الذي يأتي في الوقت المناسب لحشد الجهود لدعم ومساندة اللاجئين. وكان صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، حاكم الشارقة قد افتتح المؤتمر بكلمة قال فيها: «للأسف الشديد ونظراً للظروف المختلفة والمتغيّرة التي تحيط بالعديد من بلاد العالم وخاصة منطقتنا في السنوات الأخيرة نجد أمامنا الآن ملايين الأطفال واليافعين والنساء...

في حالة مأساوية قاسية نزحوا من ديارهم هاربين من أهوال الصراعات والنزاعات المسلّحة التي تدمر بدون تمييز كل ما هو أمامها من بشر وممتلكات ويتجاهل منفذوها ما تنادي به الأديان السماوية كلها، وكل ما تحتويه التشريعات والقوانين المحلية والمواثيق الدولية من الحقوق الأساسية».

وأشاد سموه بالجهود التي بذلتها دول جوار مناطق الصراع وبعض الدول الاخرى والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسف»، والمنظمات المعنية بجامعة الدول العربية وبعض مؤسسات المجتمع المدني كل في مجاله.

وأضاف سموه: «لقد تبين جلياً من خلال الممارسات الفعلية في أماكن تجمع اللاجئين والنازحين الحاجة الملحة لزيادة ودعم التعاون بين جميع المشاركين في تقديم الحماية والرعاية الشاملة وخاصة في مجالي الصحة والتعليم داخل وخارج المخيمات لتعظيم الاستفادة من الجهود المبذولة ولتأهيل الاطفال واليافعين لمستقبل أفضل باذن الله».

ويشارك في المؤتمر وفد رسمي اردني يضم: وزيرة التنمية الاجتماعية ريم ابو حسان وممثلين عن الجهات ذات العلاقة بشؤون اللاجئين في الاردن، حيث سيقدم الوفد اوراق عمل عن الجهود التي يقدمها الاردن للاجئين.

وسيناقش المؤتمر آليات حماية الأطفال واليافعين اللاجئين، وضمان حقوقهم خاصة في العيش والتعلم.
إضافة إلى مناقشة دور العائلة والمجتمع في حماية الأطفال اللاجئين، ودور القطاع الخاص والإعلام في توفير الدعم والحماية للأطفال.

 

أحببت الخبر ؟ شارك اصحابك


 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]