من مغامرات "الليدي كولفيد" المنشورة في "يديعوت أحرنوت".

"أجرة الغرفة (2200) شيكل، والشريكة التي بقيت فيها غاية في اللطافة، والارنونا زهيدة، والغرفة مكيـّفة، وقد أجريت فيها ترميمات شاملة قبل سنة، وصاحب الشقة لا يتدخل، وممنوع ادخال الحيوانات إليها"...
باختصار ، هذا ما جرى لي خلال بحثي المنهك عن شقة في تل ابيب. ويعلم الجميع ان البحث عن شقة متغب ومرهق، غالبا ً ما تصادف أشخاصا ً عصبيّي المزاج، يعرضون الشقة بشكل سطحي، بكن حظي جلب لي جولة فريدة "واسعة النطاق" في احدى الشقق التي جئت لمشاهدتها.

كان ذلك في الصيف الماضي، إذ انتهت مدة عقد استئجاري لشقة في المركز الصاخب، وقررت التوجه الى المشاهد الخضراء في الشمال، بحثا ً عن شقة في "رمات أفيف".

بعد جولة منهكة مضنية، شاهدت خلالها شققا ً رهيبة الحال وباهظة الأجر وشركاء محتملين أقل ما يقال عنهم انهم غريبو الأطوار – جئت الى شقة مبهرة رائعة، وكان الأروع منها، ذلك الشاب الذي يصحبني في جولة بالشقة، شارحا ً مواصفاتها قبل ان يرحل: شرح لي عن غرف الشقة، وعن المطبخ المرمم، مزهوا ً بالغسالة والنشافة، وقلت لنفسي ان هذه هي الشقة التي كم كنت تواقة الى العيش فيها، وتمنّيت أن أخلق انطباعاً طيبا ً لدى المؤجّر، اكثر من باقي الراغبين بالاستئجار – ثم جلست مع الشاب لنستريح وندخّن.

شاب أصيل

"هل ترغبين في كأس من البيرة"؟ سألني فأجبت بابتسامة: بشرط ان تضمن لي ان الغرفة من نصيبي"، فقال: "على عاتقي". وانطلقنا الى الملهى الوحيد في "رمات افيف"، واحتسى كل منا كأسين من البيرة، ورحنا نتحدث عن الدراسة والموسيقى والكتب والعلاقات بين الناس. وسحرني محدّثي بكلامه، وبهرني التناقض في شخصيته، فقد أخبرني، من جهة، بأنه تعرّض للطعن يوم كان في الثامنة عشرة من عمره، وبأن أفضل كتاب قرأة هو "الشيخ والبحر" – من جهة أخرى. وأخبرني أيضا ً ان فريقه المفضل هو "بيتار يورشلايم" (القدس)، وانه مهتم بالفلسفة المعاصرة!

وقبل ان نغادر الملهى، سارع الى دفع الحساب، بنبل وشهامة، بعكس شباب تل ابيب!

عاريان في الفراش....

بعد مغادرتنا الملهى، تذكرت انني نسيت "الشال" في الشقة، فعدنا إليها. وقبل ان ندخل، فوجئت برفيقي يقبّل شفتي، قبلة طويلة "رطبة"، فلم اقاوم، بل راق لي الأمر وهيّجني، فدخلنا الشقة وسارعنا الى غرفة النوم لا نلوي على شيء، ووقعت عيناي على كتب الفلاسفة نيتشه، والبير كامي وجان بول سارتر، فزادني ذلك تهيجا ً وشبقا ً، ثم وجدنا نفسينا مضطجعين في الفراش عاريين يتصبب من العرق، وكلانا في قمة النشوة والمرح.

سألته: هل هذه أول مرة يحدث لك مثل هذا الأمر؟ فأجاب: إن كنت تقصدين ما اذا كنت اضاجع ضيفاتي في الشقة، فالجواب – كلا ّ، لكن يبدو لي الآن ان هذه طريقة جيدة.

وسأكررها. ضحكنا، وتخيلت كيف ستبدو شقتي هذه مستقبلا ً: أين سأضع جهاز التلفزيون، والكتب، والحاسوب، وكيف ستكون ملابسي مبعثرة ضائعة في الدواليب...

لم يكن من نصيبي ان استأجر الشقة، وفزت بدلا ً منها بشقة أجمل في نفس الحي، ولم تستمر علاقتي بذلك الشاب الرائع، لكن حدث ان التقينا بشكل عابر، هنا وهناك في أحد شوارع "رمات افيف"، فتبادلنا نظرات وابتسامات خجولة مرتكبة، وفي مخيلة كليـْنا مذاق تلك الليلة الحميمة الدافئة في المدينة الباردة!

أحببت الخبر ؟ شارك اصحابك
استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]