استفزتني جداً تلك الحملة المبرمجة التي شنّها مجموعة من روّاد مواقع التواصل الاجتماعي الباحثين عن الضجة والـ "شوشرة" الالكترونية ضد النجمة الفلسطينية منال موسى التي تسعى وراء تحقيق حلم راودها منذ الطفولة، حيث بدأت بنثر تلك الحبوب في ارض خصبة وتسعى لحصدها بعد انتهاء برنامج "اراب أيدول".

ان نقوم بمحاربة أي شخص ناجح او يسعى للنجاح في أي مجال ما هذا ليس بالغريب عن شريحة كبيرة من مجتمعنا وهنا لا أعمّم، فعلى سبيل المثال إذا كان شخص ما يملك الكثير من المال فالسؤال الاول يكون "من اين له هذا؟؟" ،وبالمقابل نكون على علم انه يعمل ليل نهار من اجل العيش الكريم.. ومطرب معيّن قد حققت اغنياته نسبة مشاهدة عالية جداً عبر موقع "يوتيوب" الادّعاء الأول يكون "اكيد بيشتري مشاهدات"، واذا فلان حصل على منصب اداري معيّن نقول "اكيد واسطة!!"، وتماماً هذا هو الحال اليوم مع الفنانة منال موسى ابنة دير الأسد فبعد ان اثبتت وجودها في اضخم برنامج للهواة في العالم العربي "اراب أيدول" اصبح يبحث البعض عن الادوات التي يريدون ان يحاربونها من خلالها ليس لأي سبب يُذكر سوى انها ذكية في اختياراتها وبدأ نجمها يلمع.

فتارة يُقال انها تتسلّق على اكتاف القضية الفلسطينية وتارةً اخرى ان صوتها سيء ويخرج من انفها وأخيراً الادعاء الذي كان بمثابة "القشة التي كسرت ظهر البعير" انها خدمت في صفوف الجيش الاسرائيلي او قامت بالخدمة المدنية.

فاذا بدأنا بتحليل الادّعاء الأول والذي يقول انها متسلّقة على اكتاف القضية الفلسطينية، هل يعني انها اذا قدمت اغنيات من التراث الفلسطيني اصبحت متسلقة؟ وهل اذا ارتدت الثوب الفلسطيني اصبحت متسلّقة؟؟ وهل اذا بكت اصبحت "ممثلة بارعة"؟؟، لماذا عندما قدّم محبوب العرب محمد عسّاف "علّي الكوفية" و "يا طير الطاير" احببناها واصبحنا نرددها ونسمعها في سياراتنا واعراسنا واصبحت "ماركة مسجّلة" على اسمه ولم نعتبرها تسلّق، هل هو كان اصدق بالتعبير عن قضيته من منال؟ ام لأنه يُعاني الاحتلال جغرافياً؟.

صحيح ان منال من قرية دير الاسد الجليلية ولكنها هي الاخرى تعاني الاحتلال الفكري والثقافي والفني والذي يُعتبر بنفس صعوبة الاحتلال الجغرافي والدليل على ذلك كم اخذ معها من الوقت للانكشاف نحو العالم العربي وتحقيق حلمها مع العلم انها تغني منذ سنوات، واذا نظرنا لسيرتها الذاتية الفنية منذ خمس سنوات عبر موقع "يوتيوب" الى حد الآن نرى انها متّبعة هذا اللون وتغنيه منذ بداياتها الفنية.

امّا بالنسبة للادّعاء الثاني وهو ان صوتها سيء ويخرج من أنفها، لا اعتقد اننا نفهم في هذا الشقّ الفني والموسيقي اكثر من الخبراء امثال حسن الشافعي والذي يعتبر ان صوتها نادر ومميّز وأنها تملك هوية فنية خاصة بها، وإذا كان صوتها سيء بالفعل كيف وصلت الى هذه المراحل المتقدّمة من البرنامج ودائما يكون الجمهور هو من يضعها في برّ الامان، ولنفرض ان صوتها سيء كيف وصلت للمرحلة النهائية وحصلت على المرتبة الثانية في برنامج "نيو ستار"؟!

وامّا اذا اخذنا الادعاء الثالث وهو انها "خدمت في صفوف الجيش الاسرائيلي او قدّمت الخدمة المدنية" كمّا ادّعت مجموعة من مطلقي الشائعات والذين لا افهم نواياهم الى حدّ الآن، هل من دليل ووثائق على هذا الكلام الخطير؟! ومن اين أتيتم بهذه المعلومات؟! ولنفرض انها فعلاً قامت بالخدمة المدنية أهذه الزوبعة التي افتعلتموها على مواقع التواصل الاجتماعي ليست بمزاودة وتسلّق على القضية الفلسطينية؟ "الله يعينك يا قضيتنا"..

منال وبعد ان طفح الكيل بالنسبة لها قامت يوم امس بالتعليق على الموضوع عبر حسابها الخاص على "فيسبوك" وكتبت :

" مسا الخير وارجو النشر ..السرطان مش مرض والطاعون مش مرض المرض موجود داخل بعض العقول ..واعتذر اني بقول هالكلام بس صار لازم احكي وطبعا الكلام موجه لفئة معينه من الناس وليس للجميع...المرض في عقول البعض في لقلوب السوداء!!!لشو كل هالحقد؟؟ صرلي 3 سنين اعمل فيديوهات تراث فلسطيني مجانا بلا ولا قرش ..عروض تراث فلسطيني مجانا ولا قرش..حملات إغاثة وتبرعات وأعمال خيريه وهذا ليس معروف هذا واجبي كفلسطينييه بس السؤال وين كانت الآراء والصحافه لما عملت كل هاذ؟؟؟؟بتحكو عصوره انا وهيثم وعضو الكنيست؟؟؟ وين كانو الناس لما اتوقفنا بسجن كيشون وضلينا من تحقيق لتحقيق عالشارع مين وقف معنا??!!! كل هاذ عشان بدنا نوصل حلمنا نمثل بلدنا...بحقلناش؟؟ مثلنا مثل غيرنا،؟؟؟لك بتنزلو مقالات اني خدمت بالجيش،؟؟؟ يا عيب الشووم!! بتنزلو انو ابوي عسكري بالجيش....ولكو ابوي زلمه عقد حالو عمرو 55 سنه...إنهد حيلو وهو يشتغل ويتعب عشان يعلم بناتوو ابوي اللي مبكيش عموت أمو لانو دمعتو غاليه...بحياتي ماشفت دمعه ابوي إلا بحرب غزه !!!! بحياتها امي ما سمعت صوت بكاها وسهرها للصبح الا عقناه الاقصى وبحرب غزه!!!!!انا اللي غنيت ابكي وأصيح وبكيت من قلبي لاني شفت قدامي حي الشجاااااعيه....غنيت للوطن حكو ستغليت القضيه غنيت طرب حكيتو اني ناسيه القضيه ...طول عمري أغني تراث ليش محدا كتب عني؟؟؟!!!!إن الله على ما أقوله شهيد...وحسبي الله ونعم الوكيل ...وبالنسبة للي عم بدعموني الله يقدرني أوقف حدكو بنجاحكو أسفه عالاطاله وارجو النشر"..

تأتي جميع هذه الادعاءات والاتهامات بدلاً من ان نقوم بتقديم الدعم لهذه الموهبة التي استطاعت ان تقدّم صورة اخرى عن الشعب ألفلسطيني وأذكر انها في احد التقارير المصوّرة قالت منال "نحن شعب يحب الفرح ولدينا مطربين وفنانين ومثقفين ولا نفهم فقط بالسياسة، نحن الشعب الفلسطيني نحب ان نعيش"، فهل هذه مكافأتها؟..

هل يحقّ لنا ان نتجاهل اجتهادها وتعبها وذكاءها الذي اوصلها الى ما هي عليه، وصدّقوني وصولها الى بيروت والى برنامج "اراب ايدول" لم يكن فقط بسبب الحظ وانما بفعل اجتهاد وتعب..

ومن لم يقتنع بموهبة منال الفنية بالتأكيد له حرية الرأي والتعبير ولكن بطريقة اخلاقية بعيدة عن التجريح وبعيدة عن الصاق التهم الخطيرة والعارية عن الصحة فبنهاية المطاف هي وصلت الى منبر هام والى برنامج يحقق اعلى نسبة مشاهدة في العالم العربي وتريد النجاح فلماذا نحن ضد ان تكون ذكية وحكيمة في اختياراتها ...

وبالنهاية هناك العديد من الاسئلة التي طرحتها عن منال وما زلت اتساءل بيني وبين نفسي لهذه الدرجة نحن شعب يحقد على الناجح؟ ومن اين هذا نابع هل من عقدة الاحتلال؟ ام عقدة الوصول والانكشاف على العالم العربي؟ او من ماذا؟؟

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]